قصة علوش

في زيارتي لأحد المدن الالمانية ذهبت لمحل حلاقة عربي افتتح حديثا، فيه أكثر من 5 حلاقين، سمعت عن حلاق سوري جديد يعمل فيه، رحب بي و انتظرت حتى انتهى من زبونه، هو من مدينة حلب كما أخبرني و كان لديه صالون كبير، تتوسطه صورة كبيرة ( للزعيم المفدى ) و أعلام الوطن ترفرف على واجهة المحل، و أغنية أنا سوري آه يا نيالي ( تلعلع ) من البافلات الضخمة … هو في المانيا منذ 4 أشهر بانتظار إجراءات الإقامة، يعمل عدة ساعات يوميا ليؤمن المال لأهله في حلب لدفع تكاليف الماء و الأمبيرات و الخبز… أما عن قصة ركوبه البحر و قرار الهجرة فقد أخبرني أنه كان ميسور الحال رغم ظروف البلد، حتى دخل لمحله في يوم من الأيام شبيح ممن يسمون ( الدفاع الوطني )… و طلب أن يحلق فورا.. كان المحل مليئا بالزبائن، طلبت منه الانتظار لكنه رفض و اشهر السلاح في وجهي، أمسك به الزبائن و كان بينهم أصدقاني و هم شبيحة مسلحين ايضا ، طلبوا منه الخروج أو انتظار دوره..
خرج و هو يعربد و يتوعد و قال لي : أنا بفرجيك يا *****، في اليوم التالي حضرت دورية من الأمن و ( شحطوني ) من وسط محلي مع الضرب و الإهانة، وصلت إلى الفرع و هناك بدات حملة تعذيب و ضرب و شبح استمرت عدة ايام مع عبارات من قيبل.. يا إرهابي يا عميل .. تتعامل مع جيش الإرهابيين يا خائن..كل ايمان الدنيا حلفتها لهم على أنني من الموالين الصادقين و من محبي القائد، لكن لا حياة لمن تنادي، كنت أرى الموت في كل لحظة داخل زنزانتي المزدحمة و في جلسات التعذيب و التحقيق،و في إحدى جلسات التحقيق كان هناك مساعد ضخم ينادونه أبو صقر.. معروف في الفرع بكفه العملاق و قد قتل على يديه الكثير من المعتقلين، كان يسألني عن علاقتي بالمسحلين و أنا أحلف له بأني أعبد النظام، و كلما حلفت كان الكبل الحديدي الذي بيديه يأكل من جسدي، فجأة أدخلو لغرفة التحقيق طفلا يبلغ من العمر ما يقارب 13 عاما، قال العنصر..احترامي سيدي ..هذا علي اللي طلبته.. كان نحيلا جدا و يرتجغ من الخوف، وضع أبو صقر يده على رأسه و قال له، كيفك علوش، لسا بدك تساعد الارهابيين يا علوش، رد الطفل و هو يرتجف، و الله يا سيدي ما ساعدت حدا، أيوس إيدك يا سيدي خليني روح لعند أمي، رد عيه ابو صقر.. ولك علوش اعترف و ببعتك لعند امك، حاضر سيدي متل ما بدك، ما عاد ساعد الارهابيين، بس الله يخليك يا عمو خليني روح لعند امي، قال لي الحلاق ..سمعت ابو صقر يضحك و يقول عمووو..حاضر عمو.. تكرم عيونك يا علوش رح ابعتك لعند امك.. سمعت حينها تلقيمة المسدس..ثم صوت الطلقة تخترق رأس علوش ..أحسست حينها أنها تخترق رأسي.. الذي تلطخ بقطع من دماغ علوش، أيقنت حينها أن الطلقة القادمة في رأسي، نادى ابو صقر على العناصر.. و قال لهم ( خدوه لعند إمه )…
بعد عدة ايام تكللت مساعي أهلي بالنجاح بعد ان دفعوا الغالي و الرخيص للوصول إلي…ناداني أحد الضباط و قال لي أنهم اكتشفوا أن التقرير الذي كتب عني هو تقرير كيدي، و أنني مواطن صالح محب للوطن و قائد الوطن ،لذلك سيتم اخلاء سبيلي، شرط ان لا أتفوه بكلمة عم حصل معي خلال هذا الشهر.. ركضت باتجاهه و قبلت يده و قلت له امرك سيدي.. خلال ايام قلية من خروجي كنت في تركيا.. و ركبت البحر دون خوف.. فالموت غرقا يعتبر مزحة مقابل الموت الذي كنت أراه كل يوم في المعتقل..
– بتعرف دكتور شو حلمي حاليا..؟؟
شو حلمك ..؟
– حلمي بس انام كم ساعة بدون ما اشوف كابوس إني لسا بالمعتقل..
و بتعرف شو ابشع كابوس يجيني..؟؟
شو هو ؟
– أبشع كابوس .. لما بكون بغرفة التحقيق و يجي لعندي علوش و هو عم يرجف.. و دماغه مفتوح و طالع لبرا..و يقلي عمووو ساعدني..

– عن صفحة عبد السلام ضويحي

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.