هل هو مجرد حجر يعبدوه ألأسلام ؟؟؟ أم أنه غضب وبلاء للبشرية ؟؟؟؟؟
عندما سرق الحجر الأسود
سامي المنصوري
هذه المقالات ليس من تأليفي وانما مقتضبات واقتباسات و ملخصات واستنتاجات من بطون الكتب والمقالات والنشرات والابحاث من مصادرها كيفما وردت لكتاب وباحثين أجانب ومستشرقين وعرب منهم المسلم او المسيحي او لا ديني والعلماني وغيرهم بهذه الصوره جمع مقال عام شامل بصوره حياديه ومعتدله لتوضح التاريخ الديني والجغرافي – اذا كنت ديني عقائدي لا تقرأ المقال لانه عكس هواك
القصة تبدأ قبل ظهور الاسلام بأربعين عاماً ! قبائل عربية منتشرة في كل أرجاء الجزيرة ! وقبيلة تسيطر على أرض مباركة مقدسة فيها الكعبة المشرّفة . القوافل تأتي من كل أنحاء الجزيرة حاملة تجارتها وأموالها وتجتمع في مكّة أرض قريش ! لتطوف حول البيت العتيق وتقيم شعائر الحج الوثنية التي اعتادوا عليها .
قريش كانت المستفيد الأكبر من هذه العادة السنوية , غنى فاحش وثروة تتضاعف كل عام , ونفوذ يتّسع ليشمل الجزيرة بأكملها . وفي ظل هذه الظروف طمع ملك اليمن بما لدى قريش من مكانة وغنى , فقرر الإغارة على مكة وهدم كعبتها وتدمير أصنامها ودعوة العرب إلى الحج إلى أرضه اليمنية , فيكسب النفوذ والتجارة ويأمن من دولة قريشية محتملة !
جهّز أبرهة جيشا عظيما زوّده بالفيلة العملاقة وسار به إلى مكة هادفا إلى إزالة أثر هذا البناء القديم المقدّس!
دخل الجيش العتيد مكة دون أي مقاومة ولم يكن في مكّة أحد ! الكل هرب خوفا من طغيان جيش الحبشي , والكل يسأل : أيعقل أن تهدم الكعبة ؟ أيعقل أن يترك الله بيته المقدّس يهدم دون أن يمنع ذلك ؟ أيعقل أن يهدم البيت المبارك الذي بناه ابراهيم الخليل عليه السلام ولا يلقى من فعل ذلك العقاب الجسيم ؟
طبعا لا !!! فالرب العظيم القدير القوي لن يرضى أبدا أن تهان أرضه المباركة المقدسة ولا يرد على ذلك أبداً !
فأرسل الله المعجزة ! المعجزة التي أذهلت الجميع ! أرسل طيراً أبابيل تحمل حجارة ملتهبة من حميم السعير الجهنمي ألقتها فوق رؤوس الجيش الطامع ومحت أثرهم نهائيا عن وجه الأرض ! ليكونوا عبرة لكل من يفكّر بالتعدي على الكعبة المقدّسة !
ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل () ألم يجعل كيدهم في تضليل () وأرسل عليهم طيرا أبابيل () ترميهم بحجارة من سجّيل () فجعلهم كعصف مأكول ()
لنستعيد هنا بعض المعطيات :
بيت مقدّس وأرض مباركة
رغم أن هذه الأرض كانت مدنّسة بدماء القرابين وأصنام الحجارة
رغم أن القوم الذين يطوفون حولها وثنيون مشركون
رغم أن أهلها القرشيون إباحيون كفرة
رغم الكثير من المعطيات غير المشجعة على ارسال معجزة…. أبى الله أن تهان كعبته المشرفة ولا يرد على تلك الإهانة حتى لو كان أهل تلك الأرض المباركة غير مؤمنين بوحدانيته !
فحماها بمعجزة عظيمة تجعل كل من يريد التعدي على تلك الأرض يفكّر ألف مرّة قبل أن يفعل ذلك !
مجتمع مسلم مؤمن بوحدانية الله .الدين السائد هو الدين القويم الدين المحمّدي الصحيح . وكعبة مطهّرة من كل أنواع الفحش والأصنام المعبودة .رب واحد دين واحد عقيدة واحدة ومجتمع ناضج دينيا وخلقيا ومتأكّد تماما أن هذه الكعبة تملك قدسية تجعل من المستحيل انتهاك حرمتها , والتعرّض لمكانتها الإلهية السامية !
بعد حادثة الفيل بأقل من أربعة قرون ظهرت دولة عربية دعيت بدولة القرامطة ! كان للقرامطة دولة قوية متمكّنة الأطراف اشتراكية الثروة .وبدأت بالتوسع بشكل سرطاني مرعب مهددةً كل الدول والمذاهب الأخرى بالفناء والإبادة .
