كم معلمة في أوطاننا تقبل أن تمد يدها بالقمامة لتلك الغايات المقدسة؟

sultannfriendكنت ولسنوات أتوقف كل صباح في مقهاي المفضل لتناول قهوتي وقراءة صحيفتي المفضلة، وكان يلفت نظري سيدة أمريكية في أواخر الخمسينيات من عمرها، ممشوقة القد، بهيّة الطلعة تمشي بخفة وتتحرك بسرعة وكأنها تؤدي عملا مقدسا، بينما تنبش صناديق القمامة حول المقهى لتجمع منها العلب والزجاجات القابلة لإعادة التصنيع!
كانت ترتدي قفّازين وتحمل بيدها ملقطا طويلا يساعدها على سحب “كنوزها” بدون أن تتسخ يداها!
ذات صباح، وبالصدفة، وقفنا جنبا إلى جنب في رتل الزبائن لنشتري قهوتنا، ولما التقت عيوننا ألقت عليّ تحية الصباح فرديت،
ثم أعقبت: اُكبر فيك نشاطك كل صباح!
شكرتني ودردشنا لدقائق قبل أن نفترق….
فهمت منها أنها معلمة ابتدائي، وهي تقوم بمهمتها الصباحية لمدة ساعتين قبل أن تبدأ المدرسة، أي من الساعة الخامسة صباحا وحتى السابعة!
قالت بالحرف الواحد، وهي تبتسم: (الناس يرغبون أن يصطادوا عصفورين بحجر، أما أنا فأصطاد ثلاثة عصافير بحجر!
أنا من أنصار البيئة، وهذه أهم غاية لي من خلال تلك المهمة، ألا وهي الحفاظ على نظافة البيئة من المعادن التي تساهم في تلويثها، أما العصفور الثاني فهو ممارسة رياضة المشي لمدة ساعتين كل صباح والتي تساعدني في المحافظة على وزني ورشاقتي، أما العصفور الثالث فهو الأكثر متعة، المبلغ الذي أتقاضاه كل اسبوع من خلال بيع المواد التي أجمعها يذهب إلى حساب خاص، وخلال الصيف أستخدم ما في هذا الحساب لأذهب رحلة إلى دولة ما في العالم)
وتابعت تقول: (لم تبقَ دولة في اوروبا لم أزرها، وجهتي لهذا الصيف ستكون الصين!)
…….
كم معلمة في أوطاننا تقبل أن تمد يدها إلى صندوق القمامة بغية أي من تلك الغايات الثلاثة المقدسة؟؟؟
لا أحد…
لا أحد…
لا أحد…. فالمعلمون عندنا لا يحبون صيد العصافير!
ليس إلاّ….ليس إلاّ
(مقطع من كتابي القادم دليلك إلى حياة مقدسة)
**********************
أما آدام فكل يوم يشارك العصافير وجبته الصباحية….


About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

2 Responses to كم معلمة في أوطاننا تقبل أن تمد يدها بالقمامة لتلك الغايات المقدسة؟

  1. خير الكلام … بعد التحية للمتألقة دائما د.وفاء سلطان والسلام ؟

    ١: كم من متطوع في ديار الكفر يخدمون بلدانهم وشعوبهم بصمت القبور وهم الممنونيين ؟

    ٢: ذهبت ذات مرة لضيافة صديق عزيز في إحدى ديار الكفر ، فكنت أشاهد كل يوم بقيت فيه عنده رجلا معوقا يسير بمحاذات الرصيف على كرسي للمعوقين وبيده ملقطا يجمع بواسطته كل النفايات التي قد لا تتمكن سيارات التنظيف من جمعها كأعقاب السكائر والاوراق وغيرها ، فسألت صديقي ماقصته قال ، صدقني أنا أيضا لا أعرف ، ولكن ما أعرفه أن هذا الانسان هذا كاره منذ أن تحولت في هذه العمارة قبل 9 سنين ؟

    ٣: وأخيراً …؟
    على الكثيرين من حثالات البشر ينطبق عليهم هذا المثل الشعبي القائل [هم جايف وهم يفسي ] فكم من إنسان مع ألاسف شهادته شهادة دكتور ولكن عقله لم يزل عقل ثور ، سلام ؟

  2. لمى الخطيب says:

    كما تعلمين ياوفاء فلو حاولت المعلمة في بلدنا ان تبحث في الحاويات فهل سوف تجد غير حفاضات الاطفال وفوط النسوان ؟ وانت ادرى من غيرك بهذا الموضوع ؟ وتعرفين ذلك تماما ؟ ولذلك لاتتحاملين كثيرا على ابناء ضيعتك ؟ واما هذا المعلك الذي يكيل لك المديح فكان عليه اولا ان يصلح حنكه ويعرف يحكي مثل العالم والناس فهذه النوعية من الكائنات اذا قدمت لهن المكسرات ولذائذ الطعام سوف تمرض لانها معتادة على اكل النفايات ولذلك يجب ان يتوفر لها جوها المناسب لبقائها لانه في مرة من المرات اعطوه وردة ليشمها …. فقام بأكلها ….ههههههههه.. هذا هو على حقيقته وهذه عقدته المميتة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.