انا مفطر رمضان, وبغض النظر عن كل شيء ظروفي الصحية لا تسمح لي بالصيام, وفي الشريعة الإسلامية هنالك قاعدة تقول:( إن الله يحبُ أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه.), بس الناس مش فهمانين شيء, المهم بدي أوكل وأشرب والجارات بفوتن على بيتنا زيارات عند زوجتي على شان يقتلن الوقت وليهزمن الشعور بالملل من طول النهار, وبنات الجيران بيجن يلعبن مع بناتي,فايتات طالعات,وطالعات فايتات, وزياراتهن مثل الغارات الجوية فجأة يدخلن وفجأة يخرجن وأنا في غرفة النوم مختبأ مع الكمبيوتر, بطالع عليه بعض الكتب وأحيانا أذا صحلي لقمة أكل شفلحة بوكلها عليه, والآن جعت جدا وبنات الجيران بغنن وبقولن: (يا صايم رمضان الله يعينك ويا مفطر رمضان يقطّع مصرينك), يعني منذ الطفولة نعلم الأطفال على الإرهاب,والتدخل بخصوصيات الناس.
طبعا كل أولاد الحارة بعرفوا إني بصومش,بس مش من خلالي,طبعا من خلال أهاليهم لأني أصلا ما بوكلش قدامهم احتراما لمشاعرهم واحتراما لحرمة باب الحارة والشارع, علما أنهم لا يراعون طوال السنة مشاعري مطلقا, وشو بدنا بطولة السيرة هسع كيف بدي أتسلل من غرفة نومي إلى المطبخ؟ واحد 1 من 2,إما أن أذهب للمطبخ وإما أن يأتي المطبخ إلى غرفة نومي, وطبعا كله مثل الحراميه,وتصنيفي في رمضان حرامي أدوات منزلية, أي شيء داخل المنزل يؤكل أو يُشرب على طول بحكي لبنتي الصغيره هاتيه وجيبيه,ومن هون ليجي وقت الأفطار بتكون نصف أدوات المطبخ في غرفة نومي على طاولة الكمبيوتر.
وجارتنا وزوجتي صايمات وقاعدات بالصالون,وأنا كيف بدي افوت على المطبخ؟ زوجتي منعتني من احضار الماء والمرور بها من المطبخ إلى الصالون إلى غرفة نومي, قال ليش؟ خايفه من انتقادات الناس,وخايفه الاطفال يصيروا يتهكموا على شخصي وما بدهاش أصير أرغوز الحارة, بس عن جد يا جماعة الخير جوعان وجسمي برج وعطشان وبدي ماء+ قهوه+أي شيء آكله, بالنهاية ضغطت مرتي وقلتلها: دبري حالك يلله بدي أوكل, قالت: اسمع,افتح شباك غرفة النوم وهسع بخلي بنتك تجيبلك كل شيء من الشباك الغربي تبع الحاكوره, قلت ماشي.
حاولت أفتح الشباك والشباك دقّر ما بدهوش يفتح, صرت ألاخم فيه وأضرب فيه يمين بشمال حتى خلعته بالضربة القاضية, وصرت أتخيل بحالي إني حرامي وجاي أسرق دار الجيران وأفراد عصابتي مكونة من زوجتي وبناتي ال3, لما خلعت الشباك كان خلف الشباك مُنخل خفيف, كمان هاظا دقّر وما قبلش يفتح, أجيت ضربته بالسكينه وشقيته نصين, بعد ذلك صارت أدوات المطبخ تتهرب أولا بأول من خلال باب المطبخ إلى الحاكورة ومن الحاكورة إلى شباك غرفة النوم, ومش بس صرت أتخيل بحالي حرامي جاي يسرق الدار,لا, صرت كمان أتخيل حالي بهرب بحشيشة ومخدرات.
صارت مرتي تلف من وراء الدار وتناديني بصوت خافت جدا عشان ما يسمعهاش حد من الجيران:…جهادْ…..جهادْ.. وأنا أقول بصوت خافت: مين…مينْ, عن جد إشي بفرط من الضحك صرنا مثل الحراميه.., فترد قائلة: بسرعه….بسرعه…بسرعه قبل ما حد يشوف: هاك الشاي هاك القهوه…هاك قنينة المي, هاك الرز…..هاك البيض هاك خذ الخبز, وأنا أشيل وأحط على طاولة الكمبيوتر وإشي أحشيه تحت التخت حتى صار شكل غرفة النوم مثل المزبله…
وتناولني أدوات الأكل والشرب,وكل شوي بتطق لي على الشباك على شان أزيح البرداية وأطل أولا راسي من الشباك وأنظر وأراقب شبابيك الجيران خوفا من أن يرانا أحد وعندما أتأكد من خلو شبابيك الجيران من المراقبين والمتطفلين أمد يدي وأخطف ما تحضره لي ابنتي بسرعة البرق, وبعدين عشان المنخل اللي سطحته بالسكين والشباك المخلوع يدي اليمنى ويدي اليسرى الآن كلها مهبشة ومجروحة جراء عمليات التهريب والمراوغة.
وطول النهار كل يوم على نفس السولافه وإذا بدي شيء بطق على باب الغرفة وبعد لحظات تبدأ عمليات السطو على المطبخ وتهريب الأطعمة منه إلى الحاكورة ومن الحاكورة إلى شباك غرفة نومي وكل شوي بجاوبها وبطقلها عالباب,حاسس حالي زي اللي قاعد بسرق بشقة جيرانهم, لحد الآن 3 ملاعق تم تهريبهن من الشباك و4زجاجات ماء وصحن بيض مسلوق والقهوه والشنينة,حتى في بيتي لاتوجد حرية,مش باقي غير أسرق جرة الغاز,أو التلفزيون.
طول عمرها لقمة الخبز متغلب فيها, مره بنصير شحادين على شان نوكلها ومره بنكون أنصاف شحادين, بس بالنهايه اللقمة صعبة جدا على رجل مثلي فقد توازنه ومصدر رزقه أكثر من 20 مرة في حياته, مره بتكون برمضان تحت الحراسة المتشددة ومره بتكون بالاستدانة من المحلات التجارية والدكاكين, وكمان لما بروح على الدار أحيانا بنط عن السور عشان ما حداش يشوفني من المطالبين بديونهم, وفي مين يقبل يدايني وفيه هنالك من يرفض, لقمة الخبز قولات أمي الله يرحمها 🙁 لُقمه مغمسه بالدم).
حلوه، بارك الله في افطارك.الصادق المفطر افضل مئه مره من الصائم المفعوص بالكذب والجهل واللؤم واللعنه والهمجيه وهم بالالاف حواليك.