قالت: دمشق، ذُكر اسمها في الانجيل

كنت احتسي قهوتي لهذا الصباح في مقهاي المفضل….
جلست على الطاولة المجاورة امرأة مسنة….
أمعنت النظر فيّ ثم قالت: يبدو أنك غرتِ مني فارتديت بلوزة نفس لون بلوزتي..
فرددت: ياااه…خبرتني عصفورة الجنة أن صديقتك الجديدة تنتظرك على فنجان قهوة، وتعرفيها من لون بلوزتها الأزرق…
ضحكنا ومدت يدها لتلتقط يدي…
وخلال دقائق، اتطلعت كل منا على تاريخ الأخرى…
….
في الشهر التاسع من هذا العام خسرت زوجها بعد ٧١ سنة زواج…
وهذه هي المرّة الأولى التي تغادر بها البيت بعد وفاته…
ابنتها تزورها من الشمال لتقضي معها الأعياد، وهي التي جلبتها إلى المقهى هذا الصباح..
….
ذرفت دمعة عندما أخبرتها بمأساتي السورية، وذرفت أنا نهرا من الدموع…
قالت: دمشق، ذُكر اسمها في الانجيل، إنها واحدة من أقدم مدن التاريخ…
قلت: مانفع العراقة عندما يتحول الإنسان إلى وحش؟؟؟
عقل متقد وقلب مليء بالحب ووجه يحمل رحابة العالم وخبرة واحد وتسعين عاما، تلك هي صديقتي التي قابلتها لأول مرة هذا الصباح…
….
افترقنا بعد أن وعدتُ أن أزورها في مكان اقامتها الجديد، والتي انتقلت إليه بعد وفاة زوجها كي تكون في رعاية المختصين.
سألتها: ماذا تريدنني أن أجلب لك معي؟
فردت: جمال وجهك!
….
لم يعد أحد يرى في وجهي جماله سوى زوجي، والآن صديقة جديدة!
يالسعادتي!