يتنهد المساء..من عمق التنهد يبزغ ماء محلى بطعم التمر الهندي،تصرخ أمي قائلة :امسحي السائل الدبق عن ذقنك!أشرب ولا أرتوي.
أفكر بأن أقاسم العابرين حديثا مطولا عن الفراشات والقهوة والجلسات العائلية،لكن المساء ينهرني،يعاتبني قائلا الجوع سيد البلاد!أعانده وأقول هي الحرب سيدة البلاد فيصمت.
لماذا تتوقف السماء عن المشي بغتة ؟ والغيوم تذوب قي حضن الريح، أصوات الدحاحل تكرج على الاسفلت المخربش كالروح،فتى يجمع غلته الوفيرة من الدحاحل بعد فوزه بضرب الرؤوس ببعضها وآخر يفصح عن ثروته بالدحاحل العملاقة، بليدة وخانعة تستقر في كيس باهت لتتغنى بحجم بلا معنى وبلا قيمة.
على الرصيف المقابل نساء مسربلات بالسواد ولطمية منفرة..تبتعد النسوة إذ يتصاعد اللهب من الكلمات..تتلحفن بمناديلهن لتدارين اللسع واللطم والوعيد المسفوح كمطر جرار في بلاد شوارعها بلا أنابيب لتصريف الحقد والماء الفائض وتراكم الأسئلة.
لمن هذي البلاد؟ والرصيف ابن من؟ والحريق كيف له أن لايبلغ السماء الراكدة كوهم عتيق؟
لمن هذي الدحاحل اللاسعة كلطمية على اسفلت مخربش كالروح؟ وكيف يتحكم الفتى بسطح الدحلة ليطيح برأس قاس وصلد؟
لمن هذي البلاد المتروكة للعبث المدوزن كأغنية تراثية عميقة ومغرقة في اكتمال الشبه مع الرحيل؟
أأنا أشبه البلاد أو أترجى ذلك؟ أأنا من تحتسي التمر الهندي مع المساء ونتنهد؟
كل شيئ ضاق..ضاق حتى ضاع…
سلوى زكزك: اديبة سورية