حسب العهد القديم للكتاب المقدس – الأسفار الخمسة – ( لتوراة موسى ) ، وعد الله موسى ان يمنحه واتباعه الذين عاشوا في
مصر ارض الميعاد التي تفيض لبنا وعسلا ، وهي ارض الكنعانيين وما حولها . وقد كانت سابقا موطنا لهم قبل هجرة عشيرة النبي يوسف بن يعقوب لمصر .
في القرن الاول الميلادي كانت تلك البلاد التي يعيش فيها اليهود (اسرائيل) محتلة من قبل جيوش الامبراطورية الرومانية وتابعة لها اداريا وعسكريا .
ذكر الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ( التوراة والانجيل) الكثير من العادات الاجتماعية والسياسية لليهود والرومان المحتلين لهم والممارسات والتشريعات التي كانت تمارس من قبل اليهود والوثنيين القاطنين معهم ايام حياة السيد المسيح في منطقة اسرائيل اليهودية في الجنوب والجليل في الشمال والسامرة في الوسط .
ما يهمنا في هذا القال هو ذكر بعض تلك العادات والممارسات الاجتماعية والسياسية والدينية لذلك المجتمع في بداية القرن الاول الميلادي في ايام حياة السيد المسيح .
• كان اليهود في تل الايام يقسمون النهار الى 12 ساعة . تبدأ الساعة الواحدة عند شروق الشمس صباحا ، ومنتصف النهار تكون الساعة السادسة ، وعند الغروب الثانية عشر .
لغة اليهود السائدة في تلك الايام كانت الارامية ، اما العبرية القديمة فكانت لغة التوراة والطقوس الدينية والصلوات التي تقام في هيكل سليمان والمجامع الدينية.
وكانت الارامية هي اللغة التي تكلم بها السيد المسيح ، والتي لازال سكان بلدة معلولة في سوريا يتكلمون بها لغاية اليوم .
• كان الامبراطور الروماني يدعى (المخلص) او ( الاله ) وتقدم له الذبائح وشعائر العبادة . وكان يعين الولاة والحكام في المقاطعات التي تحتلها قواته ، وكانت ارض اليهودية لأسرائيل في الجنوب والجليل في الشمال يحكمها ولاة يتبعون الحكومة الرومانية .
• كانت الايديولوجية الرواقية منتشرة في كل انحاء الامبراطورية الرومانية ويمتثل لها كل طبقات المجتمع بضمنها المقاطعات المحتلة . كان اليهود الذين لا يعبدون الامبراطور بل الله الواحد يشكلون نسبة 7% من السكان . وكانوا يتبعون شريعة موسى في حياتهم الدينية والاجتماعية والقضاء .
• كانت الشريعة اليهودية صارمة والجدال حولها معقداً الى حد السخرية ، مثلا كانوا يتجادلون هل يجوز اكل بيضة باضتها دجاجة يوم السبت ام لا ؟
وهل تُخرق حرمة السبت بهذا العمل ؟
كان شيوخ وكهنة اليهود يحتجون على السيد المسيح عندما يقوم باجتراح معجزة شفاء مريض يوم السبت ، وكان السيد يسوع المسيح ينتقدهم دائما بتمسكهم بحرفية الشريعة دون معناها . وكان يقول لهم اذا وقع لك حمار او ثور في حفرة يوم السبت ، هل تتركه لليوم الثاني ام تنقذه في يوم السبت ، فالشريعة لا تمنع عمل الخير في السبت وطالب اليهود بعدم التمسك بحرفية نصوص الشريعة .
• حددت الشريعة الموسوية بعض الحيوانات البرية النجسة التي يُحرم اكلها ، وهي الحيوانات التي لا تجتر وليس لها ظلف مشقوق ، مثل الخنزير والارنب اما الاسماك فلا يؤكل كل ما كان جلده املس من غير قشور او صدف مثل الجري وسمك القرش . كما لا يجوز اكل لحم بدمه ، لأن روح ونفس الكائن الحي في دمه ، كما لا يجوز اكل الخرنوب لأنه طعام الخنزير.
اتخذت بعض الاديان اللاحقة لليهودية الكثير من هذه الشرائع مبادئ لها على
انها موحى بها لهم من الله بينما هي منقولة من الشريعة اليهودية !
• كان اليهود يعتقدون بوجود سبع سماوات ، وكذلك للارض سبع طبقات .
