حرب اليوم في سوريا ليست مجرد قرارات سياسية وخطط ومصالح متضاربة… وهي ليست مجرد صراع بين موالٍ ومعارض… إنها أعمق وأبعد من ذلك بكثير.. إنها انفجارت طاقوية سلبية قد بلغت ذروتها
……………
بعد جهد يومين لا ترغب بعده إلا بالهروب إلى عالم آخر، هربنا يوم الأربعاء باتجاه الحدود الكندية بغية زيارة شلالات نياغرا..
تشدك قوة ايجابية تتحسس مصدرها ولا تدركه، تشدك باتجاه تلك البقعة الألوهية….
يصبح الطريق امتدادا لعالمك الداخلي، وتصل إلى نقطة يصعب عليك التمييز بينك وبين المساحات الممتدة على مد النظر…
عندها تتوحد في كونك فتصبح هو ويصبحُ أنت، وتشعر بدفق طاقوي لا نهائي…
….
المسافة التي تفصل بين العلم الأمريكي والعلم الكندي لا تتعدى القدمين…
يرفرفان كنسرين توأمين يرى كل منهما نفسه في مرآة الآخر…
تنتقل من الطرف الأمريكي إلى الطرف الكندي بنفس السهولة التي تتدفق بها شلالات نياغرا…
على الحد الفاصل بين الدولتين أسرى بي البراق من جنة كندا إلى بقعة ما في شرقنا المعذب وعاد بي إلى الوراء قرابة أكثر من ثلاثين عاما…
كنت في طريقي من مدينة اللاذقية السورية إلى مدينة حلب…
زوجي يسوق بي وأنا حامل في شهري الأخير وعلى أبواب امتحانات التخرج التي سأجتازها في جامعة حلب ـ كلية الطب!
في منتصف ذلك الطريق الجبلي الغارق في جمال لا يوصف، استوقفتنا دورية تفتيش ـ أو ـ مخابرات كما كانت تُسمى يومهاـ
عدة عناصر تتربص بالسيارات على كتف الطريق….
أشار لنا أحد العناصر بأن نتقدم إلى الأمام، بينما أشار لنا عنصر آخر بأن نقف!
ارتبك زوجي وتقدم إلى منتصف المسافة التي تفصل بين العنصرين، فما كان من العنصر الذي أشار لنا بأن نتوقف إلا وهرع باتجاه نافذة السائق وانهال على زوجي ضربا مبرحا، وأنا أصرخ بالمجير ولا اُجار!
نزلنا تحت سوط شتائمه من السيارة ووقفنا مذعورين بعد أن فتحنا له مؤخرة السيارة..
كانت المؤخرة مملوءة بكتبي ونوتي ودفاتري، وحاجات الطفل في حال اضطررت إلى الولادة خلال الإمتحانات في حلب..
أخرج منها كل شيء بعصبية هستيريّة ورماه على قارعة الطريق، ثم طلب منا أن نلمم حاجاتنا وننصرف!
….
يقول لي الموالون اليوم بأن قدسية الوطن تتطلب منّا أن نتجاوز آلامنا، إذ لا مكان للذكريات المؤلمة في حرب اليوم!
قد أتفق معهم، علما بأننا نختلف كليا حول مفهومنا للوطن…
ربّما أستطيع أن أتجاوز آلامي، لكن الكون يمتص كل طاقة ايجابية أو سلبية..
ولكل حدث طاقته!
حرب اليوم في سوريا ليست مجرد قرارات سياسية وخطط ومصالح متضاربة…
وهي ليست مجرد صراع بين موالٍ ومعارض…
إنها أعمق وأبعد من ذلك بكثير..
إنها انفجارت طاقوية سلبية قد بلغت ذروتها….
…….
قد يغفر الإنسان لمن يؤذيه، لكن الكون لا يستطيع أن يفعل ذلك…
يموت الإنسان ولا تموت الطاقة أيا كان نوعها!
فكل حدث مهما كان تافا يترك أثره في دينامكية ذلك الكون!
…..
