فمنذ متى اصبح إظهار الحقائق فشلاً والاستمرار في حفلات التكاذب نجاحاً!

ziad-elsoufi2الجميع ينظر الى مؤتمر جنيف الأخير و يصفه عبر مقالات صحفية و تقارير اخبارية بأنه فشل جديد في اللعبة السياسية السورية .. مقالات مطوّلة و نقاشات حادة و تبادل اتهامات عن طريق رمي مسؤولية الفشل بين هذا القطب و ذاك..
الا أنّه و من وجهة نظري الشخصية هو المؤتمر الوحيد المتعلق بحل الأزمة السورية الذي حقق نجاحاً مبهراً على المستوى السياسي ، فبعد ان ذاب ثلج جنيف و بان مرج الحقائق بأنصع خضرتها لا يمكننا الا وصف مؤتمر جنيف الأخير بالمؤتمر الناجح من جهة تبيان الحقائق كما هي..

فالحقيقة الاولى المثبتة أصلاً و التي تعامى عنها المجتمع الدولي هي حقيقة ان هذا النظام غير قابل لأي دخول في أي نوع من العمل السياسي ، و التفاوض من وجهة نظره هو اعتراف بثورة شعبية لم يوفّر لحظة باتهامها بأفظع الاوصاف ..
اما الحقيقة الثانية و التي كان المجتمع الدولي يزيح وجهه عند ذكرها هي حقيقة أسباب تواجد القوات الروسية على الارض السورية ، فمؤتمر جنيف أثبت للعالم ان روسيا هناك لتحقيق كل شيء ما عدا قتال داعش ، و أن روسيا تسعى بكل قواها لاسترداد ما فقدته في أوكرانيا عن طريق ممارسة الابتزاز السياسي و الاستثمار في وجودية نظام الاسد..
اما الحقيقة الثالثة التي اثبتها مؤتمر جنيف و التي كان الجميع يخجل او يخاف من الحديث عنها فهي حقيقة ان الولايات المتحدة سحبت عن قناعة او عن عدم قدرة كل قوة تأثيرها في المشهد الشرق أوسطي ، و تركت الساحة لإقحام الروس في المستنقع السوري و اجهاد كل القوى المتقاتلة و ابتزازها تماشياً بالتوازي مع الرؤية الإسرائيلية من الحرب السورية ..
اما الحقيقة الرابعة و التي تغاضى عن ذكرها مؤيدي الثورة السورية هي الحقيقة التي أوضحها مؤتمر جنيف بكل صراحة و هي الحقيقة القائلة بأن من يصفون أنفسهم بأصدقاء الشعب السوري يؤيدون خروج الاسد و لكن بالتوازي مع فشل فكرة نجاح الثورة السورية..
و الحقيقة الخامسة التي أثبتتها جدران فنادق جنيف و مباحثاتها ان المعارضة السورية بشكلها الجديد أصبحت ورقة صعبة ليست قابلة للعبث فيها ، لا لقوتها او اصرارها على الوصول الى حقوق الشعب السوري بل لإدراكها ميوعة الموقف الدولي تجاه إيجاد اي حل ، مما أعطاها الجرأة و للمرة الاولى بقول كلمة لا لمن لم يستطع تقديم اي شيء..
و الحقيقة السادسة و الأهم ان مجلس الامن و قراراته أصبحت مجرد حبر قيمته من قيمة الورق الذي كتبت عليه، فلا فصل سابع و لا سادس و لا تهديد و لا قلق و لا تنويه و لا شجب و لا بيانات صحفية استطاعت خرق المعضلة السورية لتعنّت اصحاب القرار في أروقتها ..
أمّا الحقيقة السابعة فهي ادراك الشعب السوري ان المؤتمرات و الاجتماعات و المحاولات الجانبية ليست الا لتمرير الوقت و الرهان على عامل الزمن الكفيل بتغليب طرف على طرف آخر و الضغط حينها لفرض حل سياسي على مبدأ ” هاد الموجود “..
أمّا الحقيقة الثامنة فهي الصرخة التي نادى بها الشعب السوري منذ بداية ثورته حين قال :
يا الله مالنا غيرك يا الله ..

فمنذ متى اصبح إظهار الحقائق فشلاً ، و الاستمرار في حفلات التكاذب نجاحاً !!!

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.