الطبيعة البنائيّة في قصائد -رحلة إلى عنوانٍ مفقود- لآمال عوّاد رضوان!


بقلم الناقد: د. منير توما
يقول أدونيس مُوضّحًا معنى الكلمة في الشّعر: “إنّ للكلمة عادة معنى مباشرًا، ولكنّها في الشّعرِ تتجاوزُهُ إلى معنى أوسع وأعمق، فلا بدّ للكلمةِ في الشّعرِ مِن أن تعلوَ على ذاتِها، وأن تزخرَ بأكثرَ ممّا تعِدُ به، وأن تُشيرَ إلى أكثرَ ممّا تقول”.
هكذا كانت كلماتُ الشّاعرة آمال عوّاد رضوان في مجموعتِها الشّعريّةِ “رحلةٌ إلى عنوانِ مفقود”، فالكلمة في الشّعر وفقًا لأدونيس، ليست مجموعة متآلفة مِن الأصواتِ، تدلُّ اصطلاحًا على واقعٍ أو شيءٍ ما، وإنّما هي صورة صوتيّة وحدْسيّة، وهذه المعاني نلمسُها في قصائدِ المجموعة الشعريّة هذه، ومعظم القصائد فيها مبنيّة على أساسِ الرّجل للأنثى، باعتبار الرّجل أو الذكر عاشقا للمرأة، أو الأنثى موضوع الخطاب الشعريّ، حيث يتمثّلُ المشهدُ في هذهِ القصائدِ في سيطرةِ نمطِ القصيدةِ الغنائيّة، على مُجملِ تجربةِ شاعرتِنا هنا، فالقصيدة لديها تقولُ بوْحَ الذات، همومَها، صدْمَها إزاء الآخر، وما إلى ذلك مِن خصوصيّاتِ الإنسان العاشق والمعشوق.
ولعلّ القضيّة الرّئيسيّة التي تُثري قصائدَ المجموعة سيطرةُ ضميرِ الأنا، وبالتّالي، القصيدة الغنائيّة في مُجملِ المشهدِ الشّعريّ عندَ آمال، إنّما يتمثّلُ في تضخيمِ أنا الشّاعر، لتصيرَ هي المرجعُ الرّئيسيّ لكلّ شيءٍ وهي الحَكَمُ والحالة، وبالتالي، دورانُ ثيمات النّصّ حولَ ذاتِ الشّاعرة، ممّا يُقلّلُ مِن إمكانيّةِ التقاطٍ جمعيّ، لأن الذات لا ترى إلاّ خصوصيّتها وخصوصيّة وعيِها وموقفِها، باعتبار هذا الوعي وهذا الموقف هما الحقيقة الوحيدة المقبولة، وتظلُّ عندَها مهارةُ الشاعرة في البناءِ، وفي التقاطِ اليوميّ وإعادةِ توظيفِهِ، وبناءِ التّفاصيلِ عبْرَ انزياحاتِ اللغة، وعن طريق الصّورةِ الشعريّة ما يُميّز شاعرتنا في هذا الإطار، فالكلمة الشعريّة نابضة بالعذوبةِ والحيويّة.
ص 21 – كم موجعٌ ألاّ تكوني أنا”:
أنوثةً طاغيةً
راقصتُكِ على هفيفِ قُبلةٍ
وفي رحابِ جنّتِكِ المُترَفةِ باعتكافِكِ الأثيريِّ
غزلتُ ملامحَ أصدائِكِ .. بحرائرِ الغوايةِ
أيا ساحرةَ أشجاني


كيفَ تلاشيتُ.. قبلَ أنْ تندهني ملائكةُ الرّوحِ؟
إنّ الأنا في هذا النّصّ الشّعريّ تفرضُ حضورَها على مُجملِ المشهدِ الشّعريّ لدى شاعرتِنا آمال رضوان، ولو حاولنا التوسّعَ فإنّنا نُشيرُ إلى الاقتباس مِن قصيدة “وحدكِ تُجيدينَ قراءة حرائقي” ص 27:
منْ إِبطِ القمرِ
تسلّلتُ أتأبّطُ هلالاً
أطوي أحشاءَ المُزنِ ببطنِ السّحُبِ
وعيني الوعرةُ تطوفُ بفراغٍ نيِّءٍ
تتلمّسُ ظلَّ حوريّةٍ أمتطيهِ إلى سُلّمِ العُذريّةِ!