سألنا موظف الهجرة الكندي بعد أن ختم جوازاتنا: ماهو سبب هذه الزيارة؟
ردت صديقتي: سنزور الجانب الكندي للشلالات، ثم سنتناول طعام الغداء في مطعم
The Queenston Heights
فرد:
Enjoy your diner, have a nice day،
استمتعوا بغدائكم، أتمنى لكم يوما سعيدا!
نعم أعادني صوته إلى ذلك العنصر المخابراتي الذي ضرب زوجي وألقى بكتبي على الأرض “متمنيا لي يوما سعيدا”!!
…….
دخلنا الجانب الكندي مسحورين…
لكنك، وبقليل من التركيز، تستطيع أن تميّز بين العقلية الكندية والعقلية الأمريكية…
الجانب الأمريكي لا يتعدى كونه منطقة صناعية، وقد قيل لي أنه يحوي مصنعا للنفايات النووية..
بينما يحملك الجانب الكندي إلى الجنة التي وعدوك بها منذ نعومة أظفارك….
ترى فيها الله بشحمه ولحمه، وتستاء منه لأنه اقتصر على تواجده هناك غير عابئ بشلالات الدم التي تجتاح شرقه!
…..
سحرني المكان، كما ينسحر حفيدي آدم عندما يزور محلا لبيع الشوكولا!
ورحت أتساءل: هل القحط البيئوي هو الذي يدفع إلى قحط أخلاقي، أما القحط الأخلاقي هو الذي يسبب قحطا بيئويا؟؟ أم إنها دائرة مغلقة لا تعرف أي نقطة على محيطها هي البدء؟؟؟
هل ساهمت الصحراء في إنجاب الإسلام، أم ساهم الإسلام في تصحر كل شيء؟؟؟
سؤال طرحته على نفسي وأنا غارقة في خضم طبيعة لم يسبق لي وعشت مثيلا لها!
سحرتني تلك الطبيعة إلى حد تجاوز حدود قاموسي، وشعرت عنده بعجزي اللغوي!
….
في تلك اللحظة التي رحت أراقب خلالها ذلك الدفق المائي الثائر، أسرى بي البراق مرة أخرى من جنة كندا إلى جهنم في مدينة حلب السورية!
فراحت صورتان تتصارع فوق ساحة بصري…
(صورة دفق مائي لشلالات نياغرا ـ أعجز عن وصف هديره ـ تتصارع مع صورة لمئات من السوريين يلهثون وراء شاحنة ماء)
أبحث داخل أروقة دماغي عن سرّ ذلك التناقض الرهيب، ولا أجد جوابا إلا “إنه تفاعل طاقات في سياق دينامكية الكون”
هناك ذكرة كونية تختزن كل حدث، صغيره وكبيره، ثم ـ ولاحقا ـ تسمح للطاقات الناجمة عن تلك الأحداث المتراكمة في مكان ما أن تتفاعل!
الطاقة التي نجمت عن تجربتي مع العنصر المخابراتي السوري هي جزء من الطاقات التي تتصارع اليوم على أرض سوريا…
والطاقة التي نجمت عن تجربتي مع الموظف الكندي تلعب هي الأخرى دورها في هذا الدفق المائي اللامحدود!
….
قرأت مؤخرا كتابا لعالم الفيزياء الياباني
Masaru Emoto
بعنوان:
The Hidden Messages in Water
(الرسائل الخفيّة التي يحملها الماء)
كتاب رائع وكان قد سجل أعلى المبيعات على قائمة نيويورك تايمز!
ملخّصه باختصار شديد: أن الماء هو ذاكرة الكون لكونه يعرف كل لغات العالم السائدة والبائدة، ونظرا لدورته الحياتية التي تنقله من مكان إلى آخر!
الماء الذي يشهد حدثا سلبيا ما يمتص طاقة ذلك الحدث، ولذلك يبدو مشوها تحت عدسة المجهر، أي تبدو بلورته غير طبيعية
بعكس الماء الذي يشهد حدثا إيجابيا، إذ تبدو بلورته تحت عدسة المجهر جميلة جدا وبراقة!
