علي الأمين : البلد
نحو 15 الفاً تقريبا هو عديد القتلى من الطائفة العلوية حتى اليوم، وهو عدد كارثي على ابناء الطائفة المقيمين في مناطق الساحل والجبل. تلك المناطق التي تقطنها اكثرية علوية. هذا ما يؤكده المعارض السوري الناشط توفيق دنيا، ابن بلدة السلمية والملاحق من قبل النظام السوري منذ 35 عاما. دنيا الذي يبلغ نحو 80 عاما كان من ابرز الداعمين والمنظمين لمؤتمر “كلنا سوريون … معا نحو وطن للجميع “، الذي عقد في القاهرة يومي 23 و24 الجاري. غلب على المشاركين فيه معارضون سوريون من “اصول علوية” جاء جزء منهم من دمشق والساحل السوري، فيما الجزء الآخر أتى من الشتات السوري الموزع على اطراف العالم.
التقوا بمشاركة وجوه بارزة من المجلس الوطني والائتلاف السوري المعارضين، واصدروا في ختامه بيانا سياسيا توجه بشكل غير مباشر الى ابناء الطائفة العلوية والشعب السوري عمومًا. والمشاركون هم من الذين سجنوا وعذبوا من قبل النظام في عهد الأسد الأب والأسد الشقيق والاسد الابن، ومنهم من لم يزر سورية منذ عقود. ما فعله النظام السوري بالطائفة العلوية، كما يقول المعارض دنيا، هو أنه جعلها رهينة وسخرها لمصالحه هو. فيما تتقاطر الى القرى ذات الغالبية العلوية جثامين القتلى موضوعة في صناديق مغلقة يمنع فتحها في كثير من الاحيان. ويؤكد بعض الناشطين من هذه المناطق ان “اعدادا لا يستهان بها من تلك الجثامين قتل اصحابها برصاصة في خلفية الرأس”، في اشارة الى حملة تنفيذ اعدامات على كل من كان يرفض تنفيذ الاوامر داخل الجيش.
ليست جموع ابناء الطائفة العلوية في الداخل السوري مؤيدة للثورة السورية بطبيعة الحال، لكن معظمهم، كبقية ابناء الشعب السوري، يدركون ان هذا النظام هو سبب كوارث اجتماعية وسياسية تصيب السوريين منذ عقود، وهو يريد احكام اسره للطائفة بمزيد من اهراق دماء ابنائهم في معركته لتدمير سورية ونسيجها الاجتماعي. في المقابل تتباين آراء الناشطين في الثورة السورية، من ابناء الطائفة العلوية، حيال نقد المعارضة وسلوكها تجاه دورها في منع النظام من تطييف الثورة. احد ابرز الكتاب السوريين المعارضين العلويين قال بصوت عال وصريح ان اعادة تنشيط الحراك الشعبي في مناطق نفوذ النظام والاضاءة عليه وحدها الكفيلة باسقاط الذريعة الطائفية التي يستثمرها النظام السوري لصالحه.
آخرون قالوا بصراحة ان المعارضة السورية لم تقم بما يجب لتشجيع واستقبال عمليات الانشقاق في الداخل العلوي. الناشطة السورية سعاد خليل، الآتية قبل ايام من دمر (احدى ضواحي دمشق)، ابدت احتجاجا، هي الفتاة العشرينية والملتزمة دينيا، على ما سمّته “”المبالغة في اضفاء البعد الطائفي على الثورة”. قالت: “نحن نواجه النظام على الارض وبيننا من كل الطوائف السورية”، واضافت: “في دمر ارتكبت مجازر من قبل النظام والذين نفذوها نعرفهم وهم من ادوات النظام وليسوا من الطائفة العلوية”. وتابعت: “ثمة محاولات تشويه دؤوبة للثورة في الاعلام، تستند الى وقائع حقيقية ولكن يجرى تعميمها واختصار الثورة السورية في مشهد واحد”.
الناشطون العلويون في الثورة لا يعملون في اطر خاصة طائفيا، بل ينشطون في اكثر من اطار او مجموعة، لكن ذلك لا يمنع بذل الجهد، على ما يقول احد الضباط المنشقين عن النظام، “من اجل احداث خرق نوعي في مناطق الساحل والجبل”. هو يلفت الى ان “مئات العائلات في هذه المناطق تعبر عن اعتراضها العلني ضد سياسة سوق ابنائها، من قبل النظام، ليكونوا قتلة او مقتولين من اجل نظام غير قابل للبقاء”. وباتت مقولة “اولادنا الى القبور واولادكم الى القصور” جملة تتكرر لدى القاعدة الواسعة من ابناء الطائفة العلوية في اشارة الى مجموعة قليلة من ادوات النظام التي حصدت ثروات ونفوذاً بقوة النظام وتسلطه.
اللافت ان القلق لدى البعض من حصول مواجهات طائفية هو ليس في الساحل السوري او في “الجبل”، بل في دمشق، على ما نبه احد المشاركين في المؤتمر. فالحرب الطائفية “إذا وقعت ستقع في دمشق. وبالتالي يجب ان نتوجه الى الجيش الحر بان يعمل على التحضير لقوة فصل ولجان ارتباط في الاحياء”. وفي سياق الحديث عن الضمانات كان تأكيد على ان احدا لا يستطيع ان يطمئن احدا والسبب عوامل عدة أبرزها: عدم وجود مؤسسة عسكرية ناظمة على الارض، واستمرار الفوضى في الداخل. تلك التي يتحسس الجميع خطورتها. في النهاية المؤتمرون وضعوا على رأس مهامهم في المرحلة المقبلة تنشيط الحراك الثوري في الساحل السوري، لمنع ادراج الطائفة العلوية على الجانب الخطأ من التاريخ.