قلبي يعتصر ألماً على بيازيد من هول وقسوة ما حصل،

Eiad Charbaji
 لا أخفيكم رغم أنني من أوائل المغرر بهم والأوْلى أن أكون حاقداً متنمراً، إلا أن قلبي يعتصر ألماً على بيازيد من هول وقسوة ما حصل، فهو ليس بهين على أي انسان فيه قطرة من دم، وأنا أقرأ ردود الأفعال القاتلة طيلة ليلة البارحة، خطر على بالي خواطر شتى منها “بعد إغلاقنا كل أبواب النجاة أمامه، ماذا لو انتحر بيازيد فعلاً الآن، على من تقع الملامة، وماذا سيكون موقفنا؟”
أعترف أنني كنت معجباً به وأصدّقه، وأينما اجتمعنا أقدّمه للناس على أنه الشخص الموهوب المكسب لسورية والسوريين، وحاولت خلق عدة فرص له.
وكان محمد وزوجته سماح بالمقابل بارعين جداً بتسويق نفسيهما، ولا يتركان فرصة لا يستغلانهما لأجل هذه الغاية، وفي كل يوم كانا يفاجئاننا بما يدعم ذلك، مرة بجائزة سينمائية حصلا عليها في هذا المهرجان، وأخرى بإلقاء كلمة في محفل كبير في ذلك المؤتمر، وكنا نصدق، لأننا نحبهما ونثق بهما، بل نسعى كل جهدهنا لدعم مسيرتهما، رغم أنهما لم يكونا يظهران أي شكر ومنّة، ويعتبران ما نقوم به لأجلهما واجباً علينا، وفي الحقيقة أنا كنت أنظر للأمر من هذه الزاوية أيضاً فلا أجد ضيراً في ذلك.
وعلى هذا الأساس ساهمت مثلاً بإظهار سماح مرتين على شاشة الجزيرة من واشنطن بعد فيلم (هاجر) بصفتها كاتبة لسيناريو الفيلم كما ادعت، قبل أن أعلم الحقيقة متأخراً من الكاتبة الحقيقية سيرين حمشو التي زرتها في بيتها في نيويورك.
أيضاً مع محمد نفسه، ناضلت طيلة شهور ليكون موضوع حلقة من برنامج (هذه قصتي) على الجزيرة، وكان هو يتابعني ويلاحقني بشكل دائم أيضاً، إلى أن تم الأمر وتم تصوير الحلقة وعرضها لتحصد ملايين المشاهدات، وكان كلاهما يقولان في العلن عن ذلك (اتصلت بنا الجزيرة، الجزيرة تلاحقنا، لم نستطع التهرب من الجزيرة)، وهو ما ظهر جلياً في فيديو البارحة عندما قال محمد باستهتار عن الجزيرة أنها (تحصيل حاصل) على اعتبارها مضمونة في جيبه ويستطيع الوصول لها متى يشاء عن طريق أصدقائه.
الآن اراجع ذاكرتي فأجد الكثير من المحطات المشابهة التي غضضت فيها النظر عن تفاصيل كنت أعتبرها أخطاءً صغيرة ولا تستحق التوقف، ولكنني لن أخوض فيها لأن البيوت أسرار، فقط سأكتفي بواحدة ما تزال تتكرر في كل يوم بشكل خاطئ، وللأسف ساهم بيازيد نفسه بترويجها عن نفسه قصداً، وهي أنه يحمل الجنسية الأمريكية، والحقيقة أنني واحد من قلة قليلة ممن يعلمون أنه لا يحمل حتى الاقامة الدائمة الغرين كارد.
من كل قلبي أشفق عليك يا محمد، ولا أشمت بما تتعرض له اليوم، ففيه الكثير جداً من القسوة والقليل من المروءة، خصوصاً في ظل وسائل التواصل الاجتماعي التي تمنح بعض اللاخلاقيين والمتمّرين منبراً للاساءة بعلم أو غير علم، لكنه خطؤك في النهاية يا محمد، عندما كنت تخطط بكل وعي وإدراك للكذب على الناس واستغلال عواطفهم، واستغلال أطهر قضية الآن في الوجود، وهي القضية السورية، وأنت من اخترت وسائل التواصل الاجتماعي -ذاتها التي تقتلك اليوم- وسيلة ومنبراً لخداع الناس والبسطاء، وما لقيته هو من صنع يديك وحدك، وعليك أن تجداً مخرجاً من هذه الورطة، وإذا احتجت مساعدة أو مشورة على هذا الصعيد فلن نتركك ولن نقصّر معك، بشرط أن تتوقف عن لعبة الانكار والاستغباء، وتقرر التصالح مع نفسك.
أخيراً:
هناك قناعة عملت بها منذ بداية الثورة تقول “إذا تركت الأخطاء الصغيرة تتراكم، ستتحول إلى خطأ كبير”، وقد مارست هذه القناعة في كل مكاشفاتي وانتقاداتي للموروث الديني والمعارضة والمجتمع، لكن لا أدري يا محمد لماذا معك فقط تجاهلتها، وسمحت لك بتمرير الكثير من الأخطاء أمامي.

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.