(مهداة إلى جبران تويني وكل شهداء انتفاضة الاستقلال)
إنه اسبوع بدء المحاكمة أمام المحكمة الخاصة بلبنان التي تتولى التحقيق في جريمة اغتيال الئيس رفيق الحريري والجرائم المرتبطة بها. قالوا الكثير فيها، وسرقوا معلومات من عاملين فيها، وسخّروا الامكانات الكثيرة لذلك، وجنّدوا المئات من العملاء، وصولا الى رجال قانون جعلوا شغلهم الشاغل نسف الاسس التي قامت عليها المحكمة، والتشكيك في صدقيتها.
يحاولون اليوم مجدداً إرجاء المحاكمة، وتأجيل الجلسات الى الحد الأقصى الممكن، لا لهواية، انما لإدراكهم الاكيد ان المحكمة ستكشف الكثير من الامور، وستفضح ملفات مرتبطة بأنظمة وأحزاب ومسؤولين وأفراد، ولو احتاج الأمر الى شهور وسنوات. المهم إحقاق العدل ولو متأخرا، فأن تأتي العدالة متأخرة خير من ألا تأتي أبداً، وهذا ما نأمل فيه من جهاز دولي متحرر من قيود الداخل، ومن التهديدات التي تطاول الجسم القضائي اللبناني، فتمنعه عن القيام بواجبه خير قيام .
لا نهدف بتهليلنا للمحكمة الى انتقام من لبنانيين نتشاطر وإياهم البلد والاقامة فيه، وربما لا نشاطرهم المواطنة لان لها شروطا (ذلك ان المتهمين الخمسة حتى تاريخه لبنانيون)، بل نهلل لكل قيد يمنع الجريمة التي امتدت ثلاثين عاما، وأودت بكثيرين من كبار رجالات البلد، ولم يكن ممكنا وضع حد لها. وهذه اليد القاتلة تستمر الى اليوم، وكان آخر ضحاياها الوزير السابق محمد شطح، في رسائل متعددة الى الداخل اولا، والى القوى الاقليمية والجهات الدولية، ومنها المحكمة الخاصة بلبنان ربما.
بالأمس تحدث الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون والمدعي العام للمحكمة نورمان فاريل الى “النهار” فأكدا ان بدء المحاكمة خطوة بالغة الاهمية، وان ادلة جديدة ستظهر. وقال فاريل: “هناك أشكال أخرى من الأدلة ستبرز خلال المحاكمة، وسوف تستمعون خلال افتتاح المحاكمة الى هذه الأدلة، وسوف تسمعون أيضا لمزيد من التفاصيل، سوف يظهر لكم أن دليل الاتصالات ليس مصادفة. هناك أفعال مكررة، وأنماط محددة، ومراقبة ثابتة ودائمة، من الموقع نفسه، وهذه المراقبة جرت من الأشخاص أنفسهم بالهواتف نفسها وامتدت على مدار خمسين يوماً، وهذه المراقبة استهدفت بطبيعة الحال الحريري، وإذا كان سؤالك قد يشير بطريقة معينة إلى شكوك في دليل الاتصالات، فأعتقد انه سيتضح للجميع خلال المحاكمة أن هذا الأمر غير صحيح إذا ما نظرنا إلى طبيعة هذا الدليل وعمقه ومدى امتداده”.
هذا بعض مما قيل، ونحن ننتظر المزيد، ونتطلع الى حقيقة، يقول البعض، من باب السخرية، اننا لن نشهد عليها في حياتنا، فنرد عليهم: “المهم ان نحمي أولادنا ومستقبلهم في هذا الوطن الذي اسمه لبنان والذي دفعنا من اجل بقائه الاثمان الباهظة، ولن نتخلى عنه اليوم”.