حكاية اليوم مو حكاية عادية.. هية قصة مدينة كانت بيوم من الأيام قبل البعث و حكم بيت الأسد مقصد لكل انسان بدو يعيش الحياة البسيطة بنكهة خاصة بتميز هالمدينة..
اللادقية المدينة الحلوة قبل ما تتحول لضيعة كبيرة..و مو ضيعة عادية، ضيعة بشعة..
الجيل اللي عاش عالفانوس و الحناتير بعدو عايش بيناتنا.. أهالينا اللي كبرو على فانوس الزيت، اليوم عايشن ثورة ولادهون عاللي دخلو الإنترنت عالبلد..
اللادقية اللي كانو أهاليها مجموعين بخمس حارات رئيسية ( الصليبة، الشيخضاهر، القلعة،الطابية،مار تقلا )، اللي مات منهون و لاقى ألو مطرح بمقبرة القلعة أو الشخصاهر ليضل جزء من تربة هالمدينة، و اللي حظو قليل انشلح بمقبرة بدون توقيع أو شخصية و بدون ما يكون الها من اسمها أي نصيب ( مقبرة الروضة )..
أنا ماني ختيار لحتى اتذكر كيف كانت هالبلد.. من كتر حظي و من قلتو عشت فترة التخريب المنهجية اللي لحقت بلادقيتنا..
حتى اتغير شخصية أي مدينة لازم تبدأ بتخريب و تشويه النسيج الاجتماعي و العمراني و الثقافي..
اجتماعيا.. اللادقية كانت مزيج خلاب من مجتمعين محافظ و منفتح.. مجتمعين متعايشين مع بعضهون بدون تكفير من الأول للتاني و بدون استهزاء من التاني للأول..
على مستوى زاروبة بيت جدي بالقلعة( زاروبة البوش)، بيت الصوفي و بيت هلال و بيت كومين و بيت الدباغ و بيت الشلفة..
عيلة وحدة، عرس حدا من ولادهون عرس للزاروبة كلها، و انك تسمع صوت القرآن ببيت الكومين بعزا حدا من بيت الصوفي حالة مانها للاستغراب و التعجب..
عم اتطلع فيكي يا لادقيتي اليوم.. الأخ بيغدر أخوه، و الابن عاق لأمو ، و الحارات نفسها صارت بلون واحد، و الحقد و الكره بين المناطق وصل لدرجة عالية لحد الاصطدام..
المجتمع المدني من كشاف و أندية اجتماعية تانية( الليونز و اللوتري و المجمع الاجتماعي) انصهرو بفقاعة البعث الحاكم و الوحيد..
أندية خرجت أكبر الشخصيات بالمدينة، و وصلتهون لاعلى المناصب السياسية و الاجتماعية و الثقافية، اليوم ولادهون و أحفادهون بعواصم أوروبا و أميركا و الخليج لاهثين ورا الدرهم و الدولار ، تاركين المدينة لشوية متسلقين همهون الأول سرقة تاريخها و ثرواتها..
قصر بيت السعادة صار مقر لحزب البعث..
صرح بيت أودولف سعادة صار شوية دكاكين عالعضم مملوكين لفواز الأسد..
حديقة كنيسة اللاتين صارت بناية قبيحة غير مأهولة لمنذر الأسد..
فيلا ميشيل الياس صارت بلوك شنيع لوهيب مرعي..
قصر الدكتور شدياق صار أرض فاضية مملوكة لاصف شوكت..
قصر بيت الشريتح بالصليبة صار عبارة لبيع الصرامي..
زاروبة الموارنة صارت باليه..
مدرسة تجهيز الشباب صارت ثكنة للشبيحة..
متحف اللادقية صار حيطان فاضية بدون آثار بعد ما انهبت كلها..
صلنفة الرائعة بجوها اللي بيطير العقل و ببيوتها الفرنسية التصميم، صارت مدينة ببنايات عالية مصطافيها بيركبو مكيفات بالصيف من حماوة الباطون بعد ما حرقو كل غابات الشوح..
بيت الحاكم الفرنسي بسورو المزين بالاضاليا و الغاردينيا و اللي كان مزين ساحة صلنفة صار سور عالي بيصيفو فيه ولاد حافظ الأسد المندوب السامي الجديد..
كورنيش اللادقية اتبلط و صار مرفأ و جورة كفر للصوص..
حديقة البطرني صارت للحشاشة..
كازينو اللادقية صار أوتيل نجمة وحدة..
الشيخ صار بياخود خطبتو من فرع الأمن.. و الخوري بياخود تعليماتو من مساعد صغير بأمن الدولة لوعظة يوم الأحد..
و الحرامي و المرتشي حلال عليه، و الشريف و الآدمي صار يا حرام درويش بدو كتير..
انعدمت القيم و الأخلاق و إجا محلها ثقافة ألف أم تبكي و أمي ما تبكي..
و بيت خيربك و إسماعيل و أسبر و العبدالله و الخير و معلا، مشايخة و أرباب الطائفة الكريمة صارو صف تاني و تالت بعد بيت الأسد و أزلامهون..
أاااااااه يا هالبلد شو عملو فيكي.. قسما بالله لو اجتمعو كل مخربين العالم ليخبربو مدينة، ما بيقدرو يعملو اللي عملوه فيكي هالعيلة النسة..
قصة هالبلد طويلة و حزينة، و اللي بيشهد على حزنها أنا ابنها ، حفيد اول صوفي دخلها من ألف سنة، و تركتها مع كل عيلتي بعد ما اتحملنا التركي و الفرنسي و ما هجرنا، أجت عيلة صغيرة من ورا التاريخ هجرتنا متل كل أهل اللادقية الأصليين..
الحكمة:
ابعات أنيسة على باريس، و اتفرج عليها كم سنة كيف باتصير ستخيريس..