تعتبر هذه الايام ابتداء من 21 سبتمبر حتى 18 تشرين الاول 2014 فترة اعياد في دولة اسرائيل، تشمل هذه الاعياد (عيد راس السنة العبري، يوم الغفران، العُرُش، فرحة التوراة ) لكل من هذه الاعياد قصة خاصة لا مجال لسردها ها هنا.
خلال مشاركتي في بعض الاعياد الاسرائيلية سابقا لاحظت ان اهتمام الاخوة الاسرائيليين بالعيد لا يقتصر على الفرح و الابتهاج فقط، بل يتعداهما الى مراجعات نفسية و روحية، الفرد الاسرائيلي يعترف بخطائه و بقصوره بغية العلاج و السير نحو الافضل، و احسن الايام للتكفير عن الاخطاء و رميها و العمل على عدم تكرارها يتمثل في ايام العيد، و في الاعتراف بالخطا و القصور يكمن سر قوة و اتزان شخصية اليهودي… فتأمل.
الاعياد الاسرائيلية تحمل في طياتها فلسفة تربية الجماعة عند طريق تهذيب نفس الفرد بعكس اعياد القوميات و الاديان الاخرى حيث لا يوجد فيها مفهوم تربوي تهذبي، فقط تقتصر على تعبير الفرح عن انجاز مهمة او عمل جيد.
2
(فليكتب اسمك في سجل الحياة السعيدة ) بهذه العبارة يبارك الاسرائيليون عيد راس السنة العبري فيما بينهم، يتناولون التفاح المغموس بالعسل و يذهبون الى المياه و يقيمون الصلوات و يرمون خطايا العام المنصرم و يجرفون بها مع الماء الجاري. و بهذا يبداون عام جديد حلو المذاق بلا خطايا.
الاسرائيلي عندما يقرر ان يكون عامه الجديد بلا خطايا يقصد ذلك من كل جوارحه و من كل قلبه و يهيأ نفسه ذهنيا و فكريا لهذا الامر، لذلك نرى بعد مرور فترة على عيد راس السنة العبري يحصل تغير ايجابي في اسرائيل ينعكس على العالم من اختراع او تطوير في كافة مجالات الحياة، مرجع ذلك هو كفاح اليهودي لتغيير نفسه و لتغيير العالم و عدم العودة لاقترافه الخطايا.
3
ممارسة الطقوس الدينية في الاعياد الاسرائيلية يتم فيها اسقاط الماضي على الحاضر و المستقبل بصورة ايجابية تفعيلية، نأخذ مثلا على ذلك عيد الفصح “بيساه” :
أهم الاستشعارات السايكولوجية المتصله بهذا العيد تكمن في إلغاء (خميرة الخبز) من المنازل اليهودية و اكل الخبز المصنوع من الماء و الدقيق فقط كما اكله اسلافهم عند مغادرتهم مصر على العجل في عهد الفرعون، فلم يكن لديهم الوقت لإنتظار إرتفاخ الخبز. المراد و الهدف من هذا استشعار الالم و معاناة الاجداد من اجل الحرية و ازالة رمزية الانتفاخ (الغطرسه، والفخر) من الروح، وفي اول ليلة من الفصح، تجتمع الأسرة لتذكر أهميه رفض الظلم والاستعباد… هل نجد هكذا تربية روحية نفسية في اعياد القوميات و الاديان الاخرى؟
انطلاقا من مبدأ التعايش المشترك و حب السلام و الخير للاخرين و من منطلق تواجد قواسم مشتركة بين شعبي الكردي و الشعب الاسرائيلي، حيث ان كلا الشعبين تعرضوا للاضطهاد على مر التاريخ و تم اغتصاب اراضيهما من قبل المحتلين، و يجاور كلا الشعبين دول لا تود الخير لهما… اتقدم باحر التهاني و التبريكات الكردية الى الشعب الاسرائيلي داخل دولة اسرائيل و خارجها باعيادهم كافة متمنيا لهم الامان و السلام و الطمأنينة… و ارجو ان يشهد تاريخ الايام القادمة استرجاع الكرد لاراضيهم و تاسيس دولة كردية كما فعل الاسرائيليون حيث استردوا ارضهم و بنوا دولتهم.
Mahdi.m.abdulla@gmail.com
المصدر ايلاف