بصيف ال 2011 و قبل رمضان بكم يوم, كانت اللادقية كل يوم تتزين بشبابها اللي بالشوارع و اللي عم يتظاهرو و يعتصمو بحارات و ساحات المدينة..
كل يوم ارجع عالبيت بعد المظاهرة و متل العديم, أقعد اتفرج عالتلفزيون على مظاهرات حماة المليونية.. اتفرج على كل التفاصيل, من التنظيم للهتافات للأغاني الشعبية لروح الألفة بين اهالي هالبلد اللي دفع تمن علو صوتو بيوم من الايام بتمانينات القرن الماضي..
اجا عبالي شارك بوحدة من هالمظاهرات بحماه, فطلبت من صديق الي من معرة النعمان أنو يدبرلي روحة لهونيك, و بغفلة عن والدتي اللي قلتلها طالع عصلنفة, حملنا حالنا و رحنا على حماة..
الشباب اللي كانو طالعين من المعرة لحماة بالسيارات و الباصات ليشاركو اهالي المدينة فرحتهون ما بيتقدر عددها..
لدرجة أنو قلتلو لصديقي المعراوي, و لك كيف بتتركو المعرة بلا رجال و بتروحو على حماة؟؟
قلي: نسواننا و ولادنا أكدع من رجال الشبيحة..
حكاية اليوم وقعت أحداثها مع أبطال معرة النعمان..
بغفلة من الزمن وبليلة خريفية من عام 2012 و أثناء رجعة حسين ابن ال 16 سنة على بيتو, بتوقفو سيارة أمن و بيختطفوه و بياخدوه على مبنى المركز الثقافي بالمعرة..
المبنى اللي كان من المفروض أنو يكون منارة علم و ثقافة لأهل المدينة, ارتأى نظام العهر لتحويلو لمعتقل بعد الاعلان عن تحرير المدينة من عصابات بيت الاسد..
ستين يوم قضاهون أحمد مع 46 من شباب المدينة بقبو المركز الثقافي..
قبل ما ادخل بالتفاصيل, بحب نبّه أصحاب القلوب الضعيفة ما يكملو قراية القصة..
القبو تحت الأرض، تحت المكتبة العامرة بالكتب اللي بتحكي عن التطوير والتحديث ومقاومة الإمبريالية و أنو الإنسان هوّة عصب المقاومة…
كانو 46 معتقل بلا أقل حقوق السجناء، لا مذكرة اعتقال، و لا تهمة واضحة، و لا محاكمة، و لا مكان للجلوس، و لا باب بنافذة، و لا سرير سجين، و لا اسم، ولا حتى رقم.
حسين، 16 سنة بحسب هويتو، اعتقلوه أو بلفظٍ أصح اختطفوه، وبعد جلسات تعذيب مكثفة استخدمو فيها كل الأدوات والأساليب، اعترف بخطف مقدم في الجيش وعقيد، وباستهدافو لعشرات الحواجز وقتل اللي فيها، وبأنو كان بوقت الفراغ أو عند قلة الذخيرة يتسلى بالتشليح على الطرقات، حتى شلح أكتر من عشر سيارات بيملكها ولاد ضيعتو، وبأنو كان يتقاضى على هالشي خمسة ملايين ليرة سورية بالشهر من شخص غريب بيحكي خليجي..
46 معتقل بالمركز الثقافي في مدينة معرة النعمان. كان عالشبيحة مهمة تطبيق كل شي بالكتب المحتوية على أفكار القائد الخالد عليهون. على ظهورهون رسموا خريطة سوريا الكاملة بعد تحرير الجولان والاسكندرون، وفي مؤخراتهون نفذو إحدى الخطط العسكرية للتحرير والفتح..
الريحة اللي كانت تفوح من المؤخرات، ما في مخلوق بشري ممكن يتحملها..
ممكن يخطر عبالكون سؤال ليش طالعة ريحة مؤخرات المعتقلين و ليش ما بيدخلو بشكل نظامي عالتواليت؟؟
الجواب بكل بساطة، أنو التغوط في كتير من الأحيان ما كان ارادي، الكهرباء المعلقة من الراس لأخمص الرجلين كانت تفقدهون سيطرتهون والقدرة على حبس المعدة، كانو يتركو كل شيء تحتهون من براز وبول..
سبب تاني للريحة غير الكهربا كان قفز الشبيحة على بطونهون. الشبيح البغل كان يجري كل تدريباتو الرياضية على أجسادهون، بدءاً من الركل وتسديد اللكمات وحتى القفز لتحسين الرشاقة..