• من العادات الاجتماعية السائدة عند اليهود تسمية اولاد العم والخال وحتى الاقرباء البعيدين بكلمة ( أخ ) وهناك الكثير من الامثلة وردت في العهد القديم والجديد .
• احتل المرضى المصابون بالبرص ( الجذام ) وهو مرض معدي قائمة المنبوذين اجتماعيا ، ولابد لهم ان يعيشوا خارج المدينة ، وعندما يقتربون من الناس يصيحيون نجس نجس كي لا يلامسهم احد .
كما كانت الزواني منبوذات بشدة ويُحكم عليهن بالرجم حتى الموت ، وكان من
المنبوذين اجتماعيا بائعوا جلود الحيوانات والصرافون والعشارون ( جباة الضرائب ) الذين يجمعون من الناس عشر مدخولاتهم ضريبة لحكومة الامبراطورية الرومانية .
• كان يهود اورشليم (القدس) يحتقرون سكان منطقة الجليل الشمالية
لأنهم خليط من الوثنيين واليهود وبقية الامم ، وكانوا غير ملتزمين بواجبات دينية اساسية ، فكان بعدهم عن اورشليم وهيكل سليمان وصعوبة التنقل لعدم توفر وسائل نقل غير الدواب يمنعهم من القيام بالحج في الاعياد الكبرى ، وكان فقرهم لا يساعد على دفع ضريبة العشر فييعتبرون طعامهم نجساً .
• ظهرت في مدن الجليل الشمالية ثورات سياسية ضد الرومان المحتلين لأرض اليهود التاريخية ، فقد تزعم احد هذه الثورات يهوذا الجليلي عام 6 م ، وقد قمع الحاكم الروماني بيلاطس تلك الثورات بقسوة ودموية ، حتى ان المسيح قال عنها : لقد مزج بيلاطس دماء الجليليين بدماء ذبائحهم .
• كان اليهود يطبقون عقوبة الاعدام في ذلك الزمان بأربعة طرق :
-;- الرجم للكفار المجدفين على الذات الالهية والزناة .
-;- الحرق من نصيب من مارس الجنس مع فتاة وأمها لأنه محرم شرعا ، او الزانية من السبط الكهنوتي .
-;- الخنق للانبياء الكذبة والابناء الذين يقتلون آبائهم .
-;- قطع الراس بالسيف .
• كانت عقوبة الجلد عند اليهود محددة بتسعة وثلاثين جلدة كي لا يموت المعاقب بسبب الجلد .اما الرومان فكان عدد الجلدات تبعا لحكم القاضي أوهوى الجلاد . وكان الرومان يستخدمون سيورا من الجلد مدعمة بعظام مدببه النهايات لتمزيق الجلد واللحم او بكرات من الرصاص .
• كان الصلب عقوبة اعدام رومانية للمجرمين و تطبق ايضا على الشعوب المحتلة . يحمل المحكوم بالصلب العارضة الافقية للصليب التي يصل وزنها 30 كغم تقريبا ، ويمشي بها من قاعة المحكمة الى موقع الاعدام خارج المدينة ، اما العارضة الشاقولية فتثبت في موقع الاعدام .
يُعرّى المحكوم بالصلب من ثيابه لزيادة تحقيره واهانته ، وتدق مسامير حديدية كبيرة في يديه ويرفع بالحبال مع العارضة الافقية على العارضة الشاقولية ، وتسند الاقدام بقطعة خشبية لاسناد القدمين عليها كي لا تتمزق اليدين من ثقل الجسم ، يسقى المصلوب مزيجا من المر والخل لتخديره وتقليل الامه الفضيعة . وكانت الشريعة اليهودية تحرم ابقاء الجثة معلقة على الخشبة في الليل وللاسراع بموت المصلوب كان الجنود الرومان يكسرون عظام ساقي المصلوب كي يعجز عن الوقوف للتنفس فيموت اختناقاً بسرعة .
• ثار اليهود بسبب الاضطهاد الروماني سنة 66 م . وانتهت ثورتهم بقمعها بشدة من قبل القائد الروماني تيطس وحرق الهيكل سنة 70 م ، تماما كما تنبأ السيد المسيح قبل صلبه . قائلا : ” لن يبقى فيه حجر على حجر ” .
• بقي هيكل سليمان مدمرا ولم يعاد بناءه الى الان ، ويعتقد ان من الاثار الباقية منه هو حائط المبكى .
المصدر
كتاب يسوع التاريخ … لطفي حداد