لانه تراث من السطو المتبادل

 سطا العرب علي اله بني اسرائيل زمن يثرب وباسمه سرقوا كل اوطان الشرق الاوسط بحجة نشر عقيدة اسمها الاسلام. نجح العرب فيما فشل فيه بنو اسرائيل في الزمن الاقدم، بما هو اوسع من النيل الي الفرات. فهل لهذا السبب تعمل اسرائيل بكل همة دفاعا عن النظم العربية الخليجية و تحمي كل عروش البداوة العربية؟ فما الذي يدفعنا للدفاع عن مسجد اسمه الاقصي او بيت عتيق في مكة أو كل هذه الخرافات القائمة علي تراث من السطو والسرقة المتبادلة / المتداولة بينهما، بينما الهم الحقيقي هو الدفاع عن قيم ارقي هي قيم العمل والحفاظ علي سلامة المواطن واراضي الوطن. 

كتب جواد البشيتي مقالا بعنوان ” خَيْرٌ لكم أنْ تُنْتِجوا فيلم -هيكل سليمان الضائع-!” بالحوار المتمدن-العدد: 3993 – 2013 / 2 / 4 – 22:35 ضمن المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني . ونسي أن هناك اوطان أعرق من العرب ومن بني اسرائيل وعليها شبهات في هويتها الحالية، لان اصحابها خدعوا انفسهم باقوال بني اسرائيل واقوال العرب في المسافة فيما بين التوراة والقرآن. فغير مفهوم السؤال الذي اتي في سياق مقاله بنصه: ما الفرق النوعي بين “مخلوقات الوهم” و”رجال الحقيقة”؟ وانا اسال بدوري اين هي مخلوقات الوهم ومن هم رجال الحقيقة؟

فاذا ما حاولنا استخراج الحقيقة من الخرافة (فيلم هيكل سليمان) فسنصل الي نتائج تعطي اسرائيل من النيل الي الفرات. بكلمات اخري ستكون للخرافة والاكاذيب الكلمة العليا والحكم النهائي. وعندها فليس لاي فلسطيني الحق في المطالبة، ليس فقط بالقدس، بل وبكل ارض فلسطين. وإنصافا للحقيقة المستخلصة من الخرافة أن القدس لا وجود يهودي / اسرائيلي الجذر لها الا عبر القرآن. كما جاء في سورة الاسراء وهذا ما تناساه، او تعمد نسيانه، جواد البشيتي في مقاله. فانكاره لما هو “حقيقة” عن القدس موجود في القرآن بغض النظر عن وجوده من عدمه في “التلمود”!!! . فإذا كان علي الدولة تبني الاسلام أو ان تجعل للاسلام مرجعية عليا،على ما أحسب وأعتقد، فان اسرائيل هي الحقيقة الوحيدة في المنطقة باسرها. وطبقا للاسلام، هل العرب حقيقة في ذاتها حتي ندافع عن شئ اسمه العرب والعروبة إذا كان إدعاء وجود الاقصي كامن في النسخة الاخيرة من الخرافة؟ فقاعات تعاطي المخدرات والخرافة تراوحت اسمائها تطورا من المعبد الي الهيكل الي الكنيسة الي المسجد.

أفحمهم الاستاذ البشيتي بمطلبه في عنوان مقاله بان ينتجوا فيلما عن مسجد اسرائيل الضائع!! فهل كان علي دراية بان الهيكل غير مثبت الا عبر الكتاب الذي قال عنه اله بني اسرائيل ” وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ”. انه برهان غير مادي علي ما لا وجود مادي له حسب الحفريات الاسرائيلية تحت المسجد الاقصي، لكنه، ويا للفضيحة، مثبت عبر ما تاسست عليه ثقافة العرب الا وهي الاسلام. فالمسلمون يسعون لامتلاك كل برهان علي ما جاء ذكره في القرآن كاستخراج ناقة صالح من الصخر لكنهم وعندما تاتي الامور الي سليمان فلا نجد سوي الشبق العربي لشهوة الجسد حتي ولو كانت المرأة بعيدة المنال في اقصي الجنوب باليمن وليس قريبا كسطح البيت الذي شهد فوقه داوود إمرأة يوريا الحيثي بافخاذها المضيئة، فلم يكن بحاجة الي هدهد ليخبره بمفاتنها.