العقدة في هذه القصة تبدأ من هنا وتحديداً في عام 339 هـ . في هذا العام المشؤوم وفي شهر ذي الحجة والناس تدعو الله في أرضه المباركة أمام كعبته المطهّرة دينها دين الحقيقة وعقيدتها أصيلة المصادر …حدث الأمر الذي لم يتوقّعه أحد !
كان القرامطة قد جمعوا جيشهم على الحواف المكّيّة وأعدوا العدة لدخول المسجد الحرام واستباحة حرمته وقدسيته العظيمة !
ماذا سيحدث ؟ الجواب المنطقي لهذا السؤال هو ” معجزة جديدة “
وكيف لا تحصل معجزة ؟
بالمقارنة مع المعطيات التي أنتجت المعجزة السابقة نجد أن هذه المعطيات أكثر إلحاحا لحصولها .
الدين الصحيح هو الذي يحكم أرض مكة وليس أصنام حجرية لا تنفع ولا تضر.
الحجيج هم من المسلمين الصادقين المؤمنين وليسوا كالقرشيين الوثنيين المشركين.
الكعبة نفسها والأرض نفسها والرب نفسه والحادث نفسه وهدف الجيش المعتدي نفسه !
كل شي متطابق تماماً ! والمعطيات الجديدة أكثر واقعية بكثير لإرسال معجزة عظيمة تنقذ بيت الله العتيق من الخطر المحدق به !
دخل القرامطة الحرم وحان وقت المعجزة …..لكن….
لنكمل هذا الفصل على لسان ابن الأثير من كتابه “البداية والنهاية “
قال ابن الأثير:
خرج عليهم القرمطي في جماعته يوم التروية، فانتهب أموالهم واستباح قتالهم، فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقاً كثيراً، وجلس أميرهم أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنائي لعنه الله على باب الكعبة، والرجال تصرخ حوله، والسيوف تعمل في الناس في المسجد الحرام في الشهر الحرام في يوم التروية، الذي هو من أشرف الأيام، وهو يقول: أنا الله وبالله، أنا أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا. وكان الناس يفرون منهم فيتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئاً. بل يقتلون وهم كذلك، ويطوفون فيقتلون في الطواف، وقد كان بعض أهل الحديث يومئذٍ يطوف، فلما قضى طوافه أخذته السيوف
فلما قضى القرمطي لعنه الله أَمره وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة، أمر أن تدفن القتلى في بئر زمزم، ودفن كثيراً منهم في أماكنهم من الحرم، وفي المسجد الحرام. ويا حبذا تلك القتلة وتلك الضجعة، وذلك المدفن والمكان، ومع هذا لم يغسلوا ولم يكفنوا ولم يصل عليهم لأنهم محرمون شهداء في نفس الأمر. وهدم قبة زمزم وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها، وشققها بين أصحابه، وأمر رجلاً أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه، فسقط على أمّ رأسه فمات لعنه الله وصار إلى أمة الهاوية. فعند ذلك انكف الخبيث عن الميزاب، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، فجاءه رجل فضرب الحجر بمثقَّل في يده وقال: أين الطير الأبابيل، أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود شرفه الله وكرمه وعظمه وأخذوه حين راحوا معهم إلى بلادهم، فكان عندهم اثنتين وعشرين سنة حتى ردّوه
أي دموية هي هذه ؟ أي عدوان هو هذا ؟
لا بل السؤال الصحيح هو :
أين كان الرب عندئذ؟
أين المعجزات المنتظرة ؟
هل كان الرب الذي شهد هذه الحادثة غير الرب الذي شهد حادثة الفيل؟
أين الوعد الحق الذي أخذه على نفسه أن يجعل هذا البلد آمنا ؟
وملايين الأسئلة التي يمكن طرحها تحت هذا الباب.
وبالعودة إلى الكتاب الربّاني العظيم نجد أن إلهنا الذي يصدق وعده دائما يقول :
(فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). (قريش/3 ـ 4)
(واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا…). (البقرة/126)
(واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبنيَّ أن نعبُد الاصنام). (ابراهيم/35)
(فيه آيات بينات مقام ابراهيم ومن دخله كان آمنا…). (آل عمران/97)
(واذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا). (البقرة/125)
(والتين والزيتون* وطور سينين* وهذا البلد الامين). (التين/1 ـ 3)
و لم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم”[العنكبوت:67}
أن أكمل القصة … يقول ابن الأثير :
ولما رجع القرمطي إلى بلاده ومعه الحجر الأسود تبعه أَمير مكة هو وأهل بيته وجنده وسأله وتشفع إليه أن يرد الحجر الأسود ليوضع في مكانه، وبذل له جميع ما عنده من الأموال فلم يلتفت إليه، فقاتله أمير مكة فقتله القرمطي وقتل أكثر أهل بيته، وأهل مكة وجنده، واستمر ذاهباً إلى بلاده ومعه الحجر وأموال الحجيج.
