كيف تكون المدينة مقدسة والسرّاق والمجرمون والقحاب من سكانها

najaffdonationsوصلت هذه الرسالة من إنسان بسيط ، يعيش في ” كربلاء ” ولأنه كتبها بلغة اقرب إلى العامية بمصطلحات شعبية قد لايفهمها البعض ، فقد قام احد الاصدقاء بصياغتها دون أن يخل بأمانة النقل ، وإيصال رسالته التي عنونها (إلى ” السيد ” وخطبته يوم الجمعة الماضي).. وبدوري انشرها لما تحمله من معانٍ : سيدي يا بن رسول الله .السلام عليكم، ورحمة الله سيدي……أفزعتني خطبتك، يوم الجمعة الماضي.أنا ” عبد الزهرة ” أبو عبد الله، لدي” بسطة ” أبيع فيها ملابس النساء يوم الجمعة، وعندي ستة ” أفراخ ” ينتظرون الخبز نهاية يومي. صدّقتك دوما، إذ رددت بأنك ليس سياسي، أما في خطبة يوم الجمعة فأظن مزاجك ليس تمام! لأنك حرّمت عرض ملابس النساء ، وحرّمت الغناء..! وقلتَ بان مدينتنا ” مقدّسة ” وهذا حرام..! سيدي… لو كانت ” البعران ” ترتدي ملابس ، لبعتُ ملابس ” البعران ” ،لكنها النساء من تشتري ، الأحمر ، والأخضر ، والأصفر ، وكل الألوان…. حتى أنت ياسيدي أتيتني في يوم ، مستعجلا جدا ، وفرحا اشتريت ثوبا أحمر ” للعلوية ” ، بعته لك بثمن الشراء ، إكراما لمكانتك!

ليس بذنبي يامولاي ، إن قلَّ الحضور لسماع خطبتك يوم الجمعة ، أو تثأب البعض ، أو حتى نام!! سيدي..! تقولُ : مدينتنا مقدّسة ، وهذا حرام ! اعذرني يامولاي ، إذ إني لاافهم كون المدن ” مقدّسة “..! الأضرحة، مقدّسة ممكن، ولهذا أزورها، وأتبرك بها وانزع للبكاء بحضرتها جزءا من هم اليوم .لكن ! أن تكون المدينة ، مقدسة ، هذا لاافهمه..!أنا ” عبد الزهرة ” أبو عبد الله، الذي يبيع ملابس النسوة يوم الجمعة، أقول: سيدي، مقدسة تعني ” طاهرة”..! كيف تكون المدينة مقدسة ومياه المجاري والأمطار تتعفن في الشوارع والحارات، كيف تكون المدينة مقدسة ، وهي ككل المدن فيها ، السرّاق ، والمجرمون، والقحاب واللصوص ، وهم من سكان المدينة ، هل هم مقدسون أيضا …!؟سيدي.. يامولاي وابن مولاي ..! السياسة ، فهي وسخة ، وأنت ” طاهر “، اتركها لمن لايضيره التعامل مع وسخها ، وإن أردتَ أن يحضر خطبتك عدد اكبر ، فحدّث الناس ، عن محبة بعضهم البعض ، حدثهم كيف يزيلوا الأزبال من أمام أبواب منازلهم وينظفوا مدينتهم، قل لهم إن النظافة من الإيمان! حدثهم كيف إن حيوانا أسمة ” الخفاش ” إن لم يعثر رفيقه على طعام، يتقاسم طعامه مع رفيقه، حدّث الناس، عن محبة سابع جار، وصلة الرحم، وإطعام المسكين وابن السبيل، وحقوق اليتيم! هل تحدثتَ عن كل هذا حتى لم يبق لك موضوع غير ملابس النساء الداخلية، التي أغضبك عرضها في الشارع..!، وغلق محلات الموسيقى !؟ سيدي أنا ” عبد الزهرة ” أبو عبد الله اعرف إن الله خلق كل شيء ، وهو من خلق العصافير تزقزق ،والبلابل ، وخرير المياه ، وحفيف الأوراق ، والنسائم ،وكلها موسيقى من عند الله ..! هل تريدهم أن يقتلوا الطيور، ليخنقوا أصواتها، ويقطعوا الأشجار، ويمنعوا النسيم، ويجففوا الأنهار كي يحضر الناس خطبتك..!؟ سيدي..! إن الله الذي اعرفه ، رؤوف ، رحيم بعباده ، لايكلفهم إلا وسعهم .! إن الله الذي أحبه ” جميلا يحب الجمال. سيدي..! لو كنت تشقى لخبز يومك مثلي لأنصفتني، وأنصفت نفسك ! ّ!

التوقيع عبد الزهرة أبو عبد الله كربلاء/ العراق

الصورة لرجال الدين يحصون اموال التبرعات للمزارات


About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

One Response to كيف تكون المدينة مقدسة والسرّاق والمجرمون والقحاب من سكانها

  1. س . السندي says:

    خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟

    ١: صدقني ياعزيزي محمد أنت واهم ، فماتراه هى موائد الرحمن ؟

    ٢: وأخيرا …؟
    خير الناس من نفع وإستنفع ، وكما قيل رزق الهبل على المجانين ، سلام ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.