لماذا “جنيف – 2″؟

روزماري ديفيس: العربيةrzm

جاء البيان الختامي لاجتماع “لندن 11” واضحاً ببنوده التوافقية والمتمحورة حول مبدأ أساسي يكمن في أن السبيل الوحيد لإنهاء هذا الصراع ومعاناة المدنيين السوريين الأبرياء يكون عبر عملية انتقال سياسي في سوريا، ما يمثل مؤشراً على عزم المجموعة الأساسية من أصدقاء سوريا لأجل تحقيق ذلك، والبناء على ما تم إحرازه من تقدم دبلوماسي خلال اجتماع الأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي.

إن مجرد الجلوس على طاولة المفاوضات بين أفرقاء الصراع في سوريا هو خطوة أولى نحو تخفيف الاحتقان والتوتر، والتفكير بمستقبل السوريين عبر إقامة حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة همها الأول والأخير هو مصالح الشعب.

اجتماع “لندن 11” كان إيجابياً من ناحية الوضوح في الموقف المتراصف، بإجماع الدول الإحدى عشرة التي شاركت فيه، أكثر من أي وقت مضى، على التمهيد لـ “جنيف–2 ” بوجوب الدفع في اتجاه التوصل إلى صيغة جديدة للعملية الانتقالية الديمقراطية في سوريا، تنبثق عنها حكومة انتقالية توافقية، يتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية كما هو مبين في إعلان جنيف 2012. كما كان إيجابياً من ناحية الدعم السياسي والفني المكثف الذي تم الاتفاق على تقديمه للمعارضة المعتدلة بقيادة الائتلاف الوطني السوري.

بالرغم من التحديات الهائلة التي تواجه المعارضة السورية، ندعو الائتلاف الوطني للالتزام الكامل بمؤتمر جنيف-2 وأن يقود ويشكل نواة أي وفد معارض، حيث إن مؤتمر جنيف يشكل بارقة أمل للسوريين نحو مستقبل أفضل.

لم يكتفِ البيان الختامي بإعلان هذه المواقف فحسب، إذ كشف وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ عن حزمة جديدة من الدعم البريطاني الذي يشمل مساعدات كبيرة غير فتاكة للائتلاف الوطني.

وتجدر الإشارة أن المملكة المتحدة لم تتقاعس يوماً عن الوفاء بالتزاماتها ووعودها بتقديم أقصى مستويات الدعم غير الفتاك للمعارضة والذي بلغ أكثر من 20 مليون جنيه خلال العام الحالي.

بريطانيا كانت دوماً رأس الحربة في حشد المساعي الدبلوماسية الدولية نحو إنهاء الصراع في سوريا، فقد احتضنت قبل “لندن 11” مؤتمرات ولقاءات عدة لتذليل العقبات التي تقف في وجه انعقاد مؤتمر “جنيف-2” رغم رؤية الأسد القاتمة التي أفادت بأن عوامل نجاحه غير متوافرة، محاولاً ضرب كل تلك الجهود عرض الحائط. أضف إلى ذلك، الكم الهائل من المساعدات الإنسانية البارزة التي تقدمها المملكة المتحدة باستمرار للسوريين والتي ناهزت أكثر من نصف مليار دولار.

انعقاد جنيف 2، بحضور ممثلين للنظام السوري وللمعارضة المعتدلة على حد سواء، من شأنه أن يخدم مصلحة سوريا شعباً ودولة، سعياً للتوصل إلى حل بعيد عن الهيمنة التي يفرضها النظام من جهة والتهديد الذي تمثله الجماعات المتطرفة من جهة أخرى.

من دون حل تفاوضي وسياسي يمثل إرادة الشعب السوري بشكل ديمقراطي وغير طائفي، سيستمر أمد الصراع، وربما تتصاعد وتيرته ويصل إلى حائط مسدود، لا ورقة رابحة فيه لأي من الأطراف. فاستمرار الحرب لن يفضي في النهاية إلا إلى تقطيع أوصال الدولة وتفكيكها وتأزم الأوضاع الإنسانية فيها وفي دول الجوار.

ما يمكن أن يتمخض عن المؤتمر، هو التأسيس لحكومة انتقالية توافقية ذات صلاحيات كاملة، بعيدة عن التطرف، يتم تشكيلها بالتراضي بين كافة الأطراف، حيث لا دور للأسد فيها.

مؤتمر “جنيف- 2″ لن يكون مجرد حدث أو منصة لقاء لمدة يوم أو يومين ينتهي باتفاق معين. إنه بداية لـ”عملية سياسية” معقدة وصعبة. وبقدر ما هي صعبة، بقدر ما تشكل ضمانة لمستقبل آمن للسوريين.

* المتحدثة الرسمية باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

 
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.