صندوق النقد الدولي مقابل المال الوهابي!!

صندوق النقد الدولي مقابل المال الوهابي!!

بقلم: طلال عبدالله الخوري

بعد نجاح الثورتين التونسية والمصرية رأينا تحمس المال الوهابي للاستثمار في هاذين البلدين, وحتما ستتحمس للا ستثمار بسورية بعد ذلك! حيث من الملاحظ بأنه تم نشر دعاية للعامة تصور التمويل الغربي وصندوق النقد الدولي على انها اموال استعمارية تآمرية هدفها السيطرة على البلدان.. وكذا.. وما شابه من هذه الكليشات اليسارية المستهلكة؟
فما حقيقة هذه الكليشات؟؟ وهل التمويل الوهابي لهذه البلدان اقل استعمارية من التمويل الغربي وصندوق النقد الدولي؟؟
في هذه المقالة سأحاول ان اقدم الجواب لهذه الاسئلة بطريقة مبسطة يفهما القارئ الغير مختص.

اولا: لماذا تم انشاء صندوق النقد الدولي وهل هو صندوق خيري لوجه الله كما يقال تهكما؟
اهم مشكلة تقض مضجع الحكومات ورجال الاعمال والاقتصاديين هو مشكلة الكساد الاقتصادي. راجعوا مقالنا: التدخل الحكومي بالسوق الحر.
من اهم طرق منع الكساد هو تحفيز السوق وذلك عن طريق تشجيع الاستثمار بضخ الاموال, وتقليص الضرائب, …الخ.. من طرق تحفيز الاقتصاد المعروفة. من اهم الطرق بمنع الكساد ايضا هو تشجيع وزيادة التبادل التجاري بين الدول وفتح اسواقها على بعضها البعض.
لقد افضت الدراسات الاقتصادية على ان تحسين الاقتصاد بالدول الفقيرة من دول العالم الثالث, حتما سيساهم بزيادة قدرة هذه الشعوب الشرائية, وبالتالي ستزيد من مشتراياتها من الدول الغنية وبهذه الطريقة يتم تحفيز اقتصاد الدول الغنية بالنهاية بطريقة غير مباشرة! فنصحت الدراسات الاقتصادية بالاستثمار باقتصاديات الدول النامية والتي بالنهاية هي استثمار وتحفيز لاقتصاديات الدول الغنية ذاتها التي استثمرت هذه الاموال لتحفيز اقتصاديات الدول النامية, وحتما تم حساب كمية الاموال التي يجب ان تستثمر بهذا المجال ومساهمة كل دولة غنية بهذا الصندوق من قبل اقتصاديين مختصين, وهكذا تم تزكية انشاء صندوق النقد الدولي.
ولما لا , فبالنهاية الجميع يخرج ربحان من هذا التعاون, فالبلدان الغنية ستربح, والبلدان الفقيرة ستربح, والبنك سيربح!
طبعا البنك الدولي مثل اي بنك يريد ضمانات بان الاموال التي سيقرضها ستستخدم بمشاريع جيدة ورابحة وبالتالي سيضمن من أن امواله سيتم اعادتها ولن تذهب هدرا.
من شروط البنك الدولي هو التأكد من عدم صرف القرض لدفع رواتب العمال الذين يعملون بالشركات الحكومية الخاسرة, فمن المعروف بان الشركات الحكومية هي احتكارية وغير تنافسية وبالتالي ستبتلع اي كمية من المال يتم ضخها من دون أي تحسين او تغيير بالاقتصاد. وحتما نحن نذكر بان الدول الاوروبية رفضت اقراض اليونان اي مبلغ لنشلها من ازمتها الاقتصادية, الا عندما تأكدت بان الاموال التي ستقرضها لليونان سيتم استثمارها بشكل جيد, وأول ما طالبت به هو خصخصة قطاع النقل العام الخاسر باليونان, لكي يدخل هذا القطاع سوق المنافسة ويتحول الى شركات رابحة. طبعا عمال النقل باليونان تظاهروا ورفضوا الخصخصة لانهم يرديون ان يحافظوا على رواتبهم الجيدة من دون ان ينافسوا بالسوق! اي عمليا يريدون ان يسرقوا اموال اهلهم بالوطن بقوة القانون.
بشكل مما ثل ايضا يريد ان يتأكد البنك الدولي من ان امواله لن يتم صرفها على الامن والمخابرات لحفظ امن النظام الاستبدادي, لان هكذا استثمار لن يعيد القرض للبنك. وأيضا يريد ان يتأكد البنك الدولي من ان امواله لن يتم صرفها على بناء المساجد ودفع رواتب الائمة والتي هي عبارة عن ابواق للنظام, ليس الا, وحتما لا تساهم بتطوير الاقتصاد واعادة القرض للبنك! وبنفس الطريقة لا يريد البنك الدولي ان يساهم بتمويل جامعة مثل جامