بقلم: المحامي عبد المجيد محمد
اشتعال غضب الشعب المحروم والمواطنيين المنهوبة أموالهم وانهيار الوضع الاقتصادي في إيران الذي يظهر نفسه بشكل تصاعدي ساعة بساعة في سعر الصرف أرعب المسؤولين الحكوميين للنظام.
العديد من المسؤولين المهمين وقادة النظام ظهروا إلى المشهد واعترفوا صراحة بهذا الانهيار الاقتصادي والمأزق والأزمات المحيطة بالنظام على الصعد المختلفة وكل منهم قد حذر من قرب توقع سقوط النظام بطريقته الخاصة.
جميع هذه الاعترافات في سياق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة الخارجية لها قاسم مشترك وهو عبارة عن التحذير من نفاد صبر الشعب الإيراني على هذا النظام.
الصحيفة الحكومية آرمان في ١٨ أغسطس أشارت للوضع الانفجاري في إيران حيث كتبت: “تمر البلاد الآن في ظروف يحتاج فيها عدم الاستقرار الاقتصادي والتضخم، الانخفاض الحاد في قيمة العملة الوطنية، تفاقم البطالة والتبعات الناجمة لجواب جديد وحلول جديدة من أجل الخروح من هذه الظروف”.
جلسة يوم الثلاثاء 4 سبتمبر في برلمان الملالي كانت ممتلئة بالعلائم وحقائق التحذير والتخويف لمسؤولي النظام من قرب توقع سقوط النظام.
أحد أعضاء برلمان النظام شبه الوضع الحالي للحكومة بالوضع الانفجاري الكبير في اقتصاد البلاد الذي لايقبل أي أحد تقبل مسؤوليته حيث أن الجمهورية الإسلامية منذ بداية الثورة واجهت العالم بنظرة سلبية وقامت باحتلال السفارة الأمريكية التي كانت نقطة بداية العقوبات والحرب.
أحد مسؤولي عصابة مايسمى بالإصلاحيين أظهر مدى رعبه وخوفه من هول قرب سقوط النظام وقال: “نحن خائفون من أن نقاط الضعف ستكسر البلاد” (وكالة أنباء ايلنا ٣ سبتمبر ٢٠١٨).
عضو آخر من أعضاء البرلمان خاطب روحاني وطالبه بدلا من الأكاذيب المفضوحة التي يطلقها يوميا أن يذهب أعضاء حكومته شخصيا لشراء احتياجاتهم اليومية من المحال والمتاجر ليروا كيف هو الوضع.
وقال عضو آخر: “أولئك الذين جعلتهم يستمتعون بإحصائياتك غير الواقعية هم العمال والموظفون والشيوخ والشبان الذين يعانون من التضخم الذي وصل لنسبة ٦٠ بالمئة و٧٠ بالمئة. اتركوا الشعارات الطنانة والخطابات. البلاد يتم تدميرها”.
وقال ممثل برلماني آخر فيما يخص الوضع المتأزم: “اليوم نمر في ظروف أصبحت فيها عملتنا الوطنية أرخص عملات دول العالم. الغلاء والبطالة والفقر والفاحشة وعدم وجود الحريات الاجتماعية ومن بينها اعتقال الناشطين المدنيين والنقابيين امر يمكن رؤيته بشكل يومي”.
في الحقيقة ان هذا الإظهار يعبر عن الرعب والخوف من المصير الأسود الذي ينتظر الحكومة الدينية ويدل على علائم عديدة واضحة للمرحلة النهائية لهذا النظام، الامر الذي دفع ممثلي برلمان النظام ومسؤولي النظام لإظهار خوفهم ورعبهم.
الحقيقة الأخرى هي أن هذا التصريح هو إظهار للذعر الناجم عن تهيأ الظروف الموضوعية لإسقاط الحكومة الدينية الأمر الذي يتردد بشكل متكرر من خلال البيانات المختلفة لمسؤولي النظام. تلك الظروف التي تعبر عن درجة كره الشعب للنظام الديني بشكل لم يعد الشعب الإيراني قادرا على تحمله بأي حال من الأحوال.
الحقيقة المهمة هي أن هذه الحالة التي وضع فيها النظام ومسؤولوه بحيث لا مفر لهم من الإذعان والاعتراف بها هي السياسة المبدئية التي اعتمدتها المقاومة الإيرانية. كما أنه في مثل هذا الموقف يعبر ممثلو برلمان النظام من خلال دعوة محمد جواد ظريف وزير الخارجية إلى البرلمان عن خوفهم من نشاطات مجاهدي خلق والمقاومة المنظمة ليوضحوا بذلك عن عنوان البديل الديمقراطي الذي عقد العزم على مساعدة الشعب الإيراني على إسقاط هذا النظام.
الشعب الإيراني قام بفرض الوضع الحالي على النظام من خلال الانتفاضات والثورات ومعاقل الانتفاضة. سبب الخوف والتحذيرات المستمرة لمسؤولي النظام هي أمر مفهوم في هذا النحو. حيث أن هذا الوضع يشبه إلى حد كبير الظروف التي كان يمر بها نظام الشاه في أعوامه الأخيرة.
الأزمات جرت هذا النظام نحو مأزق لا يملك فيه أي سلطة على اتخاذ أي قرار. ونفس هذه الأزمات المستمرة تقرب النظام نحو حافة سقوطه أكثر فأكثر.
إقرار المسؤولين الحكوميين بالمأزق والأزمة وعدم وجود طريق للحل جاء في ظروف لم تبدأ فيها بعد العقوبات النفطية الساحقة والتي من المقرر أن تبدأ في أواسط شهر نوفمبر.
أول موجة عقوبات أمريكية ضد النظام الإيراني دخلت حيز التنفيذ في ٦ أغسطس. كما أن الرئيس الأمريكي قد حذر أي بلد من التعامل تجاريا مع إيران وإلا سيتم شملها ضمن العقوبات الاقتصادية الأمريكية أيضا.
لكن من يحسم الموضوع ويبت الكلمة الأخيرة في هذا الأمر هو الشعب الإيراني المنتفض ومقاومته المنظمة اللذان قد عقدا العزم ألا يهنأ لها عيش حتى الإسقاط التام والكامل لنظام ولاية الفقيه.
هكذا عبر عن ذلك الشعب المنتفض عندما نادى من خلال شعار الموت لخامنئي والموت لروحاني بـ«نحارب ونموت لنسترد إيران».