أعجبني الرأي الذي قدمه القديس ” أغسطينوس ” الأمازيغي الأصل ذات مرة حول الزمان” من الذي سبق له أن رأى الحاضر يتوقف ؟وهل يتغير..؟ طبعاً إلا بقدر ما يبقى.”
هل ما كان يعتبر حاضراً لم يعد يعتبر كذلك..؟ بيد أن الحاضر هو ذاته لا يزال يعتبر حاضراً.
يتساءل، هل سبق لك وعشت ولو ثانية في الماضي..؟أو هل عشت في جزءاً من الألف من الثانية في المستقبل.!
الحاضر يدخل في الماضي في كل لحظة وهو امتداد ظلي له. نحن باختصار موجودون في الزمن اللحظي . ولا يبقى من الماضي سوى القيمة المعيارية لحقيقة تصادق على ما قاله ذات يوم ” سبينوزا ” إننا نحس ونختبر بأننا خالدون “.
وفعلياً الموت لن يأخذ منا سوى المستقبل الذي لم يوجد بعد في حياتنا. ولم يسلبنا الموت سوى الحاضر. فلا احد بإمكانه أن يعيد ما لم يعد موجودا، ولا ما لا يوجد بعد.
ما يتبقى فقط هو مجرد ذكرى تستمد قيمتها من كونها ماض نحبه مجرد مشاعر تضفي على حالتنا نزعة إنسانية، بدل كوننا على رأي ” أرسطوتاليس ” حيوانات بلا ريش .
كنا نفقد الأحبة بشكل فرادى .. أصبحنا الأن نفقد أحباءنا بشكل جماعي . يومياً عشرات القتلى أطلق عليهم ما شئت من الأسماء والأوصاف . حتى أننا أصبحنا نخجل من نعي صديق ما، أمام وضعية ما يجري من قتل جماعي. سواء في فلسطين أو العراق أو سورية وحتى أي حالة أخرى حتى لو كان مستوطناً مدنياً، وحتى في نيجيريا..الخ ففي الموت يتساوى الجميع … ويتشاركون بذات المشاعر.
في زمن مضى كان الموت جميلاً..هناك من يحتفل برحيلك ..بيان نعي وكلمات معبرة، وربما يضاف الى البيان صورة جميلة من أيام الشباب مثل إعلانات مساحيق التجميل . ويتناقل الأصدقاء خبر رحيلك بشئ من الحزن والتمني لك بدخول جنته ..؟!. ولا يخلوا الأمر من شتيمة عابرة.. لا بأس والموضوع عادي جداً خاصة بعد فنجان قهوة الصباح.
تخيل ..لو أن الجميع سيدخل الجنة الموعودة خاصة في زمن الموت الجماعي هذا، ترى أين سيكون موقعك في هذه الزحمة.؟أما في جهنم فالموضوع عادي يشابه حالة حرق الموتى في الهند، وتحول الجسد الى رماد .
الحروب هي حالة موت جماعي ، يختفي فيها موت الفرد وتتضاءل قيمته المعيارية ، فيما يحتل خبر الموت الجماعي نشرات الأخبار، لزمن ثم يتحول بدوره الى ماض . لكنه يترك فكرة قاسية تتلف أنسجة الحب…وتبعثر الذاكرة .
كم نحن قساة ومعادون لأنفسنا . كم نحن بلا دموع حقيقية تذرف على الماضي الذي رحل..؟الذي لن يعود. وسننسى ما كان وما سيكون ونعود الى اللحظة المسافرة نحو الماضي، نستظل بها على اعتبار أنها المستقبل .حالة من اللامعقول تحول الإنسان الى نوع من الأثريات التي لا قيمة لها .
بمباركة مافيا السلطة والدين معاً . وإذا لم يحل زعماء أكثر إنسانية من هؤلاء الذين يتربعون على عروش السلطة ،لن يكون للحظة أية قيمة .باعتبارها زمناً حاضراً . وسيستمر الحمقى والبلهاء والمجانين في صداع هذا العالم بهذيانهم. وفي محاولة استرجاع عصر الناقة في مجتمعات تعاني من حالة موت عقلي. ومخزون هائل من الخوف ، والإستبداد المزمن .
حان الوقت لإعادة القيمة المعنوية للموت الفردي . قبل أن تصبح كافة البلدان قبراً لشعوب مجهولة النسب.
هذه حالة منطقتنا ..؟! موت يومي جماعي وفردي . ندفع فيه للمصالح الكبيرة ثمن موتنا.. وربما علينا شكرها أيضاً. رغم أننا نشتري منهم يومياً نفطنا وماركات ملابسنا وأحذيتنا وأدوات زينة النساء الحلال والحرام معاً، وصواريخهم التي تمارس القتل الرحيم بحق عجزنا المزمن.
جميعاً ندفع ثمن تعاستنا وبؤسنا .
بالأمس شاهدت كيف يحتفل المستوطنون بقصف طائراتهم على أطفال غزة ..؟ هم أيضاً قتلوا الإنسان في داخلهم. بل جرى حرقه في ” أوشفيتز ” جديد حدث ذلك في العام 1942في ألمانيا الهتلرية ..واليوم تتكرر المأساة بحق الشعب الفلسطيني على يد أحفاد تلك المأساة الهتلرية.
