مارثا فرنسيس
لقطة- 1-
امرأة تسير خلف زوجها وتحمل على ذراعها طفلاً لايتعدى عمره عاماً أو ربما أكثر قليلاً وفي اليد الأخرى تحمل شنطة كبيرة بدت ثقيلة ، فكانت تمشي خطوات وتقف تسند الشنطة وتبدل حمل الطفل على ذراعها الآخر والشنطة باليد الأخرى وهكذا… أما الزوج المبجل فهو يسير أمامها بمسافة أربعة أو خمسة امتار غير منتبه أو مهتم بهذه المرأة وأنفاسها اللاهثة من التعب بينما يتصبب وجهها عرقاً ولا تستطيع حتى أن تجففه فهي تملك ذراعان فقط!! ، نظر الرجل الشهم للوراء وصرخ بأعلى صوته معنفاً زوجته (ماتمدي شوية )!
لقطة -2 –
حدث خلاف بين مهندس مصري وبين زوجته التي يحبها من كل القلب ،و لعل أصعب مافي هذا الخلاف انه حدث أمام بعض الأصدقاء فكانت الإساءة لها شديدة والجرح عميق ، ندم الزوج و فكر كيف يعتذر لها ، هل يرسل لها باقة ورد ؟ أراد ان يبتكر طريقة جديدة تعبر عن ندمه وطلبه لغفران حبيبة قلبه عما سببه لها من إساءة ، شارك بعض أصدقائه من ذوي موهبة العزف على بعض الآلات الموسيقية، أتوا ووقفوا اسفل العمارة التي يقع بها منزل الزوجية، وعلق لافتة كبيرة بخط عريض جداً بحيث تستطيع زوجته رؤيتها إذا أطلت من الشرفة،كتب عليها آسف سامحيني ، مع بعض باقات الورد الرائعة ، نظرت الزوجة من شرفة منزلها لتعرف سبب الضوضاء ، لم تصدق عيناها ، موسيقى ، ورد ، لافتة عليها اعتذار لطيف بإسمها ، بكت من التأثر وقبلت الإعتذار الجميل ، الإعتذار قوة وليس ضعف ،وجميل ان نبتكر طرق جديدة للإعتذار بين الزوجين وايضاً بين الأصدقاء .تُعتبر حالة فريدة في المجتمع المصري وأتمنى ألا تكون الأخيرة
لقطة -3-
أم تمسك بيدها طفلتها التي تبدو في التاسعة أو العاشرة على الأكثر من العمر ، هذه الصغيرة المحجبة والتي اختفت كل معالم طفولتها ، تجرها الأم ذات الطول والعرض و الإرتفاع بعنف ،خطوات الأم واسعة جداً بالنسبة للصغيرة ، فالأم تمشي والطفلة تجري وتتعثر في جلباب طويل وتمسك الأم بل تعصر بيدها كف الفتاة الرقيق عصراً، وفجأة تعثرت الطفلة ووقعت على الأرض التفتت اليها الأم صارخة (مش تاخدي بالك ؟) وانهال كف يد هذه الأم على خد الصبية بكل قسوة وبكل همجية ، وبقدر ماكانت الصفعة قوية ومؤلمة تلفتت الفتاة، بعيون غارقة في انهار من الدموع لتلمح بطرف عينها من الذي شاهد هذه الإهانة التي تعرضت لها بدون ذنب او سبب تستحق الطفلة من أجله هذه الإهانة.
لقطة – 4-
عائلة تقضي أجازتها على شاطئ البحر؛ الجد المسن وزوجته وابنتهما وأولادها ، رغبة في الإستمتاع بالهدوء والإستجمام ،أمامهم مركب صغير يؤجره شابين لمن يريد التنزه في البحر ،وفجأة قطع الهدوء صوت مقرئ صادر من المركب (كاسيت ) يتلو القرآن ، وبأعلى صوت للسماعات على الشاطئ الهادئ ، لم يتحمل الجد المسن كل هذا خاصة وقد استيقظ حفيده ذو العامين فزعاً ، بعد أن كان مستغرقاً في نوم عميق على ذراع أمه
فقام بخطوات بطيئة ثقيلة يطلب من الشابين اخفاض الصوت قليلاً فهو مُسن ومريض ولا يفترض في المكان الذي يأتي اليه الناس للإستجمام أن يكون بهذا الإزعاج ، وكأن الرجل تخطى الحدود والمسموح فقد انهال عليه الشابين (الصائمين ) بكل انواع السباب والشتائم ، كيف يطلب هذا الطلب الحرام ، وكادا أن يعتديا عليه بالضرب لولا تدخل الآخرين الذين شهدوا أن الشيخ المسن لم يخطئ وأن الصوت كان عالياً بشكل مستفز ،ورحل الرجل من المكان آسفاً نادماً على المطالبة بحقه في الهدوء والراحة والإستجمام ،لم تكن المشكلة انه قرآن أو حتى اغاني ولكن المشكلة في مصادرة حرية الاخرين وحقهم في الإستمتاع بطريقتهم (حدث في رمضان).
