منذ زمن بعيد وأنا أبحث عن إجابة السؤال: لماذا تقدم الغرب وتخلف العالم الإسلامي. تم طرح هذا السؤال مع بداية تأسيس المنظمات السياسية الإسلامية في القرن الماضي. في الوقت الذي انشغل فيه المسلمون في البحث عن إجابة هذا السؤال تزايدت الهوة الحضارية بينهم وبين الغرب بصورة مريعة بل وزادت الهوة الحضارية بينهم وبين كثير من شعوب شرق آسيا.
في ظني المشكلة لا تكمن في الإجابة بل في السؤال نفسه. هل هذا سؤال حقيقي أم سؤال إعلامي أم سؤال سياسي أم سؤال مضلل. هل ينطوي على شيء يمكن البحث فيه. من هو الغرب ومن هم المسلمون. هل السويد وأمريكا شيء واحد؟ هل الصومال وأفغانستان شيء واحد؟ هل القيم التي تنتظم المرأة الإندونيسية هي نفس القيم التي تنتظم المرأة السعودية؟. نفس السؤال يمكن طرحه لتحديد الفرق بين القيم الأمريكية والقيم السويدية. فسؤال لماذا تخلف المسلمون وتقدم الغرب مبني على افتراضات كثيرة لم يبحث فيها أصلا.
من أكد يوما أن المسلمين امة واحدة ومن قال أن الغرب امة واحدة. الشعوب الغربية هي ما يمكن أن نقول عنه العالم الأول. والمسلمون ينضوون تحت ما نسميه العالم الثالث. التخلف ليس وقفا على الشعوب المسلمة. يشاركهم فيه كثير من الشعوب الأفريقية وكثير من شعوب آسيا وامريكا الجنوبية غير المسلمة. عندما تقارن المسلمين بالغرب كأنك تقارن بين التفاحة والطاولة. لمجرد أن كليهما تنتهي بتاء التأنيث. تقارن ديناً بجغرافيا سياسية. يمكن أن يتسق السؤال لو أنه طرح على الشكل التالي: لماذا تقدمت الشعوب المسيحية وتخلفت الشعوب الإسلامية. هذا السؤال كسؤال يعتبر منطقيا لأنه يقارن اهل دين بأهل دين آخر، ولكنه من حيث المحتوى غير صحيح. ثمة شعوب مسيحية متخلفة. أمريكا الجنوبية والفلبين مثال. “السؤال لماذا طرح هذا السؤال الذي أبعدنا عن الرؤية الصحيحة للأمور” الجواب عليه يحتاج إلى قراءة خاصة ليس هذا وقتها.
إذا ابتعدت عن الكلام الفلسفي والأكاديمي وهبطنا إلى التجربة الشخصية استطيع أن أقول ان الفرق بين شعوب العالم الثالث والشعوب الغربية يكمن في قيم الحرية وسيادة القانون.
(نزكي لكم أيضا قراءة: لماذا تأخرنا وتطور الآخرون ؟)
عندما أراد الشعب الليبي اقتلاع القذافي احتاج إلى انهيار الدولة وحرب أهلية. عندما عبر الشعب البريطاني عن رفضه لخطة كاميرون اضطر كاميرون إلى الاستقالة وشال عفشه من نزل الحكومة على كتفه. كلا الحدثين اقتلاع القذافي واستقالة كاميرون لا علاقة لهما بالدين لا من بعيد ولا من قريب. عندما شال كاميرون عفشه من نزل الحكومة لم يأمره دينه بذلك. وصل للسلطة بالقانون وغادر بالقانون. القذافي بلغ السلطة بالقوة وغادرها بالقوة.
أعيش منذ خمس سنوات في كندا. لم أصادف أن سألني أي مسؤول عن جنسيتي أو ديني. كل اوراقي الرسمية مثل الرخصة لا يوجد فيها ما يشير إلى جنسيتي أو ديني. ما أن تطأ قدمك الأرض الكندية حتى تصبح إنساناً فقط. كل انتماءاتك العرقية أو الدينية أو الثقافية تخصك أنت ولا تخص الآخر بما فيها الدولة. ثمة قانون متعالٍ يضمن حرية الجميع وسلامة حقوقهم ومعتقداتهم. في العالم الثالث الأمر مختلف. لنأخذ الفلبين كمثال، عندما تسافر إلى تلك البلاد أول سؤال سيواجهك هل أنت مسيحي. إذا كانت الإجابة بنعم سيأتي السؤال: هل أنت كاثوليكي وإذا كانت الإجابة بنعم هل تتبع الكنيسة الرومانية أم الكلدانية وهكذا من تفريع إلى آخر في النهاية صايدينك صايدينك لا تحاول.
* نقلا عن “الرياض”
لاننا نتمسك بموانع الصاعقة… اسف اعني التفكير فوق رؤوسنا والدليل اننا نؤمن ايمانا راسخا وقويا ان
من أكد أن المسلمين امة واحدة على حد قولك الكريم، رغم تدمير بعضنا بعضا ورغم عدم وجود اية من مقومات الامة بيننا غير طريقة شطف مؤخراتنا بنفس الطريقة