ماحدث في إيران بالأمس يعد فعلا عرسا ديمقراطية بكل المقاييس في إنتخابات جرت بكل شفافية وسلاسة حيث لم تشوبها أية شبهات تزوير كما حدث في إنتخابات عام 2009 بفوز الرئيس المنتهية صلاحيته أحمد نجاد ، حيث شاهد الجميع ماجرى لقادة الحركة الخضراء وعلى رأسهم مرشحهم للإنتخابات مير حسين موسوي ولبقية مسؤولي وقادة الحركة من قمع وتوقيف وإرهاب بحجج يسهل على كل نظام دكتاتوري في بلدان العالم الثالث تبريرها ؟
والسؤال هل مرشد الثورة في إيران وحاشيته ( القيادة الدينية العليا) هم حقا بعيدين عما جرى من تمكين مرشح التيار ألإصلاحي الشيخ حسن روحاني من الفوز ، والسؤال ألأهم ( لماذا هو .. ولماذا ألأن ) ؟
وحتى نتوصل للحقيقة الغائبة والمخفية علينا تحليل مشهد ألإنتخابات من كل جوانبها من خلال التساءلات التالية ؟
أولا: ليتساءل لكل ذي بصر وبصيرة ملم بالشأن ألإنتخابي ، كيف يعقل فوز مرشح للتيار المنافس( المحافظ ) بهذا العدد من المرشحين ، ألا يعني ذالك خسارتهم جميعا مسبقا بسبب تشتت أصوات مؤيديهم من المحافظين ، بينما نرى مرشح التيار ألإصلاحي الشيخ حسن روحاني قد بقى وحيدا في ميدان السباق بعد الضغط على شريكه في المنافسة السيد محمد رضا عارف ، لأنهم مدركون أن نصيبه في الفوز بالنسبة للشيخ حسن روحاني ضئيل جدا ؟
فهل ماحدث كان شيئا طبيعية فعلا أم كانت خطة ذكية رسمتها القيادة الدينية العليا وعلى رأسها السيد علي خامنئي لمعرفتهم المسبقة أن الفائز من التيار ألإصلاحي وأن كانت فرسه إصلاحية إلا أنه سيبقى أولا وأخيرا ذي جبة وعمامة (رجل دين ) وما فوزه إلا ذر رماد في عيون السذج والمغفلين بدليل رفض طلب الشيخ هاشمي رفسنجاني للترشح من قبل علي خامنئي لأنه الند الحقيقي له ؟
ثانيا: ماذا يعني تصويت مانسبته 20_15 ٪ من المحافظين للشيخ حسن روحاني وماذا يعني تصويت مانسبته أكثر من % 20 من رجال الدين في قم وحدها له ، ولقد رأينا كيف أن نتائج التصويت له في العاصمة طهران وحدها كان كافيا لتعزية بقية المنافسين في منافسة تجاوزت فيها نسبة المصوتين 72,7 حسب تصريحات المسؤولين ألإيرانيين حتى قبل فرز صناديق بقية المحافظات ؟
ثالثا : ماذا يعني فوز مرشح التيار ألإصلاحي ألأن وبالذات الشيخ حسن روحاني بالنسبة للقيادة الدينية ؟
١: بفوزه نجحت القيادة الدينية ألإيرانية تجنيب إيران الحرب ولو في زمانه خاصة بعد رحيل الديمقراطيين وشيخهم أوباما وقدوم الجمهوريين ؟
٢: بفوزه نجحت القيادة الدينية من ضرب عصفورين بحجر واحد ، خاصة بعد تورطها حتى منكبيها في سورية ماديا وعسكريا بدليل المعارك ألأخيرة في قصير سوريا والتي لاتبشر بخير لا لإيران ولا لحزب ألله ؟
فألعصفور ألأول وهو المهم إمتصاص غضب الغرب ولو مرحليا ، والثاني إمتصاص غضب الشارع ألإيراني خاصة غضب المعارضة المتمثلة بالإصلاحيين ومن ثم التنفيس عنهم بفوز مرشحهم الشيخ حسن روحاني ، الذين يرفض الكثير منهم تورط دولتهم في سوريا خاصة بهذا الكم والحجم خشية أن يصيب إيران في نهاية المطاف ما أصاب دول الربيع العربي ؟
٣: بفوزه أوجدت القيادة الدينية لواجهة إيران (رئاسة الجمهورية ) شخصية عالمية تمتع بقدر كبير من الحنكة السياسية واللباقة الكلامية وجميل الهيئة والصورة وبحكم ترأسه مفاوضات الملف النووي ألإيراني سابقا ولكونه مثقفا جدا فهو حاصل على عدة شهادات ويجيد العديد من اللغات العالمية منها ألإنكليزية والفرنسية والألمانية والروسية بالإضافة إلى العربية والفارسية ، خاصة بعد الذي كان كثير الشغب ( أحمد نجاد ) سواء في الداخل ألإيراني إصطدامه بالمرشد وبرفسنجاني أو الخارج من خلال تصريحاته المستفزة بمحي إسرائيل من الوجود ، والتي كادت أن تكون القشة التي تقصم ظهر البعير ألإيراني ؟
٤: كما أن فوزه قد أوجد نوع من الهدوء والسكينة لابل الفرح العارم للشارع ألإيراني عامة وللشيخين رفسنجاني خاصة وخاتمي أقطاب التيار ألإصلاحي وتيارهم ، في مسرحية محبكة بفطنة وحكمة الشياطين ؟
٥ : إن ماجرى في إيران ينطبق فيها القول { تريد أرنب ياشعب خذ أرنب … تريد غزال خذ أرنب ) ؟
فكفي كون من فاز معمما ، ويكفي كون عمره ٦٥ عاما (أي مخضرما في النصب والدجل ) وهو الذي كان ألأمين العام للمجلس ألأعلى للأمن القومي وعضوا في مجلس الخبراء وكبير مفاوضي البرنامج النووي ألإيراني ، وكان ولم يزل يحضى بثقة كبيرة من لدن مرشد الثورة ، ويكفي كونه حاليا عضوا في مجلس تشخيص مصلحة النظام { نعمة ما شخص } أما كيف تحول من متطرف إلى محافظ ومن ثم إلى إصلاحي في ليلة وضحاها فسبحان مقلب القلوب ؟
وأخيرا : نقول للشعب ألإيراني مبروك لكم من إنتخبتموه ، راجين أن لاتكونو قد لدغتم من جحوركم هذه المرة أيضا ، سلام ؟