قناعات غير مقنعة

كل الأنبياء والرسل الذين اعدوا بأنهم قادمون إلينا وبيدهم رسالة من خالق الكون لم يقدموا لنا إجابة واضحة عن معنى الحياة ومغزاها وما الذي جئنا من أجله وإلى أين منتهانا, كل المشاكل العالقة لم يقدم الأنبياء والرسل حلا لها, كل العلماء من فيزياء وأحياء وفضاء لم يعرفوا على أين تذهب الأموات,تمرُ الأيام والأسابيع والشهور والسنين علينا نقضيها ونعيشها رغما عنا ولا ندري إلى أين يأخذنا المسير,وكل الفقهاء عاشوا معنا في نفس المحنة التي نحن فيها ومع ذلك عجزوا عن حل مشاكلنا, تظهر مشاكلنا ويظهر معها علماؤنا ويمضون ويغادرون الحياة والمشاكل ما زالت عالقة لم يقدم عليها هؤلاء العلماء أي حل, المشاكل الدولية والنزاعات الدولية والنعرات والنزاعات الطائفية ما زالت بدون حلول, وكل السياسيين الذين جاءوا لحل مشكلة واحدة نجدهم يضعون لكل مشكلة حلا بسيطا بمقابل ظهور ألف مشكلة أخرى, يعني يحلون مشكلة واحدة وبنفس الوقت يتسببون بخلق مشاكل جديدة,والأنبياء والرسل جميعهم قدموا أنفسهم كمحللين وكمفككين لمشاكلنا في الوقت الذي يموتون فيه تاركين وراءهم ألف مشكلة بدون أي حل.

نحن نضحك على أنفسنا,والسياسيون يضحكون علينا,والأنبياء زادوا الطين بلة,كل شيء ما زال كما هو وبدون أي حل, لقمات من الخبز نأكلها لكي تزيد وتطول في أعمارنا لنتألم أكثر ولنتجرع الهم والغم أكثر,ما نأكله ونشربه يزيد من أعمارنا لكي نجوع مرة أخرى ولكي نعطش مرة أخرى,فما هي هذه الحياة وهذه الفوضى التي نحياها!!!وكلمات نسمعها ونرددها ولا ندري ماذا سيحل بنا!!كل العلماء من بدء الخليقة إلى هذه الساعة لم يعرف أي واحدٍ منهم من نحن ومن أين أتينا,حياة نحياها وإلى الموت منتهاها ولا ندري ماذا صنعنا حتى نستحق كل هذا العذاب, كلنا إلى الزوال والزوال مصيره إلى الزوال والشكوك تملئ رؤوسنا والأحزان تتدفق من قلوبنا,ثقوب سوداء لها جاذبية أقوى من سرعة الضوء تمتص الضوء نفسه وتحبسه في داخلها وتمنعه من الظهور,ويوما ما سيلتهمنا واحدٌ من تلك الثقوب,إننا مثل باقي الحيوانات نأكل ونشرب ونمرض ونموت وتنتهي قصتنا إلى الأبد ويحزن أهلنا علينا يوما أو يومين أو ساعة أو ساعتين ثم تنطوي صفحة العمر التي عشناها ولا يتذكرنا أي أحد ونصبح عبارة عن بقايا من الصور الباهتة تذرونا الرياح والسنون.

أنبياء أنزلوا الكتب من السماء وكلموا الخالق وجها لوجه,وجعلوا العصي أفاعي وغادر آخرهم من الأرض إلى السماء وقابل كل الأنبياء وكل الرسل وكل الملائكة وشاهد أهل الجنة وأهل النار وفي نفس الوقت لم يستطع أي واحد منهم أن يقدم لنا حلا لمعضلة الكون والإرادة والمشيئة ولماذا جئنا وإلى أين سننتهي ولماذا جئنا من أصله!!نحن نعيش في مغارة أشباح ونتحرك على مسرح كوميدي هزلي وساخر من الآخر,لا شيء من الممكن له أن يقنعني بقصة وجودي ووجودنا كلنا,كل الأشياء غير مفهومة والتاريخ يكذب بعضه البعض وعلم الاجتماع يكشف لنا عن غباء المتدينين ملايين من البشر ملئوا الأرض أسئلة وملئوها بالكلام المفيد وغير المفيد وصنعوا اللغة من علم الأصوات ولم يستطع واحد فيهم أن يقول لنا إلى أين يذهب الأموات,نحن بطون لا تشبع,وقلوب لا ترحم,وعقول لا تتوقف عن صياغة الأسئلة,وعيون لا تتوقف عن مد النظر,وألسنة لا تكف عن الكلام,ومع هذا لم نستطع أن نتوصل إلى إجابة واحدة مقنعة لأصحاب العقول النيرة.

أشياء نفعلها بمحض إرادتنا وأشياء نفعلها رغما عنا,ولا ندري ما هي الخطوات المرغمون عليها ولا ندري ما هي الخطوات غير المرغمين عليها,نحن في حيرة,لم نكتشف بعد ما هي الإرادة وما هي غير الإرادة ومن منا القوي ومن منا الضعيف!ومن هو الإنسان الصالح ومن هو غير الصالح ومن هو المؤمن ومن هو غير المؤمن ومن الرابح ومن الخاسر!لا أحد منا جاء بمحض إرادته ومن هو الذي غادر بمحض إرادته!وأخيرا من هو الخالق ومن هو المخلوق؟ ومن هو الظالم ومن هو المظلوم,ومن هو القاهر ومن هو المقهور,ومن هو الصانع ومن هو المصنوع؟!ومن هو الصادق ومن هو الكاذب!.

وخطوات نخطها ولا ندري إلى أين ستنتهي بنا تلك الخطوات, لمسات نلمسها بأيدينا وألحان نعزفها وأفكار تشطح بنا بعيدا إلى عالمٍ لا ندري ولا نعرفُ عنه أي شيء,هكذا هي الحياة تضحك في وجهنا ساعة وتكشر في وجوهنا سنين طويلة, ليالي الشتاء الطويلة عشناها معا وأيام الصيف الطويلة نقضيها معا وفي النهاية تعب وشقاء وأرق وأكثر من 100سؤال وأكثر من مليون عالم ومليون نبي ورسول ولا أحد منهم قدم جوابا أو حلا للغز الذي نعيش فيه,قرأت كل شيء فما زادتني قراءتي إلا حيرة.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.