طارت السكرة وجاءت الفكرة!

wafasultan2015مات شمعون بيريز وشبع موتا…. انتشى الفيسبوكيون العرب على أثر موته وسكروا وعربدوا، وتقيأوا كل مافي وعيهم وما في حيز اللاوعي عندهم.. الله يلعنو الله يحرقو.. الله لا يرحمو… إلى جهنم وبئس المصير… ولم ينجُ الذين حضروا جنازته من المسؤولين العرب من صلواتهم وابتهالاتهم!
….
احتراما لمشاعر العرب اجتمع الله بملائكته وقرر أن لا يرحم بيريز وأن يلعنه ويحرقه في جهنم وبئس المصير! ارتاحت روح الفقيد وسمت إلى نيرفانيتها لأنها لا تحب أن تزور مكانا يقطن به العرب حتى ولو كانت جنة الله!
….
ليس هذا وحسب، بل قرر الله ومن منطلق استجابته لصلوات خير أمة أخرجها للناس، قرر أن يستمر ببركاته على تلك الأمة، فازداد غليان حلب ووصلت النار إلى اليمن مرورا بالأردن ومصر والسعودية، ومازالت بركات الله توهج وتعرج على كل حلبة رقص في هذا الماخور المسمى تجاوزا “العالم العربي”!
….
عاد بي موت بيريز وموقف “مثقفي” العرب منه على الفيس بوك عقودا إلى الوراء… تذكرت مدرس مادة “الصحة العامة” في السنة الثالثة في كلية الطب بجامعة حلب البرفسور زهير حلاج… كان يشرح لنا عن الوقاية من مرض البلهارسيا. البلهارسيا ـ لمن لا يعرف ـ مرض يسببه طفيلي يعيش خلال فترة من حياته داخل قوقع نهري أو بحري، ويخترق جلد الانسان أثناء السباحة أو تعرضه للماء الذي يحوي القوقع. أشار الدكتور حلاج على أن اسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي قضت على كل القواقع الحاملة للطفيلي. وفي سياق محاضرته روى لنا قصة حدثت معه: “زارنا وفد من الأطباء من منظمة الصحة العالمية في سياق رحلة إلى سوريا لمناقشة موضوع كيف نقضي على ذلك القوقع. الوفد يحمل معه تقارير تشير إلى أن المياه في سد الفرات تشكل حاضنا كبيرا لتلك القواقع التي تحمل طفيليات البلهارسيا، ويجب أن نفعل مافي وسعنا للقضاء على تلك القواقع، وطبعا لو تعاونا مع الوفد سيساعدوننا على تلك المهمة. يتابع السيد حلاج: رافقت الوفد في زيارة لمكتب السيد وزير سد الفرات. انتظرنا خارج المكتب حوالي ساعة حتى سمحوا لنا أخيرا بالدخول. ألقيت التحية على الوزير وقدمت الوفد فردا فردا، ثم هممت بشرح المهمة، فرنّ جرس هاتف الوزير وراح يدردش مع المتصل لمدة نصف ساعة ونحن ننتظر. عندما انتهت المحادثة بدأت أشرح المهمة، رن جرس الهاتف مرة أخرى وانتظرنا وقتا آخر. مرت ساعة ونصف بين رنين الهاتف وطرق الباب، احتسينا خلالها الشاي، وودعنا الوزير معتذرين عن تطفلنا على وقته، ثم غادرنا بخفي حنين!
…..
العن ـ يارب ـ بيريز وارحم وزير سد الفرات فلقد كان رجلا يستحق الرحمة!
….
تحضرني هنا عبارة قالتها لي سيدة أمريكية مختصة بالـ
“Anthropology”،
عقب زيارة استطلاعية لمصر: يشخّون في مياه النيل ويشربون منها في آن واحد! وتابعت تقول: القمامة تكاد تطمر القاهرة، والناس قد وصلوا حدا من الاستهتار واللامبالاة لا يوصف!
…..
جمعني مرّة مؤتمر بالسيد بيريز.. اقترب مني بتواضع وصافحني… ولما كنت قادرة على أن أقرأ الناس طاقويا، شعرت بتلك الطاقة الايجابية التي كانت قادرة على بناء دولة تضاهي أقوى دول العالم، وسط بشر حولوا جنانهم إلى جحيم بالمطلق!

لم أتفق مع الفيسبوكيين عندما انتشوا لموته إلا في أمر واحد، وهو موقفهم من المسؤولين العرب الذين حضروا الجنازة… نعم هو خونة! خونة لأنهم يخفون عن يدهم اليسرى ماتفعله اليمنى.. لأنهم منافقون ودجالون.. يرقصون على حبلين، حبل أمام العالم ليوهموه بمواقفهم الداعمة للسلام، وحبل خلف الستار ليوهموا “خير أمة أخرجت للناس” أن اليهود هم الأشد عداوة!
……
عندما خطب اسحق رابين مرحبا بالسادات، قال في خطبته: دعنا ننزع الملح من الماء والرمل من الصحراء والحقد من النفوس! كم ابن ….. من حكامنا سعى إلى تلك المهمة يوما؟؟؟؟ لقد نزعت اسرائيل الملح من الماء وصارت تشرب ماء البحر.. ونزعت الرمل من الصحراء، ولم يبق من ارضها شبر لم يزرع.. ونزعت الحقد من النفوس: هل سمعت أن طائرة اسرائيلة سحقت حيا في اسرائيل وأبادت أهله عن بكرة أبيه؟ هل سمعت أن اسرائيليا قتل اسرائيليا لأنه نشر رسما كاريكاتوريا “يزدرأ” الذات الإلهية؟؟؟ أليس خيركم لله خيركم لأهله؟؟؟؟ يدا بيريز ملطختان بالدماء، وأياديكم أطهر من الطهر!!!!!!! والأنكى من ذلك، نصب الله حثالة من البدو الرعاع ليدافعوا عن ذاته، أليست تلك مهزلة!!!!!
….
عندما “فطس” اسحق رابين وجدوا في حسابه البنكي ألف دولار، وعندما “استشهد” صدّام حسين لم يعثروا في خزائنه على شيء! اللهمّ العن عدوك اسحق رابين، وارحم حبيبك صدام….
*****
اغفر لهم يابيريز لأنهم لا يعلمون ما يفعلون…. ونم قرير العين فأطفالك بخير!

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.