عادت حليمة

حين عادت حليمة الى عادتها القديمة كانت عودة داخل العش الزوجي، فهي مثلا لم تخبر الجيران عن هذه العودة ولم تتباهى امام الاقرباء بانها قررت العودة الى ما كانت عليه،فقط زوجها الذي كان يعرف سر عودتها وسكت عن الامر فقد وجد ان لاضير ولا ضرار في ذلك.

ولكن حسين الشهرستاني لم يكن على طراز حليمة بل فاقها عودة حين يكذب على 30 مليون انسان غير مكترث بان معظم هؤلاء لم يهتموا لما يقول.

فبعد ان تنصل من قوله بان العراق سوف يصدر الكهرباء الى بلدان الجوار ورمى الكرة في ملعب وزير الكهرباء عاد ليقول أنه وقع مذكرات تفاهم مع شركات عالمية ستجعل من العراق مركزا عالميا لإنتاج البتروكيمياويات.

عمي شهرستاني،اولاد الملحة لايريدون للعراق ان يكون مركزا عالميا لأنتاج البتروكيمياويات،يريدون فقط الكهرباء والماء الصالح للشرب وسكن يقيهم حر الصيف وبرد الشتاء.

شفت عمي اشكد الامور سهلة.

ستقول ان ذلك من اختصاص الوزارات المعنية، هذا صحيح، ولكن الصحيح ايضا ان القفزات البهلوانية لاتفيد في الوقت الحاضر.

وستقول كذلك كما ذكرت في بيانك الاخير إن “مهام منصبي هي رسم السياسة الإستراتيجية للطاقة المستقبلية والتنسيق بين وزارات الطاقة لتنفيذ خططها المقررة، وأن مسؤولية التنفيذ تقع على عاتق الوزارات المعنية وان هناك حملة إعلامية للتشكيك بعمل المسؤولين تصاعدت في الآونة الأخيرة، وعلينا وضع الحقائق أمام الرأي العام”.

كلام منطقي وغير عار عن الصحة.

ولكن ماهي الحقائق التي وضعتها امام الراي العام؟هل ساهمت مثلا في استغلال الغاز المنبعث من حقول النفط بدلا من استيراده من ايران؟.

حين اعترضت على “قرار وزارة الكهرباء شراء توربينات غازية لبناء محطات توليد جديدة حين كنت وزيراً للنفط لعدم توفر الغاز الجاف لعملها ولكن مجلس الوزراء وافق على شرائها بناء على التزام وزارة الكهرباء بان هذه المحطات ستعمل على أي وقود متوفر وخاصة النفط الأسود، وتم استيراد التوربينات وبقيت في مخازن الوزارة”.

كيف لنائب رئيس مجلس الوزراء لايملك صلاحية ايقاف قرار لايتناسب مع الظروف المحيطة خصوصا وان مهمتك رسم الاستراتيجيات المستقبلية للطاقة في العراق.

ترى حيرتونا ورب الكعبة.

تستعملون مصطلحات كبيرة جدا امام الناس وعلى الارض ترموها في مجاري البنى التحتية التي طال انتظار الناس لرؤيتها.

نقطة نظام:قبل يومين قال دولة رئيس الوزراء بانك صديقه وحليفه،ماذا يعني ذلك؟انه يعني ببساطة ان تنقل له الحقائق بدلا من استعمال مصطلحات استراتيجيات الطاقات المستقبلية في العراق.

البلد الذي يحتاج الى البنى التحتية والقضاء على السكن العشوائي لايهمه الان على الاقل ان يلتفت الى ما تقوله.

لماذا؟.

هل يهم 7 ملايين شخص يعيشون تحت خط الفقر ماتقوله؟

هل يهم 6 ملايين أمي ماتقوله عن استراتيجيات الطاقة؟.

انزلوا الى الارض ارجوكم وارحموا الناس وقدموا لهم مايحتاجونه فقط.

ومع هذا فأنك تقول ان “عقود الكهرباء التي عملت عليها والموقعة مع الشركات العالمية بلغت حوالي 30 عقدا لإنشاء محطات توليد الطاقة الكهربائية بطاقة إجمالية أكثر من 17 ألف ميغاواط دخلت 12 محطة منها الخدمة بطاقة إجمالية خمسة آلاف و600 ميغاواط، وهنالك 18 محطة قيد الإنجاز ولم تدخل الخدمة بعد، موزعة على محافظات العراق كافة، وسيكون إنتاجها من الطاقة الكهربائية بعد الانجاز ما يفيض عن الحاجة الفعلية لعموم المحافظات.

اقرأوا السطر الاخير واترك لكم كتابة الفاصل هذه المرة فقد بلغ السيل الزبى.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.