قصة و حكمة من زياد الصوفي.. 83

القصة:

بنهاية الخمسينات، اتصل فيه والدو على المانيا.. ولك ابني شو عم تعمول بأوروبا، ست سنين ما شبعت فيهون دراسة؟؟ أرجع عاللادقية لتعيش بين امك و أبوك و نجوزك و نفرح منك..

سمع كلام أبوه و حمل حالو بعد ست سنين غربة و رجع عاللادقية..

بعد التأميم الناصري و الفاجعة البعثية ببداية الستينات، كان خسر وكالة السيارات اللي فتحها، و صالة المفروشات اللي أسسها ليعيش منهون..و إجا وقت البحث عن عمل بظل البعث..

المشكلة أنو ما كان بيوم من الأيام بعثي.. و مع ذلك و بخطوة مدروسة من شياطين هالحزب، قررو يسلمو المناصب الكبيرة بالبلد لأولاد العيل المعروفة لكسب ودهون و رضاهون بشكل غير مباشر..

و هاد اللي صار .. بعد ما خسر غربتو بألمانيا، و خسر وكالة السيارت و صالة المفروشات، اتعين نائب مدير لشركة التجارة الخارجية الحكومية..

بعد سنتين و نتيجة عملو، اترقى ليصير مدير هالشركة ليستمر على راسها من سنة 68 لسنة 98…

انسان عصامي رفض يكون مليونير متل ما لقبوه تجار اللادقية..انسان ربى ولادو الأربعة أنو هالسيارة اللي بتاخذني و بتجيبني كل يوم هيدي سيارة الدولة و ما بتنصف إلا بكراج المؤسسة لما بيخلص الدوام..

تلاتين سنة اتعرض لكل ضغوط و قذارة تجار بيت الأسد و ما مرة اتنازل عن حق للدولة..

تلاتين سنة مرت، ولادو الأربعة ما عرفو من هالشركة اللي بادارة أبوهون إلا الشوفير أبو مازن اللي كان ياخدو و يجيبو من الدوام..

بآخر كم سنة و قبل ما يطلع عالتقاعد، قرر يرتب شي لحتى يضيع فيه وقتو بس يتقاعد.. من ثمن بيت أهلو اللي باعو، اشترى بمشاركة أحد أقرباؤو مخزن بشارع الأميركان مقابل قهوة المنتدى، و بحكم مركزو و مكانتو الاجتماعية ما كان فينو يفتح أي شي، فلحق حلمو القديم و راد أنو يجهز مكتبة عصرية مو لبيع الكتب، إنما لتأجيرها..

الغرض ما كان ربحي أبدا، عأد ما كان تضييع لوقت ما بعد التقاعد، و تقديم خدمة لشباب الجيل الجديد و تقريبهون أكتر من الكتاب متل ما عمل مسبقا و قرب ولادو من مكتبة عيلتو اللي ورثها أبا عن جد و كبرها لصارت وحدة من أكبر مكتبات اللادقية..

بعد ما خلص تجهير المحل.. و الافتتاح صار عالأبواب.. و السعادة اللي غامرتو لهالانسان ما بتنوصف أنو أخيرا جزء من أحلامو رح يتحقق..

بيجيه تلفون بالليل..

أنا هشام الحسن من مكتب احمد مخلوف..

هالمحل اللي عم تجهزو يا استاذ، بتعرف أنو ببناية الأستاذ احمد مخلوف، و المعلم بدو يشتريه منك.. – سلملي عالأستاذ احمد و قلو المحل مو للبيع أبدا..

بس يا استاذ: الاستاذ احمد عم يعرض عليك هلق تاخود حقو لهالمخزن، أسمع مني و ما تكبر راسك أحسن ما ياخدو بالزور..

تحت ضغط عشرين تلفون من هشام حسن، و ترهيب كل محيطو و أصدقاؤو لهالانسان،و ضغط مرافقة المخلوف اللي كل يوم يجرو كراسيهون بأوامر من معلمهون و يقعدو على باب المكتبة، قرر يتنازل عن المخزن بالسعر اللي قدمو احمد مخلوف، و هوة بيعرف ضمنا أنو لو ما عطاه هالمخزن، رح ياخدو بالقوة، أو بأقل تقدير ما رح يخلي انسان يدخل عليه..

خسر غربتو ليرضي أبوه..

خسر وكالة السيارات ليرضي حقد جمال عبد الناصر..

خسر معرض المفروشات ليرضي نفاق حزب البعث..

خسر تلاتين سنة من عمرو مدير شريف ليرضي مخطط النظام الأسدي بتلهية أهل البلد بالمناصب..

خسر حلمو بمكتبة التقاعد ليرضي غرور و استكبار ابن المخلوف..

بيسألني بيوم من الأيام قبل ما يتوفى: قلي يا زياد شو كسبت أنا بعد كل هالعمر؟؟؟

و كان جوابي: كسبت صورتك و سمعتك و راحة بالك، و أربع ولاد رافعين راسهون أنو حاملين اسمك يا اشرف بابا بالعالم..

الحكمة:

كتب بوصيتو قبل ما يموت: اكتبو يا ولادي على قبري:

عاش هذا الرجل بسرور و مات و هو مطمئن..

الله يرحمك يا أبو زياد، حتى على شاهدة قبرك ضليت عم اتكابر و تدعي السرور و الطمأنينة..

زياد هشام الصوفي…

 

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.