أيا مالكةَ وحشي المُجَنّحِ
إلى جزيرةِ عفّتِكِ خذي بيدِ ولهي
ذاك حجلي المشبوبُ
منذُ الأزلِ .. حطَّ على فننِ زماني الصّدئِ!
إنّ حضورَ الأنا يأخذ دورَهُ الفاعلُ والمباشر هنا، دون أيّ ايهامٍ بوجودِ امتدادٍ أو بديلٍ للحضورِ الطاغي للأنا، كما تشهدُ قصيدة “طعمُكِ مفعمٌ بعطرِ الآلهة” ص 31 حيث جاءَ في مستهلّها:
كؤوسُ ذكراكِ
حطّمتني على شفاهِ فرحٍ
لمْ ينسَ طعمَكِ المفعمَ بعطرِ الآلهة
وأنا/ ما فتئتُ خيطًا معلّقًا بفضاءِ عينيكِ
ما نضُبتْ علائقي الورديّةُ منكِ
ولا مِن نضرةِ سماواتٍ مرصّعةٍ بانثيالاتِكِ اللاّزورديّة!
فنحن نجدُ في الأسطر الأخيرة مِن هذا النّصّ إحالاتٍ إلى الأنا في مواجهةِ ذاتِها.
قضيّة أخرى تُثيرُها القصائدُ الغنائيّة في هذه المجموعة الشّعريّة، تتمثّلُ نتاجًا لتمركز النّصّ الشّعريّ حولَ الذات، بالتالي تصيرُ الذات بديلاً للموضوع الآخر، هنا يحدث تغييبٌ للموضوعيّ على حساب الذات، ممّا يتسبّبُ في حدوثِ انغلاقٍ للنّصّ على ذاتِه، حيث توظّفُ شاعرتنا هنا العام في همّها الخاصّ، في تركّزها حولَ ذاتِها بلسان الرّجل المُتكلّم، ومِن هنا تبرز قضيّةٌ مهمّة في قصائدِ هذه المجموعةِ الغنائيّة، والمتمثّلُ في غياب “الثيمات” العامّة، ممّا يستتبع بالضرورة استحالة قراءة العامّ مِن خلال الخاصّ، أي أنّ الخاصّ بتمركزِهِ الشّديد حول ذاتِهِ يفقدُ تواصلَهُ مع العامّ.
إنّ الغيابَ الجزئيّ للموضوعيّ العامّ في قصائدِ المجموعة، قد دفعَ شاعرتنا بمهارةٍ وانسيابيّةٍ دافقة إلى تعويض النّصّ في ثيماتها القيميّة العامّة، إلى البحث عن تعويضٍ جماليّ أو فنيّ تمثّلُ في حِرصِها الشّديدِ على إبرازِ الصّورةِ الشّعريّة، والمبالغة في الاعتناءِ بها والتعامل معها باعتبارها هدفًا وليس وسيلة، وكذلك التركيز على الانزياحات اللّغويّة، باعتبارِها لعبة شكليّة أكثر ممّا هي معاناة، علاوة على أنّ الكثيرَ مِن الأنساق اللّغويّة المستخدمة لدى شاعرتنا تتميّز بكثرةِ النعوت أو توالي الصّفات، حيث أنّ مُجمَلَ هذه الصّفاتِ تجيءُ باعتبارِها ضرورةً بنائيّة داخلَ الجملةِ الشّعريّة، يتأثّرُ بها المعنى والمبنى.
ومِن أمثلة هذه الصّفاتِ أو النعوت الواردة في قصائد المجموعة، نسيمُكِ الضّوئيّ، كوخي النّاعس، فضاءاتي الجدريّة، مطرًا عاصفًا ص71، دمعة ملجومة، إبائِكِ الوضّاء ص 75، طيني الباكي، رعودك الذابلة ص 80، فضائِكِ المائيّ، تقشّفي الوثنيّ ص 105، وغير ذلك مِن الأمثلة التي يضيقُ بها المكان لذكرها.
إنّ ما تكتبُهُ آمال عوّاد رضوان في هذه المجموعة قصائدَ عاطفيّة رومنسيّة مباشرة وعالية، بلغةٍ شفّافة رقيقة يحتلّ فيها الخطاب البؤرة، حيث يظلُّ التركيز على ما نقول وليس كيف نقول، وص 71- 73 مِن قصيدة “للوعةِ العتماتِ نذرتُك”:
أيا مائيّةَ ابتهالاتي
يا مَن انبجسَ نسيمُكِ الضّوئيّ
واطئًا مُنحدراتِ كوخي النّاعسِ
وهفهفتِ بفضاءاتي الجداريّةِ
تنقشين فراغيَ الوثيرَ بمخالبِ أجنحتِكِ!
