الشهرة بأي ثمن‎

mohamedbarziفي مقال منهجي ومتزن وتوصيفي وعلمي وبليغ ومتناسق للسيد مروان الشامي
في موقع ( مفكر حر ) بتاريخ 13/11/2016 يتحدث فيه عن العبادة في اللغة
ويعرفها حسب مانقله من قواميس اللغة العربية بأنها
( التذلل والخضوع ) ولكنه أضاف للتعريف توضيحاً منه للقارئ في قوله
( لا بد من الرجوع للبُعران ) ثم يسجل نتيجة بحثه الرائع في قوله
( ومنها جاءت الاستعباد والعبودية )
ولا أدري لماذا أكد على الرجوع ( للبُعران ) وماعلاقة البعران بذلك ؟
وهل تؤخذ اللغة العربية من أفواه الذين يمتهنون تربية البعير ؟! والذين لا قدرة لهم
إلّا على التشبيه والمقارنة بالبعرة والبعير ؟ كالبعرة التي تتدلى من أست كبش وهو يمشي ؟ أو الكلب في وفائه ؟! أو التيس في اقتحامه للمخاطر ؟.. وماشاكل ذلك ؟
وماعلاقة ( العودة للبُعران ) التي يؤكد عليها بالبعير المعبّد ؟؟
لقد تمتعّت اللغة العربية بخصائص عجيبة ومعجزات فريدة عزّ نظيرها في بقية اللغات ومنها الخصائص الصوتية ومنها النحوية ومنها الدلالية .. ويقول العالم الفرنسي أرنست رينان ( إن هذه اللغة قد بلغت حدّ من الكمال في قلب الصحراءعند أمـّة من الرّحّل ففاقت اللغات بكثرة مفرداتها ودقة معانيها وحسن نظام مبانيها )
ويقول الاستاذ الياس قنصل ( إن اللغة العربية تختلف عن غيرها من اللغات بأن الحياة التي فيها حياة خلّاقة مبدعة ذات عبقرية خاصّة … وهي تريد أن يكون التعبيرجميلاً وتريد أن يمتد هدفهاإلى أكثر من ذلك فيتحول إلى فكرة مستمرة الجمال والتذوق والذكاء )
وهنا تتضح المفارقة العجيبة والغريبة بطرح فكرة ودعوة الرجوع ( للبُعران )؟؟
لقد غاب عن السيد الشامي عندما نقل من القاموس عدّة كلمات مبتورة لتعريف العبادة حسب مدلولات اللغة العربية المجردة ؟؟ غاب عنه أهم ميزات خصائص هذه اللغة؟؟ مثل
– الإعراب : وهوتغييرالحالة النحوية للكلمات .
– الإشتقاق : وهو أخذ شئ من شئ .
– المترادفات : تتميز اللغة العربية بغزارة ألفاظها ومفرداتها وبسلاسة النطق وعذوبته
فالعسل بلغت أسمائه المترادفة ثمانون إسماً منها : الضرب والضربة والضريب والشوب والذوب والشَّهد والشُّهد والماذي والرحيق وغيرها .. وكذلك كلمة سيف …
– الأضداد : وهو دلالة اللفظ على معنيين متضادين .. كالصريم لليل والنهار
والقرء للحيض والطهر والزوج للذكر والأنثى والبسل للحلال والحرام …
– الأصوات : وبلغت منتهى الإعجاز والكمال في مدارجها حيث تثبتت بنطق حروفها
ومخارجها طوال العصور دون أن يصيبها أي سقم أو انحدار ..
ومن هنا يمكن أن نعرف العبادة في اللغة على أنها
( الخضوع والذل .. والتعبيد هو التذليل .. والتعبد هو التنسك ..
والتذلل للغير يكون بقصد تعظيمه ولكن لا يجوز فعل ذلك أبداً إلّا لله وحده )
ثم يعرج السيد مروان الشامي في تعريفه للعبادة شرعاً فيقول
( في الفقه الاسلامي لا يتحقق معنى العبادة التي خلقنا الله لأجلها إلا بركنين عظيمين وركيزتين أساسيتين هما غاية المحبة مع غاية الذل والخضوع لله )
وهو هنا ينقل ماقاله ابن تيمية في تعريفه للعباده إذ يقول ابن تيمية
( العبادة هي كمال الحب مع كمال الخضوع .. وهي إسم جامع لكل ما يحبه
الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال )
وبذلك تكون العبادة هي : الخضوع والتذلل لله وحده وإفراده بالطاعة المطلقة ..
ولكن الغريب والمستهجن هنا أن يكرّر ويتبنّى السيد الشامي ماطرحه أبو جهل في صدر الإسلام مستنكراً ان تكون الصلاة هي عبارة عن الصاق الجبهة في الأرض لأن ذلك هو منتهى الذل والعبودية ؟ واقترح ابو جهل أن تكون الصلاة فيها نوع من الكبر والكبرياء وهي أن يقف منصوب القامة ويرفع يديه إلى السماء ؟؟!
وهذه الصورة والفكرة هي نفسهاالتي كرّرها وأكد عليها ودعى اليها ( روجيه غارودي ) في ندوة خاصة أقيمت في مسجد كفتارو بدمشق نهاية القرن الماضي ..
أما تساؤله لماذا لاتكون العبادة ( محبة وكبرياء وتسامي ) فأعتقد أن هذا التساؤل
لا يليق بعبد عاجز حتى عن أن يدرأ الموت عن نفسه ؟؟!!
أمـّـا تهويلاته واتهاماته والتي استهلك فيها خمسة أسطر وهو مايعادل نصف مقاله
في كلام مرسل ليس له أي مصداقية في ادعائه وقوله ( وجلهم من خريجي كلية الشريعة العتيدة ) وبحسب القاعدة ( الدليل قبل الحكم ) ولكي نصدق السيد الشامي في إدعائه فيجب عليه أن يأتي بواحد فقط من الذين تكلم عنهم بصيغة الجمع
ويزيل القناع عن وجهه ويظهر هويته ويستنطقه على العلن ويثبت أنه من
( خريجي كلية الشريعة العتيدة ) ؟؟!!….

About محمد برازي

الدكتور محمد برازي باحث في العلوم الاسلامية والقانونية من دمشق ، مجاز من كلية الشريعة بجامعة دمشق ، دكتوراة في عقد الصيانة وتكييفه الفقهي والقانوني ، مقيم في ستوكهولم .
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.