… ……………….”
ويلمّح فورد إلى معادلة جديدة، بخصوص رؤية واشنطن للحلّ السياسي في سوريا، وهي تخالف الكثير من التحليلات السائدة عن أن واشنطن تفاضل بين «شرّ الأسد» عليها و«شرور جبهة النصرة». ويكشف رؤية أميركية جديدة في مقاربة هذه النقطة، قائلاً إنّ «الأميركيين كانوا يعتقدون بإمكانية أن تتغلب لدى الأسد بعض الحكمة والتعقل، ولم يعتقدوا أنّه سيكون انتحارياً إلى هذا الحدّ». ويوضح أن التكتيك الأميركي اليوم، هو إيصال قناعة للأسد بأن عليه التيقن «من أنّ الخيار الوحيد المطروح عليه، هو إما التحاور مع الخطيب وفق شروط الأخير أو أن تطارده جبهة النصرة ومثيلاتها حتى النهاية».
ومن وجهة نظر الدبلوماسي، الذي نقل أجواء فورد، فإنّ واشنطن تمارس نوعاً من استخدام عصا جبهة النصرة لترهيب الأسد وابتزازه، ودفعه «إلى حوار التنحي» مع «الائتلاف». وتشبه هذه السياسة لحدّ بعيد، التطبيقات التي تمارسها النظرية الأميركية المعروفة عن سياسة «الاحتواء المزدوج»، التي تجمع بمقتضاها بين خصمين لها، بغية إضعافهما، ومن ثمّ الحصول من بين ركامهما على هدفها الاستراتيجي.
ويفرد فورد في حديثه الخاص حيّزاً ملحوظاً للحديث عن الميدان في سوريا، وتكتيكات المعارضة القتالية والأوضاع السائدة داخل مناطقها وكيفية تدعيم «صمودها». ويقول: «تسيطر المعارضة السورية على الجزء الأكبر من سوريا، ولا تزال تحرز تقدماً تلو الآخر. ومن بين خططهم حالياً استهداف المطارات لمنع وصول الأسلحة للنظام».
لكن من جهة مقابلة، يعترف فورد بأن «الفوضى تعمّ المناطق السورية التي تسيطر عليها المعارضة، حيث لا وجود لأية إدارة مدنية، ونحن نخشى من حدوث حالات مجاعة في بعض هذه المناطق». وقارن فورد الوضع المتردي فيها بالوضع الذي كان سائداً في العراق عام ٢٠٠٣، قائلاً: «كان هناك قوات المارينز على الأقل، حيث تولت هي الإدارة المحلية والإنسانية».
ويعترف فورد بأنّ النزاع المذهبي في سوريا يتصاعد بقوة على نحو مخيف. وضمن السيناريوات المحتملة الناتجة منه، والذي تخشى منه واشنطن، هو «أن يقرر الأسد في لحظة معينة الانسحاب مع قواته إلى مناطق العلويين، ما سيعرضه وأبناء طائفته، نتيجة هذا الإجراء، لأخطار مستقبلية، كما سيلحق بالمنطقة أضراراً فادحة». ويعتبر فورد أنّ «حزب الله موجود بقوة داخل الصراع في سوريا، وهو يساعد مع العلويين وشيعة عراقيين وخبراء إيرانيين على تكوين الجيش الشعبي المساند للنظام، وهذا سيؤجج حالة الصراع المذهبي في سوريا»، الذي يدعي فورد «أن واشنطن لا تريدها».
ويهدد فورد بأنّ إسرائيل ستستهدف نشاط حزب الله لنقل السلاح من سوريا إلى لبنان، بدليل الغارة التي شنتها على شحنات الأسلحة للحزب والمنشأة العسكرية السورية. ويقدم بشرى في هذا المجال لحلفاء واشنطن اللبنانيين، تتمثل بأمرين اثنين: واشنطن لم ولن تغير موقفها بخصوص مطالبة بالرحيل بأسرع وقت. ويضيف: «ونأمل أن يعرف اللبنانيون ذلك، وأن لا يذهبوا بعيداً في ترجمة بعض المواقف الأميركية «التكتيكية».
ويختم فورد بأنّ «سوريا البلد على وشك التفكك، ورغم ذلك فإن الروس لم يغيروا موقفهم من بقاء الأسد حتى الآن، وهم ما زالوا يرسلون الأسلحة إلى النظام السوري، ويتشددون في موقفهم المساند له، رغم ما يقولونه لنا في الغرف المغلقة».”