عالم كئيب

home_deyarفتحت أبوابي للريح جاعلا الهواءَ يلعبُ بالأبواب تارةً يغلقها وتارة يفتحها وأنا أحتملُ الجو مهما كان الطقسُ باردا,أزلتُ الستائر عن نوافذ البيت للسماح لأشعة الشمس بالدخول إلى البيت مهما كان الطقسُ حارا , ثم قلتُ في نفسي ما أغرب الضوءْ, وما أغرب النارْ , وما أغربَ أشعةَ الشمسْ!! كيف بخيوط الشمس تخترق الزجاج دون أن تكسرهْ!!!ثم ومع كل هذا لا أحد يغلب الضوء إلا الماء الذي تنكسرُ به أشعة الشمس, راودتني أسئلة كثيرة عن الكون الذي نعيش به وعن سبب شقائنا ولماذا نحن نتعبُ كثيرا ولما نحن نحزن ونبكي مهما كانت مرتبتنا الاجتماعية سواء أكنا ملوكا أو جنودا برتبة عسكرية لا تزيد عن جندي ثاني.

فتحتُ قلبي للكلمات الدافئة, أزلتُ الغشاوة عن عيني , خرجتُ خلف البيت وجلست تحت شجرة الزيتون على الكرسي الأخضر ومسحتُ وجهي بنور الله ثم بدأتُ أتثوب وأتمطى كقطٍ بري ثم تنفستُ نفسا عميقا ثم شربتُ الماء, وبدأتُ بتشغيل مخي: أمسكتُ قلمي وكأني أمسكُ بالظلم من عُنقه, مددتُ يدي إلى مكتبتي وأخرجتُ كتابا قديما يتحدث عن(هنري الثامن) ملك إنكلترا, تعاطفتُ مع هذه الشخصية مجددا وتحاملتُ عليها في بعض النقاط والمهم والأهم أنني أيقظتُ رجلا من سباته من القرن السادس عشر, خرجتُ خارج البيت لأصطاد الهواء النقي وتعبئته في رئتيَّ ولكن خشيت أن أصاب بفرط التهوية الزائدة, فدخلتُ إلى بيتي مسرعا وأغلقت الباب خلفي, كان وجهي شاحبا وعينيا تبحلقُ بسقف البيت وكنت أشعرُ بالرعب, فتحتُ التلفاز وتنقلتُ بين المحطات الفضائية فلم أجد برنامجا يرضي غروري أو مذيعةً أو مذيعا يثير لعابي.

ثم رجعتُ لأدخل غرفة النوم مجددا وضعت ما بين أربعَ إلى خمسَ مخدات (4-5) لكي أنام قليلا ولكي أرتاح من الأجواء المحيطة بي من كل جهة وجهة, حاولتُ أن أطرد النوم من عيني فلم أستطع ولكن كلما اقتربتُ من النوم كلما صحوتُ على صوت بالون ينفجر أو باب يفتح أو صوت ماتور سيارة قادمٌ من الشارع المجاور لمنزلي وأخيرا استيقظتُ على صوت جرافة كبيرة تحفر الإسفلت من أجل تمرير خطوط الماء الجديدة, ثم صحت بصوت عالي: إلويا إلويا أين أذهب؟!!.

حاولتُ أن أعيد تركيبة الكون من منطلق إيماني وبما أملكه من معارف ومدخرات علمية, حاولتُ أن أرسم لونا جديدا للسماء, حاول أن أتوقع مستقبلا أفضل للبشرية, مستقبلا أفضلُ من هذا المستقبل الذي نقف على حافته حيث أخبار الشر99% وأخبار الخير تكادُ أن تكون معدومة جدا, عالمٌ كئيب يحيط بي, عالمٌ غير سوي عقليا, عالمٌ مريض وجعلني أنا المريض عقليا, من كثرة ما أحس بأوجاع الناس وآلامهم صار كل جسمي يؤلمني, من كثرة ما أشعر بأحلام الناس صار نومي عبارة عن كوابيس, أنا الرجل الذي يفكرُ بالعالم ويشعر به, هنالك الملايين من الناس يعيشون من حولي ولا يفكرون بي ولا يهتموا بي أو بجيرانهم إلا أنا أهتم بالناس جدا وأعيش مع أحزانهم وآلامهم أكثر مما يشعرون هم بها ,عالمٌ أدركَهُ ولا يُدركني, أفكر به ولا يفكر بي, أهتم به ولا يهتم بي, عالم ينقصه كل شيء من كل نوع.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in اعتني بصحتك, الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.