جويس كرم
لا يهم ان المأساة السورية هي الأكبر بحجمها الانساني منذ الحرب العالمية الثانية أو أنها أسوأ من كارثتي دارفور وهايتي مجتمعتين. ففي تحليلات النجمة الهوليوودية كيم كارداشيان، بدأت الحرب منذ سبعة أيام و الأولوية فيها لصور دعائية ومذبحة لم تحصل في بلدة كسب.
معذورة كيم كارداشيان. غرقها في الثلاث سنوات الأخيرة بين طلاق لاعب كرة السلة كريس هامفريز وعلاقة حب وغرام مع المغني كانيي ويست لم تسنح لها بتصفح عناوين البراميل المتفجرة أو السلاح الكيماوي أو مقاتلين أجانب توافدوا الى سورية. هوايات التسوق والاستعراض أمام الكاميرا أبقتها بعيدة عن النزاع السوري وحتى العام الرابع ومعركة كسب الأسبوع الفائت.
اكتشفتها ويا ليتها لم تفعل. فنجمة برامج “رياليتي” (الواقع)، جاء اكتشافها بعيدا عنها، وحلت كارداشيان على سورية كحلول الأطرش بالزفة. وأضحت كسب البلدة الصغيرة في محافظة اللاذقية بنظرها موقعة جديدة لمجزرة ضد الأرمن كالتي ارتكبها العثمانيون في ١٩١٥ وذهب ضحيتها حوالي مليون ونصف شخص . المفارقة، أنها المجزرة لم تحدث الا في تغريدات كارداشيان على تويتر، فيما التقارير من بلدة الألفي نسمة لم تسجل وقوع ضحية واحدة في صفوف الأرمن الذين نزحوا من البلدة.
ولحقت كارداشيان المغنية “شير” ودعت على تويتر “لوقف قتل الأرمن و المسيحيين الأبرياء على يد الأتراك” . أي أتراك؟ نعم، كسب هي على الحدود التركية-السورية انما لم تعلن أنقرة الحرب عليها. ولم تنفع لا زيارة نائب أرمني لنازحين من البلدة أو رئيس الائتلاف أحمد جربا ومعاينته لكنائس في احتواء ما يجري على الأثير الالكتروني. اذ انطلقت حملة #savekessab بتغريدات معظمها من خارج كسب. ما من شك أن المعارضة السياسة والعسكرية مقصرة في التعاطي مع ملف الأقليات، انما حجم المأساة والنزيف السوري لا يمكن حصره بأقلية أو بناء على استنتاجات نجوم في لوس أنجلس.
فمقتل أكثر من ١٥٠ ألف سوري بينهم ٨٠٠٠ طفل لم يهز ساكنا لكارديشيان وشير خلال الثلاث سنوات الفائتة. ملايين اللاجئين والنازحين، والبراميل المتفجرة سقطت أمس على حلب فيما تفرست داعش في الرقة ودير الزور. هناك مستوى من السذاجة والتبسيط والسطحية في تعاطي نجوم مثل كارداشيان وشير لما يجري في سورية ، فلا الحرب بدأت في كسب وللأسف لن تنتتهي هناك. واذ قد تفيد حرب كسب الدعائية ونجومية كارداشيان في أروقة الكونغرس في واشنطن ومجموعات اللوبي لحقوق الأرمن، فهي تصوير مجتزأ وغير منصف لما يجري.
انسانية كارداشيان والعديد من تغريدات الحملة جاءت مغلوطة وانتقائية ومبنية على صور وفيديوهات بعضها من مدن أخرى في سورية أو من العراق، أو حتى من أفلام رعب . هذه ليست المرة الأولى التي تبالغ فيها النجمة. تغريدتها المسيئة لكعكة “كوكي دايت” انتهت بدعوة قضائية في فلوريدا.
في أحد تغريداتها حذرت كارداشيان من خطر أن يعيد التاريخ نفسه، وتكرار معاناة الأرمن في أول القرن الماضي في كسب ٢٠١٤. التاريخ يعيد نفسه في سورية عموما، في وطن تتفكك أعمدته وتختزل صورته وقضيته في الاعلام الغربي، هويات عرقية، وتغريدات هوليوودية.