كوب شاي

 

jihadalawna

يحكى أنه كان هنالك في إحدى الأحياء السكنية حشاش يعيش وفي حياته الكثير من المصائب والمشاكل وكانت أغلبية مشاكله تأكل وتشرب معه, وفي يومٍ من الأيام جلس أمام باب الدار يتحسر على حياته وأمامه كوب من الشاي الأسود ينظر إليه ويطيل النظر كثيرا, وكان صدفةً يمر من نفس الشارع أحد المتسولين والفضوليين الذين يحشرون أفهم في كل شيء ويحاولون كسب أي شيء من الناس مهما كان صغيرا أو كبيرا, ولحسن حظ الحشاش نظر المتسول في كوب الشاي الذي صنعه الحشاش ليشربه على رواقة أمام باب الدار, ومن دون أن يدري الحشاش مد المتسول يده إلى كوب الشاي بعد أن طلب من الحشاش أن يعطيه من مال الله, وأخذ المتسول كوب الشاي والحشاش ينظر إليه بكثير من الاستغراب , وفي لحظة سرية شرب المتسول كوب الشاي وأخذ نفسا ميقا والحشاش ين إليه بمزيد من الدهشة والاستغراب وقال له:

– ما الذي فعلته؟ شو اللي سويته يا رجل!! إنت مجنون.

– لا مش مجنون.

– إذا ما الذي فعلته؟.

– لا شيء هداك الله,كل الذي فعلته أنني طلبت منك من مال الله ولم تعطنِ.

– ليس عن هذا أسألك.

– إذاً عن أي شيء تسأل؟

– أسألك عن كوب الشاي.

– وهل كنت تعز على متسول مثلي أن يشرب من أمامك كوب من الشاي؟.

– يا رب السماء…يا إلهي…ما الذي يحدث لي اليوم بحق السماء.

– يا رجل لا توجد هنالك أي مشكلة, المسألة لا تتعدى أن تكون كوبٌ من الشاي.

أخذ الحشاش يجهش بالبكاء ويضرب أخماس بأسداس, ومن ثم أخذ يشد بشعر رأسه, فقال له المتسول:

– يا رجل كل المسألة عبارة عن كوب من الشاي ليست أكثر ولا أقل.

فنظر الحشاش على المتسول والدمعات يتساقطن من عينيه وقال:

-أنا رجل متعوس جدا…فقدت في العام الماضي أمي وأبي في حادث سير فضيع جدا, وبعدها بأقل من شهر طردتني الشركة التي كنت أعمل فيها براتب جيد جدا لأنني صدمت سيارة الشركة بسيارة أجرة وتسببتُ بوفاة 3 أشخاص ودفعت الشركة الكثير من المال لأهالي الضحايا …حتى غدوت بلا عمل, فقام البنك بملاحقة كفلائي الذين كفلوني يوم استدنت من البنك ونظرا لأنني توقفت عن العمل فإن البنك سيخصم قيمة القرض من الكفلاء الذين بدورهم هددوني بالسجن عن طريق محامي وكلوه بالقضيه إن لم أدفع للبنك.. وزوجتي غضبت مني وذهبت إلى بيت أبيها ورفعت عليّ قضية طلاق وطالبتني بنفقتها ونفقة العيال, وصاحب البيت أيضا رفع عليّ قضية في المحكمة لطردي من البيت الذي استأجرته منه نظرا لأنني منذ عدة أشهر لم أدفع أجرة البيت, وصاحب السوبرماركت المجاور لبيتي رفض إعطائي أي مواد تموينية ووكل أحد المحامين برفع قضية عليّ أمام المحكمة لأسدد ثمن المواد التموينية منذ عدة أشهر, ولهذا السبب ضاقت بي الدنيا وتنكر الأصدقاء والأقرباء لي ولم يتعرف أحد عليّ, فقررت الانتحار, ولكن ما يحزن في الموضوع أنك ظهرت أمامي وعطلت عليّ عملية الانتحار من خلال شربك لكوب الشاي الذي وضعتُ فيه السُمَ لكي أتخلص من الحياة؟ أفلا يدعو هذا بنظرك إلى الحزن والاكتئاب والبكاء؟

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.