يا أنتِ التتّقدينَ مطرًا عاصفًا
وتنداحينَ ريحَ خيالاتٍ على ضفافِ جناني الخوالي!
أنا مَن تأهّبتُ لمصابيحِ روحِكِ
تُشعّني أعراسَ فرحٍ
وفي دُروبِ الولادةِ
تتهجّاني ظلالَ حُلمٍ نافرٍ
لكَمْ وكم وكَم نذرتُكِ للوعةِ العتماتِ!
تعتمدُ الشّاعرة في هذه النّصوص أسلوبَ التقاطِ المَشاهدِ الجزئيّة، عبْرَ تصويرٍ مُباشرٍ في الغالبِ لحدَث، واستخدام الاستعاراتِ الآسرة والمجاز اللّغويّ الواضح، وهنا تبرز مهارة شاعرتنا في اختيارِ وتوزيع المشاهدِ الجزئيّة داخلَ العمل.
إنّ قصائدَ آمال عوّاد رضوان في هذه المجموعة تعتمدُ أفكارًا تصويريّة، فيها كثير مِن الإحساسِ تجري صياغتها بلغةٍ شعريّة، تعتمدُ الصّورة الجزئيّة التي تتكاملُ معًا، لتُشكّلُ مع نهايةِ القصيدة صورة كلّيّة هي القصيدة ذاتها، بحيث تصبحُ الفكرة الرّئيسيّة في القصيدة هي عنوان القصيدة في الغالب.
تمتاز قصائدُ شاعرتنا بالرّغبة في الانطلاق والمغامرة والبحث عن جديد، فهي أقربُ إلى النوستالجيا العاطفيّة الثقافيّة، ويظلّ الشّعرُ في هذه المجموعة أمينًا على جوّ الغنائيّة، بمفهوم بوْح الذات ورؤية الذات، فالآخر في المشهدِ الشّعريّ ما هو إلاّ صورة الذات نفسها، أو ذات الشاعرة تُحاورُ ظلّها الآخر، حتى ولو كان هذا الآخر هو الحبيبة التي تمتزح أو تتداخل دلالتها في قصائد آمال، بين الحبيبة الأنثى والحبيب الرّجل، في مزاوجةٍ لا يكادُ يمكن الفصل بينهما أو تحديدهما. ص 104 قصيدة (عين إبرتي تتثاءبُكِ)
صوتُكِ الممشوقُ بربريٌّ
تربّعَ على عرشِ سهري في ا مْ تِ دَ ا دِ ي
وتوالدَ حريرَ فقدٍ في كفوفِ لوعتي!
كيفَ التفّتْ خيوطُ شقاوتِكِ طوقَ ريحٍ شجيّةٍ تُلملمُني؟
كيفَ جعلتِ أطرافَ ليلِكِ الموصَدِ ملاذَ حُلمٍ؟
صوتُكِ الذّهبِيُّ
بغفلةٍ مِن عينِ قدرٍ تنفّستُ روحَهُ وامتثلْتُ غِيًّا
تريّشْتُ.. وما تريّثت!
خلجاتُكِ أنثويّةُ الصّخبِ
مسّتْ شفتيّ بشهدِ الآلهةِ
صاغتْ دمي تِرياقَ مُتيّمٍ
وما صحوتُ من حُمّى سُكْري النّكتاريِّ
إنّما.. طوتني بركةً سماويّةً في مراتعِ قلبٍ لانَ
وما هانَ ربُّ المكان!
وأخيرًا يتّضحُ لنا ممّا تقدّمَ أنّ شاعرتَنا قد أكثرت من استخدام الصّور والأخيلة والاستعارات، التي طغت بشكلٍ بارزٍ على قصائدِ المجموعة، ممّا يضيفُ إلى الرّصيدِ الفنّيّ لشاعرتنا، وذلك انطلاقا لذكرى تجربة عاطفيّةٍ أو إدراكيّة غابرة، ليست بالضّرورة بصريّة، وكما عرّفها عزرا باوند: “إنّ الصّورة هي “تلك التي تقدّمُ عقدة فكريّة وعاطفيّة في برهةٍ مِن الزمن، وهي توحيدٌ لأفكارٍ متفاوتة”.
