المسئول العربي مثل المقعدة العربية في الحمام العربي, والمسئول الغربي مثل مقعدة الحمام الإفرنجية , إذا أردت أن تغير مقعدة إفرنجية فما عليك إلا أن تستل مفتاح شق نمره 10 وتفك برغيين, ولكن إذا أردت أن تغير مقعدة حمام عربية فأنت تحتاج لتكسير كافة بلاط وأرضية الحمام والجدران بالكامل وإحضار معدات حفر وتطبيش وتدمير وهمرات(شواكيش) وكمبرسيرات حفر لتنظر أمامك وترى صورة من الدمار الشامل , أما المقعدة الإفرنجية فإنك لا ترى صورة مثل تلك الصورة في الحمام(المرحاض) العربي, حتى نغير رئيس جمهورية عربية لا بد أن نضحي بمليون أو 5 ملايين قتيل,وخسائر هائلة بالمعدات والأرواح وحتى نغير رئيس جمهورية إفرنجية فنحن لا نحتاج إلا إلى صندوق اقتراع واحد,أو حملة ومظاهرة احتجاج وورقة وقلم وثلاث أو أربع مقالات صحفية نحن والحمد لله شعوب متناقضة تتهم إسرائيل وأمريكيا بالكيل بمكيالين ونحن أصلا من نتقن هذا الفن ونعلمه للناس, بناؤنا الاجتماعي كله قائم على الظلم والفساد والديكتاتورية وسمعتنا في العالم كله أوسخ من الطين الشتوي.
أحلم هنا بأن أرى صورة تذكارية كالصورة التي تجمع بين رئيس جمهورية فرنسا مع خلفه أو رئيسة أو رئيس الحكومة الألمانية, نحن نمنع أبناءنا من التدخين وننفث في وجوههم كميات كبيرة من سجائر التبغ الخارجة من فوهات أفواهنا,نقول لا في الوقت الذي نريد أن نقول : نعم, ونقول نعم وبودنا لو نقول:لا, نسب ونشتم أمريكيا وزيتنا وأرزنا من أمريكيا وتحمينا عسكريا من أنفسنا, ندعي بأن أمريكيا تحمي الدكتاتوريين العرب أو بعضا منهم, علما أننا نحن الديكتاتوريون ولا توجد في صحفنا صورة تذكارية واحدة لمجموعة من رؤساء الجمهوريات العربية, لا يمكن أن نتنازل عن مقاعدنا ولا حتى لأولادنا إلا إذا وصل الموضوع للدم وقطع الرقاب, نطمع في السلطة ونرتكب الجرائم من أجل الوصول إليها ونعيب على حكامنا تمسكهم بمقاعدهم لأكثر من ربع قرن أو ربعين, في الدورة البرلمانية الماضية قبل سنة قال لي أحد أقربائي: لو ينزل ابني الوحيد للانتخابات لنافسته ونزلت وترشحتُ ضده, بعدها سألته: ما رأيك في الربيع العربي: قال: حكام دكتاتوريين يجب الإطاحة بهم جميعا.
اليوم تلقيت دعوة من أقربائي ونحن في الأردن, من اجل مناقشة موضوع بعض مرشحي الانتخابات المركزية ورئاسة البلدية وعضوية البلدية, وكان هدف الاجتماع الضغط على بعض المرشحين من أجل الانسحاب من ترشيحهم للعضوية, وقبل أن نبدأ في الجلسة العلنية كان هنالك نقاشا جانبيا عن حرب سوريا وحرب العراق وليبيا, والكل مصر على أن بشار الأسد دكتاتور طاغية يجب عليه التنازل عن رئاسة الجمهورية السورية, وكان اشد الناس قبضة على موضوع بشار الأسد هم الأعضاء ومؤازريهم الذين رفضوا بعد ذلك الانسحاب لصالح مرشحين جدد لم يسبق لهم وأن أصبحوا أو كانوا أعضاء في المجلس البلدي, فكان رأيي:
إذا على مستوى عضو مجلس بلدي في قرية نائية وصغيرة أو مدينة صغيرة لم نستطع الضغط عليهم من اجل التنازل لصالح أبناء عمهم وهم من نفس العشيرة أو القبيلة ومن نفس الديانة والملة فكيف مثلا سيقبل رئيس جمهورية كبرى أن يتنازل ويترك منصبه الرئاسي لصالح أناس أو شخص ليس من ملته أو ديانته, فما أغلى الكرسي!!! عضو رئيس بلدية نجح أول مرة بعضوية البلدية وذاق طعم حلاوة المنصب كعضو بلدية فكيف مثلا بمنصب رئيس جمهورية!!.
