قصة و حكمة من زياد الصوفي.. 113

القصة:

لما اتوفى الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا ميتران، كنت قاعد عم اتفرج على جنازتو المعروضة على كل شاشات التلفزيون..

أكتر شي لفتلي نظري بمراسم الدفن كان البيت اللي طلع منو التابوت المغطى بالعلم الفرنسي..

بيت أكتر شي ممكن توصفو أنو بيت باريسي عادي بأحد أحياء باريس العادية..

استغربت كتير أنو كيف رئيس بهيك حجم ما عندو بعد كل شي قدمو لفرنسا إلا هالبيت المتواضع!!

و استغرابي كان نابع من ثقافتي السورية اللي باتقول أنو رئيس الجمهورية لازم يكون عندو قصر بكل مدينة سورية..

قصر الشعب و الروضة و تشرين و المهاجرين و الشبطلية و القرداحة و صلنفة، و عداكون عن كل قصور الضيافة المنتشرة بكل مدينة بسوريا..

و بالتأكيد كل هالقصور بدها صيانة و عناية و اعادة تصميم و تغيير ديكور مع كل موسم و كل فصل..

حكاية اليوم من وحي هالموضوع..

“رشو” شب كردي من عفرين بس ولدان بالشام و دارس بالشام و اتخصص بأعمال الديكور قبل ما يفتح شركة بالعاصمة بتهتم بأعمال الديكور و التصميم..

بأحد زيارات بشرى الأسد لقصر الضيافة بالشام و اللي اتحول لاحقا لمكتب أم نصيص أسماء الأسد، اتفاجأت بشرى بديكور القصر، و لما سألت عن المهندس اللي أشرف عهالشغل كلو، قالولها هاد رشو يا ست الكل..

سنة 2004، بيجي تلفون لرشو على مكتبو و بيطلبو منو يجي يقابل المدام بشرى منشان اعادة ديكور قصرها..

بتوصل المرسيدس تحت المكتب، و بتمشي بالمهندس رشو تجاه المزة فيلات غربية..

بناية من تلات طوابق مفتوحين على بعضهون، و بالصالون بالطابق الأرضي قاعدة بشرى و معها مجموعة من المهندسين الاستشاريين..

بعد ما قامت بشرى بواجب الترحيب بالمهندس رشو، طلبت منو اعادة ديكور هالقصر..

بيجهز حالو و بيرتب أمورو و أمور ورشتو كلها، و بيرسم التصاميم و بينطلق عالتنفيذ..

النجار أبو سعيد المسؤول عن الأبواب الداخلية و أبواب المداخل كان من الفريق المرافق للمهندس..

و أكيد ببيت بشرى الأسد و آصف شوكت كان لا بد من وجود مفرزة أمنية عالباب، و عساكر منتشرين بطول القصر و عرضو لحماية هالعيلة النسة..

” ويزال” رئيس المفرزة و المسؤول الأمني عن القصر كان عم يرافق المهندس رشو و شباب الورشة عالدعسة..

بيجي تاني نهار الصبح، و الشباب كلهون مجموعين بالقصر ليكملو شغلهون.. الكل عالوقت إلا أبو سعيد ما إجا..

بيرنلو المهندس على موبايلو، التلفون مغلق..

بيرن لأهلو عالبيت بيقولولو :و الله يا مهندس رشو من مبارح ما رجع عالبيت و غليان قلبنا عليه و ما عرفانين وينو ..

بهالاثناء بيجي هالفدان ويزال، و بيقلو للمهندس:

إسماع يا حبيب، هالكلب أبو سعيد أبقا بدنا هوة، و جيب نجار تاني ..

لما بيحاول رشو يفهم من ويزال شو صاير، بيصرخ فيه و بيقلو: متل ما عم قلك، باتجيب غيرو أحسن ما تلحقو..

هون رشو بيعرف أنو الموضوع خطير كتير و الأخطر منو انك تحاول تعرف شو صاير..

خلصت أعمال الديكور بالقصر بعد ما طلعت روحو للمهندس و بتروح القصة تلات سنين و أبو سعيد مختفي و ما حدا بيعرف وينو و لا حدا بيسترجي يسأل عنو..

تلات سنين بتمر و بيجي صيف 2007..

بيرن تلفون رشو و بيسمع صوت أبو سعيد على تاني طرف..

ايه ايه أبو سعيد شو نسيت صوتي؟؟

تعا فورا لعندي و حكيلي وين كنت هالتلات سنين..

و الله يا مهندس رشو، أنا و عم اشتغل بأبواب غرف النوم بآخر يوم إلي بالورشة معك، بيجي هالكلب ويزال و بيطلب مني أعملو غرفة نوم لبيتو بمعية هالورشة اللي هون..

لما كبرت راسي و رفضت، حطني براسو و قرر ينتقم مني..

بعد ما خلصنا شغل، و سلمت عليكون أنو رح شوفكون تاني نهار لنكفي شغل، باطلع بالباص و بوصل على حارتي..

من تم الحارة، سيارة أمن مع أربع عناصر بيمسكوني و بيغمضولي عيوني و بياخدوني على مكتب جوا شي فرع أمن..

لما بيفتحولي عيوني، بشوفو لهالكلب ويزال بوجهي..

و لك حرامي وين سرقت ساعة الدكتورة بشرى؟؟

لسا ما سألتو أينو ساعة، كانو كلاب جهنم طاحشين علي و لحقلي قتل يا معلم..

تلات سنين يا معلم و أنا محبوس بسجن المخابرات العسكرية بس لأني رفضت أعمل غرفة نوم لبيتو لهالكلب..

بيلفقلي تهمة الساعة المسروقة و بإسم آصف شوكت بيحطني بالسجن و كل يوم ينادولي:

حرامي الساعات طلاع عالتحقيق..

تلات سنين ما خبرو أهلي ويني أنا، و لا حدا استرجى منهون يسأل عني، لدرجة أنو لما طلعت من السجن و رحت عالبيت، شفت ناس غريبين قاعدين فيه و عيلتي كلها بالضيعة معتبريني ميت و فاتحين عزا فيني من تلات سنين.

الحكمة:

أربعين سنة عم يشتغلو بصيانة قصوركون هالعمال..

راحو كلهون عالرقة و فنترو على راسو لهالتمثال…زياد الصوفي – مفكر حر؟

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.