أمّا فيما يتعلّق بالاستخدام الطاغي للاستعاراتِ عند شاعرتنا، فإنّ ذلك يُضفي جماليّة على شِعرِها، لا سيّما وأنّ الاستعارة هي بنية مجازيّة أساسًا، والمجازُ يُشكّلُ ركنًا أساسيًّا في الشّعرِ الحديث، هذا المجازُ الذي يُخرجُ “الواقع مِن سياقِهِ الأليف، فيما يُخرج الكلمات التي تتحدّث عنه مِن سياقها الأليف، ويُغيّر معناه فيما يُغير معناها، مقيما في ذلك علاقات جديدة بين الكلمة والكلمة، وبين الكلمة والواقع، مُغيّرًا صورة الكلام وصورة الواقع معّا”، على حدّ تعبير أدونيس.
ورُبّ قائل يقولُ في نهايةِ مداخلتي هذه، إنّني لم أتناولْ شِعر آمال عوّاد رضوان بالتفسيرِ في مجموعتِها الشّعريّة هذه “رحلة إلى عنوان مفقود”، فأجيبُهُ بما قاله الشاعر اللبناني هنري زغيب: “كما الحرّيّة لا تُلمَس والعطرُ لا يُلتقط، هكذا الشعر لا يُفسّر بل يُمارَسُ ويُعاش، تَلقّيهِ في الإحساس به، هو هو تفسيرُهُ بكلّ وضوحِهِ، إنّه انفعال وهنا مزاجيّتُه، ولكلّ انفعالٍ إيقاع، غرابة ونضارة تضمّان كلّ المعرفة وكلّ الكون في مزيج عجيب لا يمكن تفسيرُه”.
وهكذا كانت شاعرتنا آمال عوّاد رضوان في مجموعتِها الشّعريّة “رحلة إلى عنوان مفقود” ذاتَ مزاجيّة انفعاليّة إيقاعيّة هادئة، مِن خلال حرّيّة لا تُلمَس، وعطر لا يُلتقط، فلها منّا أجمل التهاني، وأطيبَ التمنيات بالتوفيق والعطاء والإبداع.

About آمال عوّاد رضوان

سيرةٌ ذاتيّةٌ- آمال عوّاد رضوان/ فلسطين آمال؛ ليست سوى طفلةٍ خضراءَ انبثقتْ مِن رمادِ وطن مسفوكٍ في عشٍّ فينيقيٍّ منذ أمدٍ بعيد! أتتْ بها الأقدارُ، على منحنى لحظةٍ تتـّقدُ بأحلامٍ مستحيلةٍ، في لجّةِ عتمٍ يزدهرُ بالمآسي، وما فتئتْ تتبتـّلُ وتعزفُ بناي حُزْنِها المبحوحِ إشراقاتِها الغائمةَ، وما انفكّتْ تتهادى على حوافِّ قطرةٍ مقدَّسةٍ مفعمةٍ بنبضِ شعاعٍ، أسْمَوْهُ "الحياة"! عشقتِ الموسيقى والغناء، فتعلّمتِ العزفَ على الكمانِ منذ تفتّحتْ أناملُ طفولتِها على الأوتار وسلالم الموسيقى، وقد داعبتْ الأناشيد المدرسيّةُ والتّرانيمُ حنجرتَها، فصدحتْ في جوقةِ المدرسةِ، إلى أنِ اتّشحَ حضورُها بالغيابِ القسريّ مدّة سنوات، لتعاودَ ظهورَها في كورال "جوقة الكروان" الفلسطينيّة! كم عشقتْ أقدامُها المعتّقةُ بالتّراثِ الرّقصَ الشّعبيّ، وكانَ لخطواتِها البحريّةِ نكهةً مائيّةً تراقصُ ظلالَ شبابٍ طافحٍ بالرّشاقةِ في فرقةِ دبكةٍ شعبيّةٍ، إضافةً إلى نشاطاتٍ كشفيّةٍ وأخرى عديدة، تزخرُ بها روحُ فتاةٍ تتقفّزُ نهمًا للحياة! أمّا لمذاقِ المطالعةِ والقصصِ والرّواياتِ فكانَت أسرابُ شهوةٍ؛ تحُطُّ فوقَ أنفاسِها حدَّ التّصوّفِ والتّعبّد، منذُ أن تعلّقتْ عيناها بسلالم فكِّ الحروفِ، وكانَ للقلمِ المخفيِّ في جيبِ سترتِها وتحتَ وسادتِها صليلٌ يُناكفُها، كلّما شحَّ رذاذُ نبضِهِ في بياضِها، فيفغرُ فاهَهُ النّاريَّ مُتشدِّقًا بسِحرِهِ، كأنّما يحثّها لاحتضانِهِ كلّما ضاقتْ بهِ الأمكنةُ، وكلّما تعطّشَ إلى خمْرِها، فتُحلّقُ به في سماواتِ فيوضِها، وما أن تصحُوَ مِن سكرتِها، حتّى تُمزّقَ ما خطّتْهُ ونسجَتْهُ مِن خيوطِ وجْدِها، لتمحوَ كلّ أثرٍ يُبيحُ للآخرَ أن يُدركَ ما يعتملُ في نفسِها، ولأنّ مكانةً سامقةً وأثرًا جمًّا ومهابةً للأدب، تخشى أن تتطاولَ إليهِ، أو تُقحمَ نفسَها في ورطةٍ لا خلاصَ منها. ما بعدَ الفترةِ الثّانويّةِ حلّتْ مرحلةُ منفاها عن طفولتِها الزّاهيةِ، حينَ استلبتْها مخادعُ الدّراسةِ الجامعيّةِ الثّلجيّةِ مِن أجيجِ نشاطاتِها، ومِن ثمّ؛ تملّكتْها مسؤوليّاتُ الزّواجِ والأسرةِ ومهنة التّدريس، واقتصرَ دورُها الأساسيُّ على مرحلةٍ جديدةٍ؛ هو بناءُ عالمٍ محبّبٍ آخر بعيدًا عنها قريبًا جدًّا منها، الأسرةُ بكاملِ مسؤوليّاتِها الجمّةِ، وفي الوقتِ ذاتِهِ وبفعل سحر الأمومةِ، نما في قلبِها عشقٌ جنونيٌّ للعطاءِ، رغمَ طراوةِ الحياةِ وقسوتِها، وكانَ بخورُ الذّكرياتِ يعبقُ بكبريائِها، ويُمرّغُها بعطرِ الطّفولةِ الهاربةِ! ما بينَ رموشِ نهاراتِها ووسائدِ لياليها، ساحتْ آمال في عُمقِ بُوارٍ لا يَحدُّهُ خواء، تارةً، تأخذُها سنّةٌ مِن سباتٍ في استسقاءِ الماضي، وتارةً، تستفيقُ مِن قوقعةِ أحاسيسِها الذّاهلةِ، حينَ تهزُّها الفجوةُ الدّهريّةُ بينَ الأنا والآخر والكون، وبينَ مجونِ الضّياعِ المُزمجرِ فتنةً، وبينَ حاناتِ الخطايا المشتعلة كؤوسُها بلا ارتواء، والوطنُ يرتعُ في شهقاتِ ألمٍ تعتصرُ أملاً مِن كرومِ المستحيل! لم تفلحْ شفافيّةُ الواقعِ المُرّ حلوُهُ، ولا مهرجاناتُ الحياةِ مِن صَلبِها على أعمدةِ مدرّجاتِ ومسارحِ الحياةِ، بل التجأت بصمتٍ وهدوءٍ إلى كهفِ الأبجديّةِ، واعتكفتْ فيهِ كناسكةٍ تحترفُها فتنةَ التـّأمـّلِ، حيثُ تصطفي نيازكَ حروفٍ متلألئةٍ بالنّضوج، كادتْ تسقطُ سهوًا في محرقةِ الألمِ، أو كادتْ ترجُمها إغواءاتُ الدّروبِ بحصًى يتجمّر، لكنّها حاولتْ أن تلتقطَ بأناملِ خيالِها تلك الحروفَ اللاّسعةَ الكاويةَ، كي ترطّبَ وجدَ آمالِها الموشومةِ بنشيجِ خلاصٍ قد يأتي! كم تماوجتْ في طُهرِ روحِها شعاعاتُ إيمانٍ، صاخبة بفصولِ التّوغّلِ وبوجوه الجمال في غدٍ دافئٍ، وكم نقشَتْها أنفاسُها تنهيدةً منحوتةً ومُشفّرةً، على شاهدةِ عمرٍ يلاحقُها، ويُولّي في صحْوتِهِ، ولا يلوي على التفاتةٍ تكتظُّ بالحسرة! "سحر الكلمات" هو عجوزي المستعارُ، وراعي انتظاراتي المؤجّلةِ بفوّهةِ مغارتِهِ الخضراء، يحرسُ بتمائمِهِ ومشاعلِهِ عرائشَ كرومي، عندما تسلّقتْ عليها دوالي قلبي وذاكرتي المنهوبةُ، ونصوصي الوجدانيّةُ المكدّسةُ على رفوفِ فسحاتٍ تعذّرَ التقاطُها، وبعشوائيّةٍ لذيذةٍ انفرطتْ قطوفُ أساريرِها على أطباقِ البراءة عبْرَ صفحاتِ النّت، لتؤبّدَ دهشةَ صمتٍ عبَرَتْ كالرّيح، فوقَ ظلالِ الفصولِ والعمر، إلى أنْ كانتْ ومضةٌ مخصّبةٌ بأحضانِ سحابةٍ متنكِّرةٍ، تراذذتْ من جلبابِها "آمال عوّاد رضوان"، ومنذُها، وآمال لمّا تزل آمالُها حتّى اللّحظة تتلألأُ بـ : *1- بسمةٌ لوزيّةٌ تتوهّج/ كتاب شعريّ/ آمال عواد رضوان/ عام 2005. *2- سلامي لك مطرًا/ كتاب شعريّ/ آمال عواد رضوان/عام 2007. *3- رحلةٌ إلى عنوانٍ مفقود/ كتاب شعريّ/ آمال عوّاد رضوان/ عام 2010. *4- أُدَمْوِزُكِ وَتَتعَـشْتَرِين/ كتاب شعريّ/ آمال عوّاد رضوان/ عام 2015. *5- كتاب رؤى/ مقالاتٌ اجتماعية ثقافية من مشاهد الحياة/ آمال عوّاد رضوان/ عام 2012. *6- كتاب "حتفي يترامى على حدود نزفي"- قراءات شعرية في شعر آمال عواد رضوان 2013. *7- سنديانة نور أبونا سبيريدون عواد/ إعداد آمال عوّاد رضوان/ عام 2014 *8- أمثال ترويها قصص وحكايا/ إعداد آمال عوّاد رضوان/ عام 2015 وبالمشاركة كانت الكتب التالية: *9- الإشراقةُ المُجنّحةُ/ لحظة البيت الأوّل من القصيدة/ شهادات لـ 131 شاعر من العالم العربيّ/ تقديم د. شاربل داغر/ عام 2007 *10- نوارس مِن البحر البعيد القريب/ المشهد الشّعريّ الجديد في فلسطين المحتلة 1948/ عام 2008 *11- محمود درويش/ صورة الشّاعر بعيون فلسطينية خضراء عام 2008 صدرَ عن شعرها الكتب التالية: *1- من أعماق القول- قراءة نقدية في شعر آمال عوّاد رضوان- الناقد: عبد المجيد عامر اطميزة/ منشورات مواقف- عام 2013. *2- كتاب باللغة الفارسية: بَعِيدًا عَنِ الْقَارِبِ/ به دور از قايق/ آمال عوّاد رضوان/ إعداد وترجمة جَمَال النصاري/ عام 2014 *3- كتاب استنطاق النص الشعري (آمال عوّاد رضوان أنموذجًا)- المؤلف:علوان السلمان المطبعة: الجزيرة- 2015 إضافة إلى تراجم كثيرة لقصائدها باللغة الإنجليزية والطليانية والرومانيّة والفرنسية والفارسية والكرديّة. *محررة الوسط اليوم الثقافي الشاعرة آمال عواد رضوان http://www.alwasattoday.com/ar/culture/11193.html الجوائز: *عام 2008 حازت على لقب شاعر العام 2008 في منتديات تجمع شعراء بلا حدود. *عام 2011 حازت على جائزة الإبداع في الشعر، من دار نعمان للثقافة، في قطاف موسمها التاسع. *عام 2011 حازت على درع ديوان العرب، حيث قدمت الكثير من المقالات والنصوص الأدبية الراقية. *وعام 2013 منحت مؤسسة المثقف العربي في سيدني الشاعرة آمال عواد رضوان جائزة المرأة لمناسبة يوم المرأة العالمي 2013 لابداعاتها في الصحافة والحوارات الصحفية عن دولة فلسطين. وبصدد طباعة كتب جاهزة: *كتاب (بسمة لوزيّة تتوهّج) مُترجَم للغة الفرنسيّة/ ترجمة فرح سوامس الجزائر *كتاب خاص بالحوارات/ وستة كتب خاصة بالتقارير الثقافية حول المشهد الثقافي في الداخل *ستة كتب (تقارير ثقافيّة) حول المشهد الثقافي الأخضر 48: من عام 2006 حتى عام 2015
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.