لقطة -5 –
ماالذي يجول بخاطرك عندما تقرأ هذه الإحصائيات:
*إذا كان لديك طعام في بيتك وملابس في دولابك وتنام تحت سقف مكان مخصص للنوم فأنت أفضل من 75% من سكان العالم
*إن لم تذق خطورة الحرب أو وحدة السجن أو عذاب المجاعة فأنت أفضل من 500 مليون شخص على مستوى العالم تعرضوا لواحدة أو أكثر من هؤلاء الثلاثة .
*إن كنت قادراً على الضغط على الماوس في الكمبيوتر فانت أفضل من 700 مليون معاق على مستوى العالم يحتاجون لمن يساعدهم في القيام بأبسط الأمور الشخصية.
لم أندم فقط على كل لحظة تذمر أو عدم رضا مرت في سنين عمري التي مضت عند مواجهة أي ظروف مهما كانت صعوبتها قدر ندمي بعد قراءتي لهذه الأرقام، لإكتفائي قبلاً بدور المتفرجة ، بل أصبح السؤال المُلح داخلي ماهو دوري ؟؟ هل يكفي أن أشكر الله وأشعر بالرضا إني أفضل منهم ؟ هل يكفي حتى أن أصلي من أجلهم ؟ كيف أكون إيجابية تجاه ماقرأت ؟؟
لقطة -6-
حياتي دقائق معدودة , لكنها حافلة بأحداث كثيرة فكل شعاع يحوي فضيلة
تعلمت أنه … إذا لم تذب حياتي من أجل الغير فلن أضئ أبداً
تعلمت أنه… إذا أسلمت جسدي حتى أحترق بدون فتيل يضرم نار المحبة فلن أنتفع شيئاً
أصبحت افرح عندما يقترب عود الثقاب من فتيلي
فما فائدتي و أنا في خبايا الدرج في غلاف أنيق بينما الظلام يلف المكان من حولي
فلا تلم الليل ففيه تضئ الشمعة بأكثر قوة ،بل أنه لولا الظلام مااستطعت رؤية الفجر والنور . أنا الشمعة أحترق و بانتهاء حياتي يكتمل انتصاري .( اعترافات شمعة ).
لقطة-7-
طفلة تسير مع امها و تمسك بيدها ، وفي اليد الأخرى تمسك ( سندويتش) تأكله اثناء هذه التمشية ، لمحت الطفلة طفلاً ( من المشردين المتسولين ) يقترب منها وينظر الى السندويتش وكأنه لم ير مثله من قبل ، نظرت إليه الطفلة في نظرات تحمل معاني الإشمئزاز من مظهره ولكن أيضاً العطف والشفقة على طريقة نظره لما في يدها وملامح الجوع التى تبدو عليه ، ونظرت لأمها وكأنها تسألها ماذا افعل ؟ فهمت الأم مايجول في رأس ابنتها وعقلها الصغير واقترحت عليها ان تقسم لهما السندويتش معاً إن أرادت ان تفعل ذلك ، لتعلمها مشاركة مامعها مع المحتاجين وأيضاً تعلمها أن تختار ان تفعل ذلك من نفسها وليس ان تفعل ما يريدها أي إنسان ان تفعله ، حتى لو كانت امها ، اعطت الفتاة لأمها السندويتش لتقسمه بينهما وفي عيونها البريئة فرحة ورضا ،أخذت النصف من يد أمها ولكنها أعطت النصفين للطفل الجائع بابتسامة عريضة صادقة وسارا في طريقهما.
محبتي للجميع