قصة و حكمة من زياد الصوفي..112

القصة:

الكل كان عم ينظر للادقية ببداية الثورة و هوة فاتح تمو من مفاجأة ردة فعلها كمدينة قامت مباشرة من أول نداء لأهل درعا..

المظاهرات غطت كل ساحات وسط المدينة.. الاعتصامات اتشكلت من شباب و صبايا حواري اللادقية الأصليين..

لما كنت أرجع من الاعتصام أو المظاهرة و اتفرج عالتلفزيونات بالعواجل:

مظاهرات حاشدة في اللاذقية..

كان ألبي من جوا يرقص من الفرح.. هالمدينة اللي ظلمها كل أهل سوريا و تركوها لكلاب بيت الأسد السعرانين..

“فؤاد اللاذقية”.. شب اتطوع للعمل الإغاثي و الاعلامي..

قدم نفسو عالقنوات المغرضة بهالاسم الحركي و صار رمز شبح من رموز اللادقية..

عالتلفزيون أسمع صوتو و اقعود اتحزر أنو هالصوت ما غريب علي، و أصفن بدون ما حاول التدقيق و السؤال عن هالشب..

أما بالعمل الإغاثي فكان يمارسو بإسم مستعار تاني عالسكايب، “cold mountain”

حسن أزهري.. شب سنة خامسة صيدلة جامعة تشرين.. أبن عيلة عريقة و متجذرة بتاريخ اللادقية..

شب اتبّع خطوات جدو الشيخ حسن الله يرحمو و حفظ القرآن غيبا..

لمجرد لقاءك بهالشب باتحس براحة نفسية هائلة.. بحديثو الهادي بيأثرك، بوجهو السموح بيجذبك..بلطفو باتحس حالك صديق عمرو..

إذا ضاع حسن كنت تلاقيه بجامع الرحمن عم يراجع أجزاء القرآن، و إذا غاب عنك كم يوم أعرف أنو بشي جمعية خيرية متطوع لأعمال الخير..

بديت الثورة باللادقية، و اتحول هالانسان البسيط، لكتلة من النشاط و الحيوية..

على راس المظاهرة ماشي قدام الكل.. تخلص المظاهرات تلاقيه ببيتو عم يرسم لافتات لتاني يوم و يتصل بالإعلام لاطلاعهون على كل صغيرة و كبيرة عم اتصير بالبلد..

بأحد الاعتصامات، شفتو لحسن عم يسكت أحد المزروعين من النظام و اللي كانو عم يحاولو تحويل التظاهر لأعمال تخريب و هتافات طائفية.. اتصدى ألو بكل جرأة و تصميم و طردو من ساحة الصليبة..

اشتغل باحصاء عدد الشهدا و الجرحى، و اهتم من خلال دراستو بأعمال الإسعاف لأهالي الحرش الهاربين للمستشفيات و ما عم يلاقو باب مستشفى مفتوح الهون، بعد ما النظام أجبر كل أصحاب المستشفيات الخاصة على عدم استقبال المصابين تحت طائلة المسؤولية..

سنة كاملة و هوة عم يحاول يخبي نشاطو عن والدتو الفاضلة، اللي ما كان بدها من الدنيا شي إلا تشوفو لحسن صيدلاني أد الدنيا و ماشي على خطى عيلتو الكريمة..

حسن من الشباب اللي أحرجو بشار الأسد بشكل جدي، لما نفى الأخير قصف الرمل بالدبابات و البوارج.. فقرر هالشب يقعد على سطح بناية لمدة خمس ساعات لحتى يقدر ياخود لقطة لدبابة عم تقصف المدينة..

وبالفعل كان ألو اللي رادو، و اتسجلت بالثورة أول مقطع لدبابة عم تقصف الاحياء السكنية و أرسل الفيديو للقنوات المغرضة و كذبو لبشار الأسد اللي كذبو ما بحاجة لإثبات..

حاول يوصل صوت و وجع اللادقية لكل منبر إعلامي، حتى أنو أرسل بالفيديوهات و الصور لأوبرا وينفري..

و بيوم من أيام آذار 2012 و بأحد جولاتو بالسيارة مع أحد الشباب المطلوبين، بيوقفو عند حاجز طيار و بيعتقلو الاتنين..

بالفرع استغربو تماما..

شو علاقة هالشب المطلوب بهالطالب الصيدلاني اللي ملفو الأمني خالي من أي شبهة تذكر غير شبهة حفظ القرآن..

لما ما قدرو بفرع الأمن السياسي و عالرغم من كل أنواع التعذيب اللي مارسوها ضد حسن أنو يحصلو على علاقتو بهالشب و شو طبيعة عملو بالثورة، قرروا يبعتوه على شعبة المخابرات العسكرية بالشام..

و الله بيشهد على كل كلمة عم تنقال هون، إذا حيطان السجن نطقت على حدا باللادقية، حسن نطق ..

الكل بيتذكر من أصحابو لما كان يقلهون: أنا ما باتحمل قتل، بكرة إذا اعتقلوني ما رح أقدر قاوم التعذيب و رح اضطر اعترف عليكون كلكون..

و مع هالشي حسن ما حكي و لا كلمة بالمعتقل عالرغم من كل صنوف التعذيب اللي اتعرضلها..

بليلة عيد ميلادو 17 أيار من عام 2012، بيجي التلفون بالليل لوالدو باللادقية:

تعا عالشام استلم جثة ابنك..

لما بيوصل أبو حسن و بيشوف جثة ابنو و بالكاد قدر يتعرف عليها من كتر الحروق اللي بوجهو و آثار التعذيب على كل جسمو، كان رح يصاب بذبحة قلبية لولا رحمة رب العالمين..

“ما رح نبعت ابنك عاللادقية، نحنا رح نقوم بواجب الدفن”..

و بالفعل اندفن حسن بمكان ما بالشام، و طلعتلو جنازة باللادقية باتليق بابطال الثورة..

حسن أزهري..

17 أيار 1988

17 أيار 2012

الحكمة:

كتبت يوم اللي اتوفى الشهيد حسن..

الله يرحمك يا صديقي حسن و يسامحك..

يسامحك لأنك ما تركت عندي دموع ابكي عالشهدا اللي رح يلحقوك..زياد الصوفي – مفكر حر؟

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.