كانت الدنيا العروس تحترب خلجات كهف وكهيْفة بعد أن تتخذ هوى النفوس سهاماً فترمى بها فتصيب.
وتُغير حتى إذا ثقفتْ ألقتْ العداوة والبغضاء .
لقد أدركا ان هذا العالم الملتهب لابد ان يهرب من تلك السهام أو يتحصن بعزلة فى كهف من الكهوف .
كما أدركا أنهما لابد ان يحملا عبء هذا العالم المنصهر فى مراجل الكُره والأطماع.
فامتطيا فرسيْن حامليْن راية الهجرة.
مسرعيْن بصهيل الجياد,مضيا مسرعيْن وكأنهما يبعدان عن مرمى سهام الدنيا .
ظل كهف وكهيْفة مسرعيْن حتى ظهر لهما مُرادهما وهو كهف الخلاص.
************
نزلا وأبصرا الكهف فى ذهول لأنه بعث فى نفسيهما الخشوع والزهد .
وتسائلا .. ما بالداخل ؟
إنه يبعث فى النفوس وحى الحكمة التى تخطُّ وثيقة السلام وتفك طلاسم العالم المجهول المحترب وتخلصه.
إنه كهف يربّي النفوس فتطوق إلى الرأفة والحكمة .
فوقفا بالكهف أُفق الحدث.
ذلك الأفق الذى يفصل بين نفسيْن ,(نفسٌ صاخبةٌ) فإذا ولجته آلتْ (نفس مطمئنة).
وأخذا يُرتلا طقوس العبور والتكهّف بخشوع الواجلين.
وعبرا ثم دخلا ثم دارتْ عيونهما ثم رقدا رقد المتفكرين.
وانبسط الفرسان بسط الحارسين,وأعينهما ترمى بشررٍ لافحٍِ لو اطلعتَ عليهما لوليتَ فراراً.
*************
لقد اختليا بالكهف وتجردا من سهام الدنيا المتراشقة من أقواس هوى الأنفس الجامحة.
تركا العالم لإيجاد العالم,وهربا منه إليه,وعزما ان يواجها كل التحديات فى سبيل إنقاذه.
لقد صدقتْ العزيمة فتنزّلتْ عليهما كل المعانى الروحية وتغرْبل قلبيْهما فصفيا صفاء الملائكة بعد طول التكهّف وإتقاء العالم الرذيل.
لقد استقرءا فى أيامٍ قلائلٍ من التكهّف حال هذا العالم وكيف فسدَ واحتربَ وغوى.
فخطا له رسالة الخلاص.
الرسالة…
(من كهف وكهيفة إلى هذا العالم التائه….
لقد عبرنا أُفق الحدث وولجنا باب الكهف الذى أنزلَ علينا حكمة وسكينة ,فاستقرءنا من ماضيكم وحاضركم كيف يكون خلاصكم فى مستقبلكم .
أطلقوا أنفسكم نحو ضمائركم لتزيل الوقر والعمه والغشاوة منها, تُزيل على أرض كهفٍ تستطيعون ان تبنوه من وحى إرادتكم وحسن نواياكم على بُسط قلوبكم .
ما ترغبون لأنفسكم ارغبوه لغيركم.
وارضوا بما وُهبتم ولا تنزعوا نعماء غيركم ,فالقليل مع الرضا كثير والكثير مع الطمع قليل .
واحتموا بكهوفكم ولا تخرجوا منها فتصيبكم سهام دنياكم .
واعلموا ان ألحان السلم كنز البقاء,وطبول الحرب رمز الفناء.)
************
عبر كهف وكهيفة من وحى الحدث إلى خارجه فوجدا الفرسيْن فركبا ومضيا عازميْن على خلاص العالم.
ومرّا على الملوك والسلاطين وقرءا علي أسماعهم المرسوم
مِنْ كهف وكهيْفة إلى الملك الأحمر …
( الرسالة………….….. )
مِنْ كهف وكهيفة الى الملك الأصفر
(الرسالة ………………..)
من كهف وكهيفة الى الملك الأبيض والأسود
(الرسالة ………………..)
من كهف وكهيفة الى كل أديان العالم
(الرسالة ………………..)
فأبوا الطامعين
ورضوا القانعين
وابتغوا بها الضعفاءُ….. القوةَ.
وابتغوا بها الأذلاءُ…… العزةَ.
*************
عزم الطامعون الطغاة على طرد كهف وكهيفة .
قال كهف وكهيفة:نخرج بالضعفاء
قال الطامعون : تخرجا صاغريْن واتركا لنا ضعفائنا
وظلا يتحاوران وعلى الجانب الآخر نرى الضعفاء يرغبون فى أمرين:
إما الرحيل او
البقاء بمقاومة الطغاة …فقد كانت الرسالة تهبهم قوة الشجعان واستنفار الأبطال ورغبة الشهداء.
ولم يجد طغاة الارض جميعاَ إلّا ان يتخلصوا من كهف وكهيْفة حتى يتقوا ثورات شعوبهم .
وبيّتوا أمرهم ليخرجوا على كهف وكهيفة ليقتلوهما .
فلمّا علما بمكرهم ركبا الفرسيْن وخرجا خائفيْن .
فاتبعوهم الطغاة.
حتى إذا بلغا الكهف دخل كهف وكهيفة وعبرا أُفق الحدث واجتذبهما الكهف جذبة المغيث .
وحاول الملأ اختراق أُفق الحدث والعبور فاحترقوا ,
إحترقوا لأن قوة الحق فى الكهف أعلى من مطامعهم وأباطيلهم.
إنتابتهم رعشة الخوف والجبن وتأجج الغضب منهم فاشتعلوا محترقين.
وأردف الضعفاءُ الجمعيْن وشاهدوا هلاك ملوكهم ففرحوا
وخافوا ان يعبروا الكهف ليلاقوا كهف وكهيفة فنادوا عليهما فلم يردّا.
فعزموا على الإنتظار ولكنْ طال الانتظار سنوات ,وعلموا حينئذ أنهما ماتا حميديْن.
*************
نعم … هذا حال العالم الان
اُجهضتْ كل الرسالات بسبب الأطماع .
ولم نسمع فى هذا العالم إلّا زئير وعواء الطغاة وسط صراخ متواصل من أفواه الضعفاء .
ولاحق الطغاةَُ المصلحين فى هذا العالم ونفوهم وقتلوهم.
ولم تَطلْ المطاردات المصلحين فقط, بل طالتْ الطغاة أيضاً فماتوا ودُفنوا فى مزابل التاريخ.
أقام الطغاة على بُسط قلوبهم عرائن من خيوط العنكبوت وأغمضوا عيونهم عن كهوف الرحمة.
أيها القاصى والدانى:
عليكم بزيارة كل قبر فيه كل (كهف وكهيفة ).
أُنثروا عليهم الزهور
واستقووْا من قبورهم ما يُبقيكم فى عزة وحق.
واعتبروا بسيَرهم حتى تأمنوا مآلكم.
**************
الراوى : إبراهيم أمين مؤمن
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهران
أحدث التعليقات
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر