في يوم 8 أذار من سنة 1982, خاطب البائد الخالد بهالمناسبة جماهير الامة و اتوجهلهون بخطاب حي و مباشر عم يعلن انتصار الوطن على المؤامرة الكونية الاولى على سوريا و قال ببداية خطابو:
“ما حدث في حماة بالامس ، حدث و انتهى”..
هيك لخص القائد الملهم سنتين من الصراع مع أدوات المؤامرة و هيك اختصر معركة العشرين يوم الحاسمة بعد ما راح ضحيتها عشرات الالاف من الضحايا و اتشرد و انفقد ميات الألوف..
بالوقت اللي كان حافظ شوي لبق بطريقة تلخيص مجزرة حماة و حلب, كان رفعت أجفص بكتير لما اتسرب عن لسانو تصريح بين أصحابو أثناء الحملة على حماة و قال:
“رح أعمول من حماة مزرعة بطاطا”
حكاية اليوم من تداعيات مجازر التمانينات و تأثيرها عالشباب السوريين اللي دفع منهون تمنها دم, و الاخرين اللي دفعو تمنها ذل و تعتير..
محمد شب من الحاضر الكبير في حماة, من عيلة بتتكون من 12 فرد.. الاب و الام و عشرة اطفال..
هالعيلة اللي شهدت كل التفاصيل اللي صارت بالحاضر و من حسن حظهون بعد كل مشاهد الخوف اللي حضروها قدرو يهربو خارج المدينة و يتآوو بأحد الضيع المجاورة لحماة..
ام محمد و من هول و فظاعة اللي شافتو بهالمجزرة, صار معها صدمة نفسية و خسرت صوتها.. و لا عاد تقدر تحكي ليوم اللي اتوفيت قبل ما محمد يروح عالجامعة و تفرح فيه..
الاب اللي اتصاوب أثناء تهريب العيلة برصاصة طايشة برجلو, ضل لوقت اللي اتوفى و هوة عم يمشي عالعصا..
علامات محمد سنة ٨٦ بالبكالوريا، كانت بتأهلو يدرس هندسة مدنية, و لكن محمد رفض يترك أهلو و أصر أنو يضل يرعى والدتو الخرسا, و والدو الشبه مقعد..
بس اصرار الأب و رجاء الام أجبرو محمد ياخود القرار و يروح يسجل هندسة مدنية بجامعة حلب..
من وصولو على حلب, بيجيه خبر وفاة والدتو اللي ضليت كل يوم اتصلي و تدعيلو الو و لأخواتو لحتى رب العالمين يحفظهون و ينجحهون..
وفاة والدة محمد كانت بمثابة دافع كبير لهالشب ليحقق حلم الحجّة و يصير مهندس تفرح فيه الدنيا كلها..
بيتعرف على مجموعة من الشباب من الدير و من ادلب و بيتفقو يتشاركو على أد مصرياتهون ببيت اجار يضبهون و يآويهون..
استأجرو بمنطقة قريبة عالجامعة بيقولولها بهالايام منطقة الميريديان.. بيت صغير من غرفتين رطبين ما بتدخلهون الشمس, و ريحة العفونة دايما منتشرة, بس مع ذلك قرر محمد و صديق عمرو سامرالدرعاوي و الشباب اللي معهون أنو يطولو بالهون و يدرسو و ينهو مأساة البيت اللي عايشين فيه..
ما كانوا بيعرفو لما استأجرو البيت مين جيرانهون.. لحد ما اكتشفو بعد بكم يوم أنو في رقّاصة عايشة معهون بنفس الطابق, و كل يوم بالليل بتستقبل ضيوف شباب ، بيدخلو محترمين و بيطلعو مشرشحين..
بحكم الجيرة, اتعرف سامر صديق محمد على هالفنانة, و صار في بيناتهون علاقة صداقة اتطورت مع الوقت لعلاقة حب و عشق و غرام..
ما كان هالمسكين سامر و لا رفقاتو بيعرفو شو اللي متخبالهون من ورا علاقة سامر بالرقّاصة..
المهم سامر و كعادة اي عاشق ولهان بتدّق فيه النخوة و بصير بيتناقر معها و يقاتلها على مين هدول وكيف وما بصير و أنا بغار و انا ما بتحمل … و ما راح اسمحلك
هي سمعت ما راح اسمحلك بتقرر تتخلص من هالوجع الراس و بتتصل بأكثر المقربين منها و أكثرههم نفوذا :
*حبيبي الحقني هدول الشباب عم يعاكسوني وما خلوني ارتاح و نام متل الخلق و العالم
بيوصل صديقها عنترة بسيارتو البيجو 504 المألوفة لكل أهل الحارة و بيكون مرافقو بهالموكب سيارة بيجو ستيشن من تاعون المخابرات..
بيطلعو العناصر بيداهمو بيت الشباب و بيلّمو هوياتهون و بيشحطوهون لعند المعلم اللي قاعد بالسيارة ناطر، و الرقاصة عم اتراقب كل هالاحداث من شباك غرفتها..
مين فيكون سامر؟؟؟ بيصرخ المعلم من جوّا السيارة..
لسا سامر ما كان لحق يقلو أنا, كان المعلم عم يفتش بالهويات و بتوقع بأيدو هوية محمد من مواليد حماة..
اشحطوه لهالكلب الحموي مع هالحيوان..
لما بيوصلو عالفرع و الخوف عم ياكلو لمحمد و كل الصور القديمة اللي شافها بحماة صارت تمر على راسو, كان بدي التحقيق..
بيتفاجأ بكم التهم الجاهزة و المحضرة لكل شب حموي, و بيتفاجأ أكتر انو المعلم اللي كان بالسيارة هوّة بنفسو بدو يحقق معو..
أصغر تهمة اتوجهت لمحمد كانت “حموي اخونجي”, و اتقل تهمة كانت عدم الانتساب للحزب القائد و محاولة زعزعة أمن الدولة..
بيستمر محمد و سامر بالاعتقال تلات سنين بأوامر من المعلم اللي كل كم يوم يبعت وراه لمحمد عالتحقيق و ما يناديه الا : يا حموي يا اخونجي..
تلات سنين مرو متل نوم العين, و بتجي أوامر الافراج عن محمد و الاحتفاظ بسامر بالمعتقل لارتكابو جرم معاشرة مومس المعلم..
بيقرر محمد يلتحق بجامعتو مرة تانية و يخلّص اللي بدي فيه من تلات سنين..
كان والدو هون لمحمد اتوفى و هوة بالمعتقل و لا قدر يشوفو و لا مرة و لا يزورو و لا مرة..
كل زملاء محمد القدام صارو بالسنة الرابعة و محمد مع ذلك مصّر أنو يرجع سنة اولى و يخلص الهندسة متل ما وعد والدو و والدتو..
بتمر سنين الجامعة متل الحلم و بيصير محمد سنة خامسة و على التخرج..
بهداك اليوم و احتفالا بالتامن من آذار و على حسب العادة, بيجمعو هالطلاب متل الغنم بالصالات منشان التصفيق و الهتاف لروح القائد الخالد, و الدعاء على كل المتآمرين على الوطن و قائد الوطن..
محمد قاعد عهالمدرج بانتظار الاحتفال اللي رح يبدي, و بتبلّش توصل الشخصيات الرسمية لألقاء الخطب الحماسية اللي باتشعل نفوس الأمة..
بعد ما خلص رئيس اتحاد الطلبة كلمتو, و بعد ما انهى امين فرع الحزب خطابو, قام المضيف ليقدم المسؤول التالت عالمنصة..
و الكلمة الآن لمدير أوقاف حلب الشيخ العالم صهيب الشامي..
بيطلع صهيب و اللفة عراسو سابقتو نص متر مع التصفيق الحار لكل الحضور تعبيرا عن التآخي الديني و الوطني بهالمدينة..
بيبدا الحديث الشيخ صهيب, و بيتغير لون وجهو لمحمد..
ولك يا حموي يا اخونجي..
ولك يا حموي يا اخونجي..
الصوت اللي ما ممكن ينساه بحياتو و لا ينسى الذل و القتل اللي اتعرضلو من صاحب الصوت ،المعلم رئيس الفرع, اليوم شايفو قدامو مدير أوقاف حلب و شيخ باللفّة عم يلقي كلمة مشايخ المدينة..
الحكمة:
إذا بدّك اتعاشر رقّاصة ،لازم تسمع كلامي..
اتأكد بالأول أنو مانها عشيقة صهيب الشامي..زياد الصوفي – مفكر حر؟