العرب طبيعتهم دكتاتورية وعقلياتهم عقليات ذكورية أبوية متسلطة, فهنالك عندنا عينات ضخمة وكبيرة تشهد على ما أقول, فمثلا رئيس جمعية خيرية في بلدتنا له ما يقارب على الربع قرن وهو رئيس للجمعية الخيرية, ورئيس نادي أيضا مثله مثله, ورئيس منتدى ثقافي, والأدهى والأمر أن هؤلاء جميعا يناقشون موضوع بشار الأسد باعتباره طاغية لا يريد أن يعطي لباقي السوريين من السُنة فرصة قيادة الجمهورية السورية, الظاهر كما يقول المثل العامي(الجمل ما بشوفش عوجة رقبته), ومدير مدرسة في قريتنا يخرب بتقارير سرية على أقربائه حتى لا يستلم غيره منصبه كمدير, العرب يحبون المناصب السياسية والاجتماعية, وشيخ عشيرة صغيرة جدا في الأردن من الممكن له أن يرتكب عشرات جرائم الكذب والقتل إن لزم الأمر في سبيل المحافظة على وظيفته كشيخ عشيرة, الناس هنا الذين ذاقوا طعم وحلاوة كرسي عضو بلدية يضحون بالغالي والنفيس من أجل العودة مرة أخرى عضوا في البلدية, حلاوة طعم المسئولية لا أحد يضحي بها, فأين نحن من الغرب الكافر كما نزعم أنه كافر, منظر واحد في صورة تذكارية لترامب مع 4 رؤساء أمريكيين سبقوه أتحداكم أن تجدوه ولا في أي دولة عربية, فهل هنالك صورة مثلا لصدام حسين مع 4 أو 3 أو 2 أو حتى رئيس واحد خلفا له؟,طبعا,لا, هل هنالك صورة تذكارية مثلا للقذافي مع رئيس جمهورية ليبيا خلفا له؟,طبعا,لا,هل هنالك صورة لملك عربي مع ملك عربي خلفا له؟ طبعا سيقال النظام الملكي مختلف كليا, ما علينا, اليوم حتى في قريتنا الصغيرة الهادئة لا توجد صورة تذكارية لشيخ عشيرة صغيرة مع شيخ آخر من أقربائه أو أبناء عمه, أريد أن أقول أننا في نهاية الاجتماع العشائري من أجل التوفيق بين المرشحين لم نستطع أن (نمون) – باللغة العامية- أي أن نجبر واحدا للتنازل لصالح مرشح آخر, رغم أن المرشح الآخر أخاه أو ابن عمه ويصلون مع بعضهم في المسجد أو الكنيسة. فكيف مثلا سيتخلى رئيس جمهورية عن منصبه أو يستقيل منه إذا كان عضو بلدية يطلق النار على ابن عمه ومشاجرات عشائرية من أجل منصب عضو بلدية؟ وكيف مثلا لا يفعل ذلك رئيس جمهورية؟ المجتمع العربي هو المحتاج أولا وأخيرا للتغيير وليس الرؤساء, فإذا تغير المجتمع وأصبحت لديه روح رياضية ويقبل بالخسارة أو التنازل ساعتها من الممكن لرئيس جمهورية أن يتخلى عن منصبه.
دعونا نتحضر قليلا ونرى صورة تذكارية لرئيس جمهورية عربية مع رئيس جمهورية أخذ الرئاسة منه بالتنافس الشريف.