فريدريك هوف – اتلانتيك كونسيل (ترجمة كلنا شركاء)
قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في نيويورك في ٢٥ تموز ٢٠١٣:” لا يوجد حل عسكري في سوريا فليس هناك سوى حل سياسي، وهذا من شأنه أن يتطلب من القيادة جلب الناس إلى طاولة المفاوضات”.
الرئيس السوري بشار الأسد يقول، وفق ما نقلت صحيفة الديلي تلغراف في ١ آب ٢٠١٣ :”يشارك الجيش في معركة بطولية حاسمة يتوقف عليها مصير الأمة وشعبها. العدو اليوم بيننا، يستخدم وكلاء لزعزعة استقرار البلاد، وأمن مواطنيها … ويمعن بإنهاك مواردنا الاقتصادية والعلمية. انهم (أعداؤنا) يريدون أن يحرموا الناس من قرارهم الوطني .لكنهم اندهشوا لرؤية هؤلاء الناس وقد تصدوا لخططهم وانتصروا عليهم. يا رجال الوطن … قد برهنتم، في الحرب التي شنت على بلدنا من قبل العصابات الإرهابية، أنكم تمتلكون الإرادة الحديدية والوعي الحاد. ولا يزال جيشنا العمود الفقري للوطن الام”.
ويقول مارفن غايه ١٩٧١.
أبتاه، أبتاه
نحن لسنا بحاجة لتصعيد
انظر، الحرب ليست هي الحل
بالحب فقط يمكننا قهر الكراهية
ويقول كارل فون كلاوزفيتز عام ١٩٣٢ في الحرب:
” ان الحرب ليست مجرد عمل من أعمال السياسة بل أداة سياسية حقيقية، الحرب هي استمرار للسياسة بأداة لا يميزها عن باقي الادوات سوى انها الحرب.”
في حال ضغط عليي للإدلاء برأيي الشخصي في الأقوال المذكورة أعلاه. فإنني ككاتب كانت طفولته في الستينيات ومن ثم محارب في فيتنام، أود أن أميل بقوة لما قاله كل من مارفن غايه وجون كيري. لأن طرح الأسد كذبة كبيرة: يدعي انه هو وعائلته ونظامه بخير لولا وجود الارهابيين والجهاديين الاجانب. وكما قال كلاوزفيتز: الحرب هي مجرد اداة. لذلك، فإن الحل السياسي في سوريا سيقود في نهاية المطاف لانتصار عسكري، مهما كانت هذه الحقيقة مؤلمة ومهما حاولنا ان نطبق مقولة مارفن غايه بأن الحرب ليست هي الحل.
ان فلاديمير بوتين وعلي خامنئي وحسن نصر الله وبشار الأسد لا يعيرون كثيرا من الاهتمام للسيد غايه أو حتى لتحليل وزير الخارجية الامريكية. بوتين يعتقد انه يمكن وضع روسيا مرة أخرى على الخريطة الجيوسياسية بقوة عن طريق جر ايران وحزب الله لحرب بالوكالة على الولايات المتحدة في الاراضي السورية. قد نعتقد أن الحروب بالوكالة هي موضة القرن العشرين ولكن ضابط الكي جي بي الروسي على ما يبدو لديه وجهة نظر مختلفة. اما المرشد الأعلى الإيراني فيريد شيئا واحدا فقط من سوريا وهو القدرة على الحفاظ على ميليشياته اللبنانية على قيد الحياة وتوفير الامدادات الكافية لها. حزب الله هو ورقة ايران الرابحة في الوطن العربي فهو يقدم صورة مرضية للعالم العربي عن نفسه كقوة مدعومة من سورية وايران لمواجهة إسرائيل. ربما يكون الأمين العام لحزب الله قد ذهب ابعد مما تريده ايران في شأن سورية، فلقد ارسل حسن نصر الله علنا الشباب اللبناني لإنقاذ النظام السوري ولو لم يكن مقتنعا بأنه سيربح الحرب هناك لما فعل ما فعل. لم يكن لدى الأسد نفسه ومنذ بداية الاحتجاجات السلمية أي ميل على الإطلاق لما يطرحه جون كيري وكان واثقا ايضا مثل حسن نصر الله من الانتصار في الحرب. فجميع خطابات الاسد تشي برغبته في المضي بالحرب. فهو لم يعترف يوما عن مسؤوليته أو مسؤولية نظامه عن اي جزء من الأزمة السورية، ولم يتطرق لاي اقتراح لانهاء الازمة بشكل سلمي.