و سبب تالت لريحة النجس اللي طالعة منهون، لأنهون كانو يهربو من الخروج الصباحي للحمامات. هالرحلة كانت موت يومي، الضرب بالكرابيج والعصي طوال الطريق، وإجبارهون على السير حفاة والدوس على كل القذارة الممتدة حول المكان اللي كانوا الشبيحة يبولو فيه متعمدين المبالغة في تقذيرهون، والشتائم اللي تغسلهون غسل برعاية وإبداع الضابط أبو ساطور..
كان أبو ساطور عميد جلادي المركز الثقافي، وحتى آخر يوم بحياتو قبل ما يفطس ، كان يتعمد يدخول عليهون عالحمام و يقطعهون أثناء تبولهون، والضرب المركّز على اعضاءهون لما يحاولو غسل أيديهون..
اما مصدر الريحة الاساسي كانت تفوح من القناني الممتلئة بالبول، والتي كانو يعبوها و ياخدوها معهون كل يومين لتفريغها، محاولين توفير يوم أو يومين من الموت القذر…
الاغتصاب بالخازوق كان يصير بشكل متكرر، كان الخازوق يخترقهون لعمقهون، وسعيد الحظ اللي بيطلعلو بشوية دهن على المكان قبل الدحش. الخازوق كان خشبة مدببة، كانت بعنف تندحش بالمؤخرات. وعلى بقية الجسم أنو يصرخ بأقوى صوتو من الوجع الجسدي و من الاهانة..
نوبة الليل عند أبو ساطور، ليلة لمغامراتو الكبيرة وبطولاتو، و حسين الطرف المسحوق هوة مسرح العملية.. كانت الغرفة اللي انحبس فيها ثلاثين ليلة متواصلة مربوط الايدين مطمش العينين حتى أكل النمل من وجهو وأذنو بدون ما يقدر أنو يعمول شي…
في الطريق من الزنزانة الجماعية لغرفة التحقيق كان مشهد دعارة على اليمين، شبين عراة و صوبهون مرمي خمسة قتلة، وصراخ: ركاب عليه، يلا فوتو فوتو.
رفسة وحدة انتقل حسين فيها من باب الغرفة لآخرها، وبلا مقدمات، هيك بديت الليلة:
شغلّو هالمسجلي ليسمع هالخاين بركي بتتحرك النخوة تبعو, صرخ ابو ساطور…
بتبدا الغنيّة: يا بشار، متلك مين أنتا يا عالي الجبييييين .. شو ما صار، ما منلين نحنا جنودك ملايين .. يا بشاااار، يا أسد يا حبيب الملايين ..
الضرب سبق الغنية واستمر بالتزامن معها، وكان يزداد أو يقل بحسب موسيقى الغنية، في محاولة لضبط رقص جسم حسين من الألم على إيقاعها. بالوقت اللي عم يكمّل أبو ساطور استعداداتو ويتأكد من أسلحتو وأدواتو
شكلو ما عجبتك الغنية يا حيوان ، ما هيك؟ دلعو للنعنوع. بدي اتعلموه السباحة والغطس والطيران كمان.
بالحبل المنصوب كمشنقة ربط ايدو لحسين من ورا، سحب السجان المساعد طرفو المتدلي حتى صار نايم على السقف. و بلشت معركة حسين مع الجاذبية والعصا وآلام العضم ورغبتها بالتفكك والسقوط.
لما ملّ من ضربو، نزلو وربطو من رجلو، شد الطرف المتدلي من الحبل،لحد ما اتدلى مشنوق من الرجلين، الراس لتحت والرجلين لفوق..
يلا طير يا عرعور، هلق بدك تفرجينا كيف باتطير…
وهوة معلق و متدلي ,دفنولو وجهو في سطل المي المغلية، بدي يرفرف متل الجاجة اللي عم تحاول اتطير هرب من الغرق , شاف الموت بهاللحظة حسين .. سحب راسو: بدك تعترف.
دفنو راسو مرة تانية، ولما سحبوه ،اندفعت الكلمات من حلقو:
سيدي خلص، بدي اعترف، أنا هجمت عالجيش كتير، كل يوم كنت أهجم، سلبت أسلحتهم، اغتصبت نسوانهم وأخدتن سبايا، فجرت، دمرت، دخلت إرهابيين..
سيدي داخل على عرضك خلص:
الله سوريا بشار و بس
الحكمة:
الله يطوّل بعمرك يا بشار و يحميك من أي بلاء..
لحد ما يمسكوك و يعلقوك عالخازوق أحفاد أبو العلاء..زياد الصوفي – مفكر حر؟