المقدمة :
أرى إن معظم قارئي النصوص القرأنية ، يصنفون كما يلي : أولا – يقرأون دون أن يفهموا معظم ما يقرأون ، عدا بعض الكلمات الدارجة أو المتداولة ، وهولاء هم الغالبية ، خاصة من الجنسيات غير العربية ! ، ثانيا – يقرأون ويفهمون من بعض ما يقرأون اليسير ، ثالثا – يقرأون ولا يرغبون أن يفهموا ما يقرأون / بكامل أرادتهم ، وذلك لأعتبار القراءة أمر مفروض عليهم فرضا ، رابعا – يقرأون ولا يستطيعوا أن يفسروا أو أن يفهموا معظم ما يقرأون ، خامسا – الشيوخ / ومن لف لفهم ، يقرأؤن ويعرفون ما يقرأون ، ويؤمنون بما يقرأون ، ويعتبرون أن ما يقرأونه هو برنامج حياة ، سادسا – مفكرون يقرأون ويرون أن بعضا من ما يقرأون يشكل شرخا أنسانيا على باقي المكونات البشرية من غير المعتقدات ، مع أعتبار أن المقروء خارج نطاق الزمن !! .
النص :
في هذا البحث سأورد بعض النصوص التي تصعب على القارئ فهمها ، من ثم سأسرد قراأتي الخاصة للبحث ، مع خاتمة ، من وحي هذه النصوص التالي : (( الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) ( 1-7 سورة الحاقة )) ، (( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ﴿١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ﴿٢﴾ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ﴿٣﴾ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴿٤﴾ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴿٥﴾ خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ ﴿٦﴾ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ﴿٧﴾ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴿٨﴾ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ﴿٩﴾ فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ ﴿١٠﴾ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ﴿١١﴾ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ﴿١٢﴾ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴿١٣﴾ وَمَا هُوَ بالهزل ﴿١٤﴾ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ﴿١٥﴾ وَأَكِيدُ كَيْدًا ﴿١٦﴾فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ﴿١٧﴾ 1-17 سورة الطارق )) ، () إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كيدا ) 16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17 ، 1 سورة الشمس )) ، كذلك في بحث لعبد المجيد السنيد / جريدة لبيان الأماراتية – بين أكثر من ” مائة كلمة قرآنية يخطئ في فهمها بعض الناس ” فيما يلي بعضا منها :
سورة النساء : 43 ١٢ ) ” أو جاء أحد منكم من الغائط” : الغائط هنا هو مكان قضاء الحاجة وليس الحاجة المعروفة نفسها , وقد كنى الله عن الحاجة بمكانها ، وإلا فمجرد إتيان مكان الحاجة ليس موجبا للوضوء .)
سورة أبراهيم : 22 ٣٧) ” ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ ” : أي لست بمغيثكم ومنقذكم ، وليس معناها مناديكم من الصراخ والنداء .) ، سورة طه : 18 ٥٠ ) ” وأهشّ بها على غنمي ” : أي أضرب بعصاي الشجر فتتساقط الأوراق لتأكل منه الغنم ، وليس المراد بالهش : التلويح بالعصا للزجر ) ، سورة الزخرف : 84 ( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ” : أي أنه سبحانه إله من في السماء وإله من في الأرض يعبده أهلها وكلهم خاضعون له ، وإلا فهو سبحانه فوق سمواته مستوٍ على عرشه بائن من خلقه جل في علاه .) .
القراءة :
1 – الدين ، أذا كان برنامج حياة ، كما يقول الأخوان المسلمون ، وغيرهم ، فيجب أن يكون كالحياة ، سهل سلس ، موجه للعامة قبل الخاصة لا يحتاج الى وسطاء ، لكون الوسطاء كالشيوخ / مثلا ، في بعض الأحيان يستخدموه / الدين ، حسب أهوائهم ومصالحهم الخاصة ، فيكون الدين دين الشيوخ وليس دين العامة .
2 – من جانب أخر ، ماهي جدوى الدين أذا كان عامة أتباعه يجهلوه ، كيف يتعبدون بطقوسه وهم يجهلون أسسه وأركانه وعقائده !! ، أضف الى ذلك ، كيف يكون الدين دينا ، أذا كان يحتاج وسيط لنقله الى الأخرين .
3 – وأذا كان الدين كذلك ، أي موجه الى طبقة معينة ، هم الذين يفهموه ، وهم الوسطاء في توصيله للأخرين ، فأذن الوسطاء سيكونون هم المتحكمين به ، وسيتحول أذن من دينا عاما الى دينا طبقيا .
4 – أن اللغة التي جاءت بها النصوص ، هي نصوص لغوية مطلسمة في الكثير من مقاطعها ، وكان يصعب على أهل تلك الحقبة فهمها فكيف لمسلمي اليوم أن يفهموها ، أن الدين لم يفهموه معاصروه ، في بداية الحقبة المحمدية
فكيف يفهموه مسلمي اليوم ، والأمية منتشرة فيهم !! وبعضهم بالكاد يقرأ .
5 – من ناحية أخرى ، حتى أن أصحاب الرسول كانوا يجهلون الكثير من لغة هذه النصوص ، ” ففي تفسير ابن كثير اقرأ في سورة ( عبس ) يقول إبراهيم التيمي ، جاء رجل الى ابي بكر الصديق صاحب رسول الله فقال له : إن الله عزوجل يقول ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) فما هو ” أبا ” ياخليفه رسول الله ، قال : لاأدري قالها مباشره ، قال : إذا أنت لاتدري من الذي يدري أنت الخليفه ولا تعرف هذه الأيه فقال ابوبكر: أي سماء تظلني واي أرض تقلني” يعني تحملني ” أن تكلمت في دين الله فيما لا أعرف لاحظ استعظام الأمر / نقل من الموقع التالي
www.traidnt.net “
، وهذه مشكلة كبرى ، فأذا كان رفاق الرسول لا يدرون تفسير بعض المفردات ، وهم معاصروه ، فكيف الحال ، مع الذين جاءوا بعد الرسول ب 1400 عام !! .
خاتمة :
ستبقى أزمة فهم لغة النص القرأني فاعلة ، وستبقى النصوص معظمها عن العامة غائبة بمعانيها ومقاصدها ومفاهيمها وتفاسيرها ، الأمر الذي يجعل بين النص والعامة شرخا لا يمكن أن يلتئم ، وهذا الأمر سيقود الى أبتعاد العامة عن النصوص عاجلا أو أجلا ، ما دام فهم تلك النصوص مستعصيا .. وكما يقول الشيوخ .. ” والله أعلم ” .