قصيدة الحزن (مدرسة الحب)؟

نزار قباني

قصيدة الحزن غناها كاظم الساهر بعنوان: مدرسة الحب

علمني حبك ..أن أحزن
 
 و أنا محتاج منذ عصور
 
 لامرأة تجعلني أحزن
 
 لامرأة أبكي بين ذراعيها
 
 مثل العصفور..
 
 لامرأة.. تجمع أجزائي
 
 كشظايا البللور المكسور 
 *** 
 علمني حبك.. سيدتي
 
 أسوء عادات
 
 علمني أفتح فنجاني
 
 في الليلة ألاف المرات..
 
 و أجرب طب العطارين..
 
 و أطرق باب العرافات..
 
 علمني ..أخرج من بيتي..
 
 لأمشط أرصفة الطرقات
 
 و أطارد وجهك..
 
 في الأمطار ، و في أضواء السيارات..
 
 و أطارد طيفك..
 
 حتى .. حتى ..
 
 في أوراق الإعلانات ..
 
 علمني حبك..
 
 كيف أهيم على وجهي..ساعات
 
 بحثا عن شعر غجري
 
 تحسده كل الغجريات
 
 بحثا عن وجه ٍ..عن صوتٍ..
 
 هو كل الأوجه و الأصوات 
  *** 

  أدخلني حبك.. سيدتي
 
 مدن الأحزان..
 
 و أنا من قبلك لم أدخل
 
 مدن الأحزان..
 
 لم أعرف أبداً..
 
 أن الدمع هو الإنسان
 
 أن الإنسان بلا حزنٍ
 
 ذكرى إنسان.. 
 ***

 علمني حبك..
 
 أن أتصرف كالصبيان
 
 أن أرسم وجهك ..
 
 بالطبشور على الحيطان..
 
 و على أشرعة الصيادين
 
 على الأجراس..
 
 على الصلبان
 
 علمني حبك..
 
 كيف الحب يغير خارطة الأزمان..
 
 علمني أني حين أحب..
 
 تكف الأرض عن الدوران
 
 علمني حبك أشياءً..
 
 ما كانت أبداً في الحسبان
 
 فقرأت أقاصيص الأطفال..
 
 دخلت قصور ملوك الجان
 
 و حلمت بأن تتزوجني
 
 بنت السلطان..
 
 تلك العيناها .. أصفى من ماء الخلجان
 
 تلك الشفتاها.. أشهى من زهر الرمان
 
 و حلمت بأني أخطفها
 
 مثل الفرسان..
 
 و حلمت بأني أهديها
 
 أطواق اللؤلؤ و المرجان..
 
 علمني حبك يا سيدتي, ما الهذيان
 
 علمني كيف يمر العمر..
 
 و لا تأتي بنت السلطان.. 
 ***

 علمني حبك..
 
 كيف أحبك في كل الأشياء
 
 في الشجر العاري..
 
 في الأوراق اليابسة الصفراء
 
 في الجو الماطر.. في الأنواء..
 
 في أصغر مقهى..
 
 نشرب فيه، مساءً، قهوتنا السوداء..
 
 علمني حبك أن آوي..
 
 لفنادق ليس لها أسماء
 
 و كنائس ليس لها أسماء
 
 و مقاهٍ ليس لها أسماء
 
 علمني حبك..
 
 كيف الليل يضخم أحزان الغرباء..
 
 علمني..كيف أرى بيروت
 
 إمرأة..طاغية الإغراء..
 
 إمراةً..تلبس كل كل مساء
 
 أجمل ما تملك من أزياء
 
 و ترش العطر.. على نهديها
 
 للبحارة..و الأمراء..
 
 علمني حبك ..
 
 أن أبكي من غير بكاء
 
 علمني كيف ينام الحزن
 
 كغلام مقطوع القدمين..
 
 في طرق (الروشة) و (الحمراء).. 
 ***

 علمني حبك أن أحزن..
 
 و أنا محتاج منذ عصور
 
 لامرأة.. تجعلني أحزن
 
 لامرأة.. أبكي بين ذراعيها..
 
 مثل العصفور..
 
 لامرأة تجمع أجزائي..
 
 كشظايا البللور المكسور..

نزار قباني (مفكر حر)؟

About نزار قباني

نزار قباني (1923 - 1998) سفير وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة دمشقية عريقة إذ يعتبر جده أبو خليل القباني رائد المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلاً بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيزًا خاصًا في أشعاره لعل أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.