يسعى الغرب للتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض في سورية لكن الخلل الكبير الذي لا يبشر بالخير في هذه المبادرة الغربية هو وجود طرف لا يسعى سوى للانتصار العسكري الحاسم. نعم وهذا الطرف ممكن ان يرتكب جرائم ضد الانسانية بمستوى يفوق التصور فهو على استعداد لارتكاب كل انواع الفظائع دون رادع بغاية الحصول على نصر عسكري. اما الجانب الآخر من النزاع فهو ينتقد ما يجري داخل سوريا ويبين ان التدمير الذي يطال سورية هو نتيجة لإرهاب النظام، ولكنه لا يميل لمقولة “الحرب ليست هي الحل” بل يطالب بالتسليح والمساعدة على شل آلة ارهاب النظام. وللأسف الحرب ستستمر بهذه الطريقة و تصبح النتائج اسوء وسوف تتصاعد وتيرة العنف. فالفريقين سوف يتناوبون على امتلاك القوة، طرف سيقوم بالهجوم والآخر سيدافع عن نفسه.
كتب السفير الأمريكي السابق إلى سوريا وهو واحد من أرقى الدبلوماسيين الأميركيين في نصف القرن الماضي، السيد ريان كروكر، مقال بعنوان “احتواء الحريق في سوريا” ونشر المقال على الانترنت. بالاعتماد على خبرته الواسعة في المنطقة، السيد كروكر قال: “لقد قيل الكثير حول التسوية السياسية بين الاطراف المتنازعة في سورية ولكن والظروف ليست مواتية حتى الآن للوصول لهذه التسوية السياسية.” في الواقع، “الحقيقة المرة هي أن الحرائق سوف تلهب سورية لبعض الوقت .”
أجاب السيد كروكر عن السؤال حول ما يجب القيام به حيال ذلك؟ فقال “يجب أن يكون تركيزنا على منع انتشار العنف خارج حدودها [سوريا].” كيف؟ قال السيد كروكر:من الافضل ان نتجنب انتشار العنف خارج حدود سورية لأن ذلك سيتطلب الكثير من الجهد الذي يجب أن نحرص على أن ننطر لبذله للوقاية من انتشار العنف. ا
ن سبب شدة العنف في سورية هي استخدام النظام القصف المدفعي والقصف الجوي على المناطق المكتظة بالسكان وارتكاب المجازر في المناطق التي لا يمكن الوصول إليها.
ورغم ان السيد كروكر لا يرغب في تسليح المعارضة خوفا من أن تقع بعض الأسلحة في أيدي المتطرفين، فإنه يرى بأن الفئات الضعيفة من السكان المعرضة مباشرة لفظائع النظام يجب ان تستثنى من منع التسليح. وقد قال السيد كروكر ان المعارضة تطلب منا أن “نفعل شيئا ما ” ويطالبون رغم اختلاف آرائهم بـ “فرض منطقة حظر طيران، او إرسال مشاة البحرية”
و يرى السيد كروكر أن الحل السياسي هو الطريق الصحيح لحل الأزمة لكنه لا يذكر ابدا ماذا سيحدث فيما إذا فشلت الدبلوماسية في وقف ارهاب النظام؟ فالضربات العسكرية لتحييد أدوات النظام وقطع سبل دعمه لا مفر منها لتعطيل آلة قتل النظام التي ترفض الحل التفاوضي. لكن السيد كروكر شدد على نقطة هامة وهي انه يجب التركيز الآن على ضمان عدم امتداد العنف الناتج عن النزاع لخارج الأراضي السورية وعليه يجب دعم حلفاء وأصدقاء سورية الذين يتحملون العبء الأكبر من الفوضى الممتدة من سورية لأراضيهم.
ان معضلة سورية صعبة الحل جدا، فجميع السناريوهات ليست بالمضيئة. لا حل حقيقي لهذه الأزمة.
ولا يوجد شيء فاتح للشهية على قائمة الخيارات المطروحة والممكنة للأزمة السورية. ما ينبغي التركيز عليه حقا من قبل اصدقاء الشعب السوري هو أن النظام السوري ومؤيديه دمويو الفكر والمنهج ويسعون وراء الحل العسكري لتحقيق غايتهم مهما كان الثمن .فإذا جلسنا متفرجين منتظرين حسب مقولة مارفن غايه بأن الحرب ليست الحل وبالحب وحده يمكننا قهر الكراهية فإننا يجب أن نكون على استعداد لتطبيق نصيحة السيد رايان كروكر ولا نفعل شيء بينما سيسطر النظام السوري بعنفه على حلفائنا وأصدقائنا في المنطقة، ناهيك عما سيذيقه للشعب السوري.