فنتنياهو ليس بحاجة الي حفريات أو استشهادات تلمودية أو فيلم مفبرك لابراز نفسه كـ “رجل الحقيقة”، أو السادن لها بل يكفيه ان ياتي باحد المقرئين من ساحة البيت العتيق بأم القري ليتلو ما تيسر من سورة الاسراء ويكفيه منها السبع ايات الاولي ليبرئ نفسه وكل مؤسسي دولة اسرائيل ابتداءا من هرتزل مرورا ببن جوريون الي كيسنجر وكل هؤلاء الاوغاد الذي يدعمون الصهيونية، فقط من اجل الحقيقة، ومن أجل إظهارها، وانتصاراً لها.

إن محاربة الخرافة بالخرافة هو المستحيل ذاته. بل يمكن اثبات كل شئ من مخلوقات الوهم دون الحاجة الي رجال الحقيقة.

وما فات الاستاذ البشيتي مرة أخري ان الخرافة للخرافة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا. فالقرآن اعطي لنتنياهو الحجة الدامغة، رغم انف حزب التحرير ومنظمات جورج حبش و نايف حواتمة وياسر عرفات. كنا صغارا عندما يأتي من مثقفي العروبة من يجندنا بغية تحرير فلسطين وما اكثرهم في عهد عبد الناصر موفرا القرآن للبرهنة علي النظرية متناسيا ان الصهيونية هناك من قبل ومن بعد القرآن في فلسطين والخليج علي الترتيب.

دعا سعود الفيصل، ان لم يكن قد فعلها، لتسليح الثورة السورية. فالاسد طال بقاؤه في العرين باطول مما فعله اقرانه في تونس ومصر واليمن وليبيا ولم يتطرق أحد كيف تراوحت من النقيض الي النقيض سلوك مشيخات الخليج إزاء من ثارت شعوبهم عليهم. فمبارك كان من المبشرين بالجنة في عرف المشيخات جميعا وكذلك نتنياهو أما الاسد فالانقلاب عليه سنة مؤكدة. فما هي الدوافع لهذه التخالفات؟ وجاء العدوان الاسرائيلي الاخير علي سوريا ليفضح سياسة قديمة حاولت قوي كثيرة منها المحلي ومنها الدولي اخفاؤها، ملخصها ان اسرائيل هي الذراع العسكري لدول الخليج النفطية لتمكين السلفية الاصولية من حكم الاوطان (العربية) من خارج بلاد النفط الخليجي, فاذا كانت اسرائيل قد لعبت نفس الدور لصالح الاستعمار في صورته القديمة المتهالكة فهي الان تجدد نفسها برداء اقليمي برعاية نفس القوي الدولية وبعباءة وعقال عربي اسلامي. لم تصدر من دول الخليج اعتراضات علي العدوان لانه تم بموافقة خليجية مسكوت عنها. فاسرائيل اصبحت، بل كانت، دولة خليجية، دون بوح بها ايها السادة اليساريون والقوميون العرب وللدقة فالخليج مجموعة كيانات صهيونية تحت مسمي عرب. تلك هي الحقيقة التي يؤكدها المفضلين علي العالمين ومرة أخري خير امة اخرجت للناس. واثبتها العدوان الاخير علي سوريا وخطاب مرسي لبيريز.

لكن دعنا من الخرافات (الحقيقة) بشقيها العبري والعربي قديمها وحديثها، فهي كبحر الرمال ليس بها سوي الغرق. فالاسلام، حسب ما سبق، لن يعيد شيئا لشعب الشتات الفلسطيني بل يؤكد طرده من ارضه. ويكفي نتنياهو الوثيقة العمرية ليدين اصحاب فكرة القومية العربية ودون حاجة لمقرئ من المسجد الحرام. ولنعد الي مقالته بعنوان ” ما معنى -دين الدولة هو الإسلام-؟!” والتي دافع فيها عن الدولة بالمعني البرجوازي الحديث التي نشأت من جراء معاهدة ويستفاليا، رغم كراهيته لها بصفته ماركسيا، والتي انتهت بالمساواه التامة طالما الجميع يدفعون من عرقهم ضرائبها وتصادر هي عبر ملاكها فوائضهم. انه التفسير الماركسي لها فاين العرب منها؟!! ولا يحق لي السؤال ذاته عن دولة نتنياهو. لاسباب لا تخفي علي الماركسي الصامت او ايا من اعضاء الشلة التي فضحت الصامتين. لكن الكارثة الحقيقية أن الدولة الحديثة ادعت هوية عربية / اسلامية لا لسبب الا انها اضطرت يوما لاحتضان الاسلام بكل نفحاته الاسرائيلية كما سبق بيانه. فما هي نتائج هذا الخيار؟ وكذلك لسبب آخر هو غياب رجال الحقيقة فيها وحضور الخرافة بكل بهلول لها. فالدولة الويستفالية قامت علي انقاض الدين وفصل ماركس الراس عن الجسد فيها ووضع نهاية حاسمة بتفسيره لبنيتها. أما صهاينة الخليج فاستكثروا علينا برجوازية محترمة كالبرجوازية الاوروبية أو حتي بروليتاريا مسحوقة ففضلوا ولاة أمر ورعية وهو أمر يفضله نتياهوا بلا ادني شك وسيصلي إن شاء الله في الهيكل الحرام شكرا لالوهيم عليها.

