كيف نواجه الظلم؟

سئمنا جميعا من كثرة التسامح مع المجرمين الذين أجرموا بحقنا,صفعونا كثيرا على خدنا الأيمن وأدرنا لهم خدنا الأيسر كثيرا, سئمنا من التصالح معهم وما زالوا إلى اليوم لا يتوقفون عن الكذب وعن الظلم وعن الإجرام , فامنحوني فرصة واحدة لأعبر لكم فيها عن خالص تمنياتي لكم بمستقبلٍ زاهر يعيد البسمة على وجوه الأطفال ويعيد المياه إلى مجاريها, ربما أن المسألة ليست سهلة وربما القتل والتعذيب والظلم سُنة من سنن الحياة,فالحياة من غير ظلم لا يمكن أن تكون حياة بمعنى الكلمة,حتى تصبح حياتنا حياة حقيقية لا بد من وجود الظالم والمظلوم والقط والفأر,والعاقل والمجنون,والمستبد, لا بد أن يظهر المخلص في حياتنا,ولكن كيف ستكون طريقته في تخليصنا من الظلم؟هل عن طريق التسامح؟أم أنه سيظلم الظلمة أكثر مما ظلمونا؟,لابد أبدا أن يوجد العدل والظلم معا ولا يمكن فصلهما عن بعض,ومع هذا أتمنى أن أحكم العالم مرة واحدة في حياتي ربما ليوم أو يومين أو سنة أو سنتين, المهم أنني أريد أن أجرب حظي في هذه الحياة,وأريد أن آخذ فرصتي في التعبير عمّا يجول في خاطري, امنحوني فرصتي الذهبية فهذا الحال الذي عليه كل الناس لا يعجبني وأيضا لا يمكن تعديله لا من فوق ولا من تحت ولا من المنتصف,ولكن أريد أن آخذ فرصتي كما أخذها غيري, فغيري صار رئيسا للبلاد ورئيس وزراء ونائب في البرلمان ووزيرا,وكل واحدٍ من هؤلاء أخذوا فرصتهم ومارسوا صلاحياتهم بالكامل,إلا أنا لم أحظ حتى اليوم ولا بأي فرصة,ومنهم من فعل شيئا ومنهم من لم يفعل أي شيء.

تبدو المسألة ليست سهلة عليّ وعليكم,وربما أنكم لا ترغبون بحكم رجلٍ مثلي يزيل الهم والغم عن صدوركم,ربما أن أغلبيتكم يريدون الانتقام لأنفسهم والآخرون منكم يريدون الانتقام لأنفسهم, أنتم لا تريدون رفع الظلم , أنتم تشتهون الظلم كثيرا, تحبونه كثيرا, إذاً أعطوني فرصة فساد واحدة أو مرة في العمر لأغير العالم كله,يوما واحدا يكون فيه العالم كله بين يدي,يدخل فيه منكم جنتي وآخرون يدخلون ناري التي لا تنطفئ, ربما علينا أن نواجه الفساد بالفساد, ربما علينا مواجهة الظلم والتعسف بالظلم والتعسف نفسه, سأواجه الحديد بالحديد , وربما علينا أن نواجه الكذب بالكذب نفسه,ولنوقف الحرب في العالم ربما يكون علينا من اللازم أن نطفئ النار بالنار والحرب بالحرب,والظالم الصغير حتى يتوقف عن ظلمه بحاجة لظالم أظلم منه, فأعطوني فرصة للفساد وفرصة للظلم.

وربما أن هذا العالم لا يريد منا مزيدا من العقلانية , هذا العالم بحاجة إلى الجنون بعض الشيء,لأنه فعلا عالم مجنون,ووجودنا فيه عبارة عن جنون صارخ,فلا يوجد فيه أي شيء منطقي,حواسنا وعقولنا وقلوبنا كلها مجنونة,جيراننا إرهابيون وظلمة وقساة القلوب يباتون وبطونهم ممتلئة وغيرهم لا يستطيع النوم من كثرة الجوع,بنظري اثنان لا ينامان,المظلوم والجائع ,أعطوني فرصة واحدة لأحكم العالم يوما واحدا لأبذل قصارى جهدي لوقف الحروب في كافة أنحاء العالم, أعطوني يوما كاملا لأطعم اللاجئين والجائعين وأومن الخائفين على حياتهم, أعطوني فرصة واحدة لأفتح كل سجون العالم على مصراعيها لأعيد لكوكبنا توازنه الطبيعي ولأثبت لكم أنني أكره أن أرى إنسانا مسجونا أو جائعا أو مظلوما, أعطوني فرصة لأخرج المساجين من السجون وخصوصا أخطر المجرمين لكي يواجه هؤلاء المجرمون مجرمون أكبر منهم يختبئون بيننا يظلموننا ليلا ونهارا وحتى يتوقفوا عن ظلمهم يجب أن نخرج لهم هؤلاء المجرمين لكي يردعونهم ردعا,نحن نعيش في وسط دوامة كبيرة من المجرمين الذين يملئون الأرض فسادا,وهم من سجن أولئك الأبرياء وادعوا أنهم مجرمون,يجب أن نواجه الإجرام بالإجرام نفسه.

أعطوني آذانكم وأصغوا إلى ما سأقوله لكم,حتى نواجه الإرهاب لا بد لنا من أن نواجهه بإرهاب مثله, وحتى نواجه الظلم نحن بحاجة إلى ظلم أكبر من الظلم الواقع علينا,آن الأوان لنتعرف على شريعة الغاب, نحن نعيش في غابة لا يرحمنا فيها أحد,الطاغية بحاجة إلى طاغية مثله لكي يزيحه عن طريقنا والديكتاتور بحاجة إلى ديكتاتور مثله.

أتمنى أن أكون مخطئا.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.