ماذا كان على أمير مكة أن يفعل أكثر من ذلك ليؤيّده الله بنصره ؟؟
أخرج كل ما تملك دولته من أموال وجيوش ليحارب القرامطة. وبذل أقصى ما يملك حتى روحه وأرواح معظم أهل مكة جعلها فداء ذاك الحجر الأسود . والرب رغم اخلاص الرجل وسعيه لم يلتفت إليه ولم يرسل ولا طيراً واحداً من الأبابيل ؟
باختصار أن الأمن في الآيات إنما هو أمر للبشر بالتأمين وليس تكفّل ربّاني بحماية البيت . لكني أرى أن هذا يضعنا أمام العديد من المشكلات :
أكثرها إلحاحاً هو دعاء ابراهيم عليه السلام ” ربي اجعل هذا بلدا آمنا ” ألا يخالف هذا ما وردنا أن دعاء الأنبياء لا يرد عند الله أبداً ؟
هناك أمر آخر أضن انه على قدر كبير من الأهمية هو الخط الفاصل بين الواقع و الأسطورة: بين التاريخ والاحتمالات الخيالية المنسوجة حول هذا التاريخ.
و الحقيقة أن البشرية لم تهتم بتحديد هذا الخط إلا مؤخرا عندما أصبح التاريخ علما له مناهجه.
يعني الفرق بين واقعة أبرهة و واقعة القرامطة أن الحادثة الأولى تاريخ فيه إضافات نسج الخيال على حد تقديري مع الرغبة من القبائل المتواجدة في ذلك الوقت في تصوير ما حل بجيش أبرهة على أنه عقاب الآهي (نظرا للأسطورة الأبراهيمية ذات البعد القدسي المنسوجة حولها) وربما رأى أحدهم طيورا تحوم حول الجثث لنهشها فروى رواية الحجارة من سجيل فاستساغها الاشعور الجماعي (لما فيها من رفع للمعنويات ضد الغازي المحتل (أبرهة) تماما كما يدعو الأئمة الآن على أمريكا الآن بالزلازل والفيضانات (يعني الرغبة الموجودة عند الضعيف في الإنتقام الإلاهي أمام القوة الجائرة) و هكذا تم تناسي ما وقع فعلا و لم يبقى من الحادثة التاريخية الخام في الذاكرة الجماعية سوى ما نسج حولها من تخيل.
طبعا لم يغب عن رسول الإسلام البعد الرمزي للرواية فأدرجه في كتابه.
أما ما حدث للكعبة بعد الإسلام فهو من باب التاريخ المنقول (المكتوب خاصة وليس الشفهي : لما للكتابة من تثبيت للحادثة و ما لتناقل التاريخ شفويا من تحوير و إضافة)
. فالمجتمع القرشي قبل الاسلام كان مجتمعاً متفتحا فكريا وبحسب التصور الذي بنيته عن هذا المجتمع أعتقد أن القصة كانت تلفيقاً من قادة قريش لإعادة القدسية إلى الكعبة خاصة بعد انصراف العرب عنها إلى كنائس اليمن الأجمل بنيانا والأعظم زينة …وبما أن اعتماد قريش الاقتصادي كان على تجارة الحج بشكل أساسي فقد خافوا انصراف العرب عنهم وبالتالي خسارة نفوذهم وثروتهم وكان ترتيب أمر معجزة كهذه الضمان الوحيد لاستمرار سلطتهم بين العرب.
ولهذا نجد أن قادة قريش قبل دخول جيش أبرهة إلى مكة قد أمروا كل من في مكّة بالخروج بعيداً عنها حتى يخلو لهم الجو ويلفّقوا تلك المعجزة بعيداً عن أي شاهد عيان يمكن أن ينكر تلك المعجزة وهذا ما نجده في سيرة ابن هشام .
ولما دخل أبرهة صرفوه بالمال والثروة فعاد إلى بلاده وهذا ما يبرر عدم وجود جثمانه أو جثمان أحد جنوده حول الكعبة . وعندما دخل أهل مكة بلدتهم لاقاهم زعماء مكة بكل وجه رحب وصاحوا ” نصرنا الله وحمى بيته الحرام بطيور أبابيلية حجارتها سجيلية “
وانتشرت الكذبة بين العرب حتى غدت أمراً مسلّما به إلى يومنا هذا !
كما قلت إنه مجرّد تصور فردي للطريقة التي جرت بها الأمور ….بنيته على ما قرأت عن تلك الحادثة ولا أجزم أبدا أنها الحقيقة المطلقة !