هكذا الأمر بكل بساطة يحتفلون سروراً بقتلك ، تماماً كما تحتفل المجموعات التكفيرية بقتل مخالفيها من الطوائف الأخرى في سورية والعراق ..الخ. شئ محزن، ما الفارق بين الطرفين ؟!
هذا المشهد مضطر الى تذكره طيلة ما تبقى لي من حاضر. وهذا يؤلمني جداً على صعيد نفسي .الحاضر دخل في الماضي ، هكذا مشهد لن يرحل سريعاً.
الصورة تركت خلفها فكرة مؤلمة ،تؤرقني جداً فهي وحدها لا تمضي … ان يجري الاحتفال بقتلك ..؟ ثم متى سينتهي هذا الاحتفال، وتسدل الستارة عن أسوء احتلال استيطاني معاصر لا زال من بقايا زمن ” الأبرتهايد ” والاستعمار الماضي الذي رحل مع الماضي.
سيستهلكني الحاضر ..وأرحل الى الماضي ، بيد أن الفكرة ستبقى في ذاكرة آخرين .
وهذا بحد ذاته مؤلم ومرعب، فنحن نمر بمرحلة الانحطاط الذهبي..لكن الزمن القريب يبدو هو زمن صراع ” الأميبات ” والديدان الشريطية التي ستلتهم قبور الجنود المجهولين في أوطان تحولت الى مقابر وقوارض ومجتمعات بلا شفقه ، وصراع مصالح على حساب الآخرين .
-
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟
Published by:علي الكاشمباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراث
Published by:مفكر حردراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.
Published by:آدم دانيال هومه** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني ... غدت ضرورية غربية ودولية **
Published by:سرسبيندار السنديالحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولود
Published by:مفكر حر** كيف بلع نظام الملالي ... الطعم ألإسرائيلي **
Published by:سرسبيندار السندي** كيف يسخر ويضحك صبيان محمد الجدد ... على عقول ألمسلمين **
Published by:سرسبيندار السنديالمسيح في فكر الإسلام والعقيدة المسيحية
Published by:صباح ابراهيممن يوميات إمرأة حلبجية
Published by:مفكر حراسطورة الإسراء والمعراج
Published by:صباح ابراهيمالفيلم الألماني " حمى الأسرة"
Published by:طلال عبدالله الخوري** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
Published by:سرسبيندار السنديفيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارع
Published by:مفكر حر** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10
Published by:علي الكاشأفكار شاردة من هنا وهناك/51
Published by:مفكر حرقراءة متأنية في ديوان (قصائد منزوعة السلاح) للشاعر نينوس نيراري
Published by:آدم دانيال هومه** كيف رتبت أل سي اي ايه … لقاء الصحفي تايكر ببوتين ولماذا ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/8
Published by:علي الكاشأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح( 18-19 )
Published by:حسن محموديأفكار شاردة من هنا وهناك/49
Published by:مفكر حرالانتخاب
Published by:مفكر حر" الاشياء البائسة" Poor Things
Published by:طلال عبدالله الخوريالأدب النسوي ما بين الإبداع والاستغلال
Published by:اسعد عبد الله عبد عليأفكار شاردة من هنا وهناك/48
Published by:مفكر حرالرب يفضح الأنبياء الكذبة
Published by:صباح ابراهيمأخطار تهدد الحياة على الأرض
Published by:صباح ابراهيمكأس عسل
Published by:عصمت شاهين دو سكيسليلة الآلهة
Published by:آدم دانيال هومهأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح ( 16, 17)
Published by:حسن محمودي** محنة العقل في الاديان ومعضلة كتبها … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا قصف نظام الملالي الارعن … مدينة أربيل ألان **
Published by:سرسبيندار السندياوبنهايمر
Published by:طلال عبدالله الخوري** مَن سيُحاسب قادة حماس … على جرائمهم بحق غزة وأهلها **
Published by:سرسبيندار السندياسرار #الموساد عن #العراق - ج 1
Published by:صباح ابراهيمالمرأة بين الماضي والحاضر مسيرة كفاح وتنمية ونماذج معاصرة
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/4
Published by:علي الكاشالقاسم الأيمانيّ المشترك :
Published by:مفكر حرعام جديد..
Published by:مفكر حر** قصة مِيلادِ السيّد المَسِيحْ … العجيبة والفريدة **
Published by:سرسبيندار السندي#محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
Published by:محمد الماغوطأفكار شاردة من هنا وهناك/43
Published by:مفكر حرمن هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
Published by:علي الكاشفاطمة الزهراء و غموض تاريخها
Published by:صباح ابراهيم#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
Published by:نزار قباني** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
Published by:سرسبيندار السنديهل روح الله هو الله ام جبريل ؟
Published by:صباح ابراهيمأُمة فيها العجب
Published by:عصمت شاهين دو سكيتجاعيد وايجار واتهام
Published by:اسعد عبد الله عبد عليتقاسيم على أوتار الريح
Published by:آدم دانيال هومهالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/1
Published by:علي الكاشالدعاء على المسيحيّين
Published by:مفكر حرمباحث في الأدب واللغة/63 الطعام والمطبخ العربي
Published by:مفكر حرأفكار شاردة من هنا وهناك/41
Published by:مفكر حرأحدث التعليقات
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية