على أيام المسيح كان هنالك شيطانا واحدا وعلى أيام أبونا آدم كان هنالك شيطانا واحدا أما على أيامنا نحن فحدث ولا حرج عن أعداد الشياطين.
يا رب نحن محاجون إليك..فسد الملح في بيوتنا ولم يعد أحدٌ منا يفتش الكتب, يا رب نحن محاجون إليك لحضورك في حياتنا على المائدة وعلى مقاعد الدراسة وفي المنتزهات والجامعات ودور السينما…يا رب نحن محاجون إليك مسلمون ومسيحيون ويهود وهندوس وبوذيون ولا دينيون, نحن محاجون إلى كل قطرة دم وذرة ملح لأن الدم الذي في عروقنا قد فسد أيضا مثلما فسد الملح, نحن محاجون إليك لحضورك على ألسنتنا لأن السُكّر أيضا قد فسد من على ألسنتنا ولم نعد نتذوق طعم السكّرَ من على ألسنة الناس, يا رب نحن محاجون إليك لتقف معنا في كل صباح وفي كل مساء فبعدما فسد الملح والدم والسُكّر فسدَ أيضا الهواء الذي نتنفسه, على أيام يسوع كان الملح وحده هو الذي فسد وفي أيامنا فسدَ السكر والملح والدم والهواء والخضروات واللحوم أيضا فسدت ونظام التربية والتعليم فسد والناس فسدوا, كانت على أيام يسوع الخضروات واللحوم غير فاسدة وكان الهواء نقيا ومع ذلك كان يعاني تلامذة يسوع من فساد الملح وحده أما نحن فكيف سنصفُ لك معاناتنا وقد فسد كل شيء حتى الأهل والأصحاب والأقارب والجيران والأحبار والشيوخ والمعابد ومراكز التعليم, نريد منك أن تأتي إلينا حالا لترمم لنا النظام البيئي الذي من حولنا, فالنظام البيئي والسياسي والثقافي كله أصبح فاسدا وحياتنا أفسدها الحكام والموالون للشياطين, فعلى أيامك أنت كان هنالك شيطانا واحدا تقاتله وكان الملح وحده هو الذي فسد ولكن على أيامي أنا هنالك مئات بل آلاف الشياطين وأنا أقاتل على كل الجبهات وحدي, أقاتل شياطين لا حصر لهم ولا عدد لهم أتوقف عنده, كل يوم يظهر في طريقي ألف شيطان يلتفون بعباءات وأجنحة الملائكة ويضعون على وجوههم أقنعة مزيفة ومزورة.
إن المعركة التي نخوضها اليوم مع أعدائنا أعظم من تلك التي كنت أنت تقف على جبهتها, اليوم الملح والدم والهواء والكُتب كلها فسدت وتعددت أنواع الشياطين الذين يتعرضون لنا في الأزقة وفي الطرقات وعلى أبواب المعابد وفي دور الملاهي والسينما والثقافة.
حياتنا فسدت وقيمنا الروحية فسدت حتى أن الشياطين أفسدوا أبنائنا وزوجاتنا علينا, أفسدوا حبات المطر وكوز الماء الذي نشرب منه, يا رب فسد الماء…فسد الماء, ولم أعد أجد ينبوعا واحدا صافيا أشرب منه, أفسدوا حياتنا أفسدوا عواطفنا ومخيلاتنا, الفساد يعشش في قلوبنا ويتسلل إلى أجسادنا من جلودنا وأعداؤنا اليوم ليسوا ظاهرين لنا لكي نعرفهم بل يختبئون في مطابخنا وغرف نومنا وإسطبلاتنا, أعداؤنا اليوم هم شياطين , فسدتنا أروقتنا القضائية والثقافية, فسدت مصحاتنا النفسية والمستشفيات وحتى المضادات الحيوية, أيام زمان كانت حبة من المسكن تشفينا أم اليوم فإن آلاف الأنواع من المسكنات لا تكفي لتسكين آلامنا, أحلامنا فسدت, فتعال إلينا نحن محاجون إليك من كل جنس ونوع ومن كافة المستويات التعليمية والثقافية, يا رب فسدت اللغة والأحرف وفسدت لغة الصم والبكم , نحن محاجون إليك فتعال إلينا وطهر قلوبنا, القلوب مرضت والأنفس مرضت , وأيام يسوع كانت الناس الخطاة تزني بأعينها وبآذانها أما اليوم فإن الناس يزنون تحت أقدس الأقداس, يزنون بتربيتنا وبعقولنا وبقلوبنا, يزنون بكل ذرة تراب من وطننا …يزنون بالبراءة وبالطفولة وبالأحلام العتيقة..يزنون بالنعمة وبالعمومة وبالخؤولة..يزنون بكل ما هو مقدس بالنسبة لنا والعهر والتعهر قد ملء الشوارع فلم نعد نفرق بين الدين والسياسة والدعارة.