لستم أنتم الدولة ولستم وحدكم المسلمين

منقول من الفيسبوك

حين كان زعيم الإخوان المسلمين في سورية الشيخ مصطفى السباعي عضوا في اللجنة التأسيسية شباط 1950 طلب من لجنة الدستور وضع مادة تنص على أن “دين الدولة الإسلام” في صلب الدستور وقال حينها أنهم يطالبون بالنص فقط دون اشتراط تطبيقه، ونشر بياناً مسهباً في وجوب النص على دين الدولة في صلب الدستور. وكما قال ناقش العلمانيين والقوميين والمسيحيين، ثم “طمأنهم” بالقول : “نحن لن نريد بهذا النص أن نلغي البرلمان ونطرد ممثلي الأمة ونمحو القوانين .. كلا، كونوا مطمئنين فسيظل كل شيء على حاله، سيبقى لنا مجلسنا ونوابنا، وقوانيننا وأنظمتنا، ولكن مع سمو الروح ونظافة اليد، واستقامة الأخلاق وعيش الإنسان الكريم.

ويعترض بعض الحقوقيين بأن جعل دين الدولة الإسلام يلغي القوانين الحالية ويضطرنا إلى تنفيذ الحدود الإسلامية من قطع يد السارق وحد الزاني، وهذا قول خاطىء ولا نفكر قطعاً بالدعوة إلى تنفيذ الحدود لأن الإسلام نظام كامل لا يظهر صلاحه إلا في مجتمع كامل، ومن كمال المجتمع، أن يشبع كل بطن، ويكتسي كل جسم، ويتعلم كل إنسان، ويكتفي كل مواطن، الإسلام قد حفّ تلك الحدود بشروط شديدة جداً يكاد يكون من المتعذر تنفيذ الحكم منها في حادثة واحدة من بين ألف حادثة مما يدل على أن قصد الإسلام من ذلك الإرهاب والتخويف. وحسبكم الحديث المشهور (ادرأوا الحدود بالشبهات). وخلاصة القول أننا لا نريد انقلاباً في قوانيننا الحالية، وإنما نريد التقريب بينها في التشريعات المدنية وبين نظريات الإسلام الموافقة لروح هذا العصر ولأصدق النظريات الحقوقية السائدة فيه” .

أثار طلب السباعي عاصفة من الجدل في الأوساط السورية

وكتب الصحافي نجيب الريس افتتاحية بجريدته (القبس) بعنوان “لماذا تريدون النص إذن ما دمتم لا تنوون تطبيقه فعلا ؟ لستم أنتم الدولة ولستم وحدكم المسلمين”

رد فيها على بيان السباعي بالقول : “يتضح من كلام الاستاذ الشيخ مصطفى السباعي صراحة بأنه هو ومن يقول بقوله لا يريدون سوى مجرد النص على دين الدولة فقط… من غير تطبيق ما يوجبه الإسلام من أحكام وشرائع وإقامة حدود. ونحن بصفتنا من المتدينين المسلمين ولسنا من العلمانيين الملحدين… نسأل الشيخ مصطفى…. ما دمتم لا تنوون تطبيق أحكام الدين الإسلامي فلماذا تصرون إذن على وضع مادة في صلب الدستور تظل معطلة؟! ولماذا تثيرون البلاد وتوجهونها بالوفود والمضابط ألمجرد وضع النص فقط لا غير؟!

على أنكم يا شيخ مصطفى لستم أنتم الدولة حتى (تطمئنوا) الناس على أنكم لن تلغوا البرلمان وتطردوا ممثلي الأمة… ولستم وحدكم المسلمين حتى تعدوا منذ الآن بأنكم ستبقون كل شيء من القوانين والأنظمة الحالية مرعياً في البلاد… ثم تتعهدون عن الإسلام بأنكم لن تفكروا بالدعوة إلى تنفيذ الحدود الإسلامية، من قطع يد السارق ورجم الزاني… لستم يا سيدي أنتم بقادرين على الوفاء بما تتعهدون به للناس وللطوائف المسيحية لأن دين الدولة إذا كان هو الإسلام فيجب على الدولة أن تنفذ أحكامه بلا هوادة ولن تستطيعوا أنتم أن تقفوا في وجه أي مسلم يطلب حسبة تنفيذ أحكام الدستور!

وبعد… أفلا يحق لنا بعد أن أعلن الأستاذ الشيخ مصطفى السباعي بأصرح بيان وأجلى تعبير بأن قصدهم من النص على دين الدولة إنما هو لسمو الروح ونظافة اليد واستقامة الأخلاق فقط ـ لا لتطبيق أحكام الإسلام ولا لإقامة الحدود حتى ولا لتغيير القوانين والأنظمة الحاضرة ـ أفلا يحق لنا بعد هذا البيان أن نرجو من أصحاب هذا الرأي أن يتنازلوا عنه ما داموا لا يعنون من الدين إلا مجرد النص؟! لأن النص وحده لا يستحق هذه الضجة ولا هذا الاختلاف بين المسلمين أنفسهم من جهة، وبين المسلمين وغيرهم من جهة أخرى؟!”

 
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.