أما البلهاء اصحاب الهوية العنصرية (العربية) / الدينية (الاسلامية) فقد ضلت الدولة عندهم طريقها ولم تقدر علي ان تتحقق النمط الويستفالي وبالتالي اصبحت الحتمية التاريخية الماركسية لها خرافة جديدة تشهد القاهرة اليوم تداعياتها. خاصة بعد ان حشد صهاينة الخليج تلاميذ العهد الاخير المنتشرين كالجراد لتولي السلطة، اي لتمكين الصهيونية التي مهد لها العروبيون وسيحققها الاسلاميون. هكذا يرد الخليج الجميل لاسرائيل وتلك، ايضا،هي اهم النتائج السرية لدستور مصر الجديد برعاية الاخوان المسلمين والاحزاب السلفية الاصولية. اليس لهذا السبب هنأ احد السياسيين الامريكيين، المؤيدين بشدة لاسرائيل، كما هنأ امير قطر، الادارة المصرية الجديدة علي انجازها لدستور شهد له الاخوان المسلمين انه اعظم دستور اتي في تاريخ مصر، وربما العالم أجمع – باعتبار ان العالم من صنع اله بني اسرائيل.

الاسلام دين الدولة، جملة من مبتدأ وخبر. اعرابها سهل علي طريقة سيبوية. الاسلام مبتدأ مرفوع بالضمة. و دين الدولة مضاف ومضاف اليه في محل خبر. اعرابها سهل علي تلاميذ المرحلة الابتدائية لكن المسكوت عنه فيها لم يفطن اليه المثقف القومي العروبي حتي ولو وصل من العمر ارزله. وكم هي الرزالات في الثقافة العربية الاسلامية. كلها يمكن اصلاحها عبر تحسين الخط أو المطالعة الرشيدة لكن ان تستعاد الاوطان من الصهيونية، خليجية كانت أم اسرائيلية فتلك ما علينا تدبيره في زمن ما بعد الثورات التي كان مفترضا ان تختفي بعدها جلسات افخر انواع الافيون كالمنعقدة في القاهرة غدا حسب عنوان اكبر الجرائد القاهرية بعنوانها “القمة الإسلامية تنطلق في القاهرة وخلافات حول البيان الختامي”. فالاتفاق مضمون لان الصنف فاخر واصلي بصناعته التوراتية المنشأ أما الخلاف فهناك بعض اللغط حوله، هل الشباب الذي يقتل يوميا بالرصاص الاسلامي يحسب مرتدا أم عاصيا في الشريعة الغراء. انه نفس سؤال البشيتي المطلوب طرحه علي القمة الاسلامية عن الفرق النوعي بين “مخلوقات الوهم” في القمة المنعقدة بالقاهرة وبين”شباب الحقيقة” الذي يقتل في الشارع لاستعادة وطنه وعمله حسب الحلم الويستفالي الذي يعتقد المراكسة العروبيين الارازل انه اصبح كابوسا علينا الافاقة منه.

ستغرق القاهرة غدا وبعد غد في سحب من الدخان الازرق لضمان عدم الافاقة ولتخدير اهالي الشهداء في جميع مدن مصر من آلام فقدانهم فلذات اكبادهم. فهل يصمد كل هذا الدجل عن الهيكل والمسجد أمام الأم المكلومة التي رفعت الشبشب ملوحة به وتردد بتهجد باكي وبدموع الثكالي اسم مرسي وشتائم لم تسعفني اذناي من التقاطها. محمد البدري (مفكر حر)؟

About محمد البدري

مهندس وباحث انثربولوجي
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.