طلال عبدالله الخوري 26\7\2017 © مفكر حر
قلنا في مقالات سابقة بأن الرئيس التركي الإخواني رجب طيب أردوغان, بعد نجاح الثورة في تونس ومصر, اقنع حكومة باراك أوباما ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بأن جماعة الأخوان هم افضل وريث للأنظمة العربية التي ستتساقط بفعل ثورات الربيع العربي (للتفاصيل راجعوا مقالنا: مغامرة اردوغان الجلبية الاخونجية ستؤدي الى تقسيم سوريا لا محالة), وتبنت كلينتون المشروع الاخواني كبديل للأنظمة العربية الاستبدادية, وفرضت نجاح الاخونجي محمد مرسي بالانتخابات المزيفة في مصر, بعد ان كانت الحكومة الانتقالية العسكرية بعد سقوط الرئيس السابق حسني مبارك على وشك اعلان نجاح الفريق محمد شفيق رئيسا منتخباً لمصر, .. الآن, بعد أن فرضت كلينتون رجلها الاخواني في مصر, اعتمدت جماعة الإخوان المعروفة بانها تستغل الدين بالسياسة من اجل السلطة والجاه, سياسة فقه الاولويات, اي التركيز على الأمور التي لها الأولوية القصوى في تقوية شكيمة جماعة الإخوان وتوسيع نفوذها وتمكينها وتثخين شوكتها, والتضحية بكل شئ من اجل نجاحها, وبعد التمكين, تنتقل الى الخطوة التالية وأيضا حسب فقه الأولوية … وهكذا..
طبعا ذكرنا سابقا بأن جماعة الاخوان كانت تخدع أميركا, وكانت تستخدمها من اجل الوصول والتمكين, وبعدها ستضرب عرض الحائط بكل الديمقراطية وحقوق الإنسان التي وعدت بها, .. وكانت الاولية لها في ذلك الوقت هو تمكين حكمهم في مصر,… ومن أجل ذلك هم يحتاجون كأولوية قصوى لبناء جهاز مخابرات قوي تابع لهم بدل جهاز المخابرات المصري الوطني الحالي ونفس الشئ بالنسبة للجيش والشرطة, وهم يعلمون بان أميركا لن تساعدهم في هذا المجال, لا بل ستقف سدا منيعا بوجههم, وربما كشفتهم,.. لذلك هم كانوا بحاجة للجوء لمساعدة دولة قريبة لهم أيديولوجياً وهي دولة الولي الفقيه في ايران…. وبالرغم من ان الحاضنة الشعبية لجماعة الاخوان كانت تركب بها المليشيات الإيرانية الداعمة للنظام الأسدي الإجرامي في سوريا مجازر تندى لها الجبين, فقد تقاطر الاخوان السوريون والمصريون, بدءاً من الرئيس المصري الاخونجي انذاك محمد مرسي الى اخر كادر قيادي لديهم الى طهران وحاول عقد الصفقات معها..ورأينا ايضا تقاطر قاتل اطفال سوريا الجنرال الايراني سئ السمعة قاسم سليماني والرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد يتقاطرون على مصر!!… لماذا لأن فقه الاولويات بالنسبة للجماعة يقول بأن الأولوية هي لتمكين انفسهم في مصر, وليس من مشكلة بأن يضحوا بعشرات الالاف من المواطنين السوريين.. فالإنسان ليس له قيمة عندهم وهو خلق لكي يضحي بدمه من اجل مشروعهم الذي له القدسية الاعلى في منهجهم.. ومن اجل فقه اولوية مصر على سوريا لدى الاخوان تمت التضحية بدماء الكثير من الثوار, وانتكست الثورة السورية كثيراً بسبب التنازلات التي قدموها لإيران لكي تساعدهم في التمكين في مصر.. والاكثر من هذا اصبحت الدول الغربية الداعمة لسوريا تتراجع للخلف بعد ان رأت قيادات الاخوان في الثورة يتقاطرون على ايران, التي تعادي الغرب وحضارته.. طبعا الجميع يعرف ماذا حدث بكل هذه التضحيات التي ذهبت هباءا عندما علمت السعودية والامارات بالمخطط الاخواني التركي الاميركي لاستبدالهم بالاخوان, وقاموا بتمويل معاكس للجيش المصري بقيادة وزير الدفاع آنذاك الجنرال عبد الفتاح السيسي الذي قام بإنقلابه المعروف وطرد جماعة أردوغان وقطر من مصر ..
مما سبق, اصبح واضح لنا بأن الإخوان لا يختلفون بشئ عن نظام المجرم بشار الاسد الذي شعاره الأسد او نحرق البلد, فأيضاً الإخوان شعارهم الجماعة او نحرق البلد ولكن الاخوان يخدعون حاضنتهم الشعبية بالوعود الإلهية في السماء.
الأن, بعد ان خسرت الجماعة الحكم في مصر وتم طردهم من دول الخليج, واصبح فرعهم في تونس علماني, لم يبق لهم سوى تركيا وقطر كجغرافيا!!.. وفقه الاولويات يفرض عليهم تمكين جماعتهم في تركيا, اي تمكين خليفتهم أردوغان من حكم شمولي يتحكم به بكامل تركيا, ومن أجل ذلك كان عليهم ان يضحوا مرة اخرى بالثورة السورية وبدماء الشعب السوري من اجل تمكين أردوغان,.. ومن اجل ذلك عقدوا الصفقات مع إيران وروسيا وباعوا حلب للنظام بثمن بخيس وهو محاربة الاكراد السوريين الذين هم جزء هام من الثورة السورية ومن الشعب السوري… وعندما لم يكفي السعر واحتاج اردوغان للمزيد, باعوا حمص والغوطة الشرقية والزبداني والقلمون!!!.. والسؤال ماذا سيبيعون بعد من اجل تعطشهم للسلطة والجاه باشتخدام إسلوب خسيس وهو استغلال الدين الاسلامي.
أيضا فقه الاولويات لدى جماعة الإخوان لعب مرة اخرى ضد الثورة السورية عندما حصلت الازمة بين قطر الاخوانية وبقية دول الخليج, فكانت اولويتهم مع قطر, وايضا على حساب الثورة السورية, مما خفف الدعم الخليجي للثورة السورية, لا بل حاربت دولة الامارات الثورة السورية, وانحازت لنظام المجرم بشار الاسد من اجل إفشال المشروع الاخواني المعادي لهم… بينما كان موقف السعودية اقل وطأة, حيث انها تعتبر بأن الانظمة العربية الاستبدادية العسكرية الفاسدة هي سبب عدم الاستقرار وانطلاق ثورات الربيع العربي في المنطقة, اي انها على الاقل تعادي نظام الاسد.
من هنا نرى بأن جماعة الاخوان هي جزء من المشكلة في سوريا وليست من الحل, مثلها مثل نظام الاسد الاجرامي او اي نظام يساري او قومي يسير خلف المعسكر التي تقوده روسيا وايران, ولن نستفيد اي شئ باستبدال نظام الاسد الاجرامي بالاخوان اوفروعهم او باليساريين والقوميين وفروعهم لاننا سنحصل منهم بالضبط ما حصلنا عليه تحت حكم عائلة الاسد.