يضم الكتاب مئات الصور لبلورات الماء تحت المجهر، بعضها مشوه إثر تعرضه لطاقة سلبية والبعض الآخر جميل جدا إثر تعرضه لطاقة إيجابية.
أذكر مثالا من الكتاب: إذا ملأت كأسين من نفس المصدر، ووضعت كل كأس في غرفة.
ثمّ همست في الكأس الأول كلمة “أحبك” بأية لغة، وهمست في الكأس الآخر كلمة “أكرهك” بأية لغة.
عند فحص بلورات الماء المأخوذة من كلا الكأسين ستجد النتيجة في غاية الغرابة…
بلورات الماء المأخوذة من الكأس الأول تبدو جميلة وبراقة، والمأخوذة من الكأس الآخر تبدو مشوهة وغير واضحة!
……
ألف وأربعمائة عام وهم يزعقون من على منابر المساجد: اللهم دمّر بيوتهم، ويتّم أطفالهم، ورّمل نسائهم، واحرق غرسهم وزرعهم…
ثم يدعمون دعائهم بآيات غير مقدسة وبأحاديث غير شريفة!
لكل كلمة طاقة خاصة بها…
لذلك، كل طاقة سلبية نجمت عن كل كلمة سلبية في ذلك الشرق المعذب اُختزنت في ذاكرة الكون، وقد حان الآوان لأن تتفاعل تلك الطاقات في سياق دينامكية ذلك الكون!
ولذلك، دُمرت بيوتنا، وترملت نساؤنا، وتيتّم أطفالنا، واحترق غرسنا وزرعنا ونضبت مصادر الماء في أوطاننا…
والأسوأ قادم لا محالة….
**************************************
باستثناء البقية الباقية من رحلتي فهي الأجمل…
ترقبوها…
مواضيع ذات صلة: الحقد الديني الأسود المأساة السورية
بداية تحياتي لك ياسيدتي الفاضلة د. وفاء سلطان وتعقيبي ؟
١: حاشا لله أن يلتفت إلى شلالات الدم في شرقنا لأنها بكل بساطة صنعة أفكارنا وعقائدنا وأيدينا ، وبما أن الانسان إبن بيئته فهذا نتاج ما زرعه أجدادنا من الزوان فينا ؟
٢: لو صحّت المقولة أن القحط الاخلاقي سببه القحط البيئي لرأينا مثل هذا القحط في أكثر من دولة ومكان ؟
٣: قناعتي أن القحط البيئي سببه في كثير من الأحيان هو القحط الاخلاقي ، بدليل أن الكثير من بلداننا رغم كثرة خيراتها ومواردها ورغم صموها وصلاتها لا يزال القحطان يزحفان معا الى نفوسنا وعقولنا وسهولنا وبوادينا ؟
٤: كيف لايكون الماء أكسير الحياة وزينة وقد جعل ألله منه كل شيء حي (طبعا هذه من نكات جِبْرِيل لمحمد) حيث لا الملائكة ولا الشياطين لهم علاقة به فالاول نور والثاني نَار ، والإعجاز أنه يعرف لغة المعدان والقرأن ؟
٥: أما حكومات نقاط التفتيش فألله وحده القادر على معرفة عددها وحجم مأسيها ، وكعراقي متأكد أن لكل إنسان منا أكثر من قصة معهم ، لذا فمن يقول أن داعش وحالش وباقي النكرات هى وليدة اليوم فهو إما جاهل بواقعه وَلَيْس فقط بالتاريخ أو أحمق ؟
٦: وأما عن زعيق المؤمنين وإطلاق الدعوات فاليستمروا مادامت پاتريوتات رب الكفار تفجرها فوق رؤوسهم حتى قبل إنطلاقها ، بدليل حجم الدمار والخراب والفقر والجهل والمرض والتخلف الذي يصيبهم ؟
وأخيرا …؟
فعلا الأسوأ قادم ، فإذا كانت براميل اليوم تحصد الناس بالعشرات ، فما بالنا براميل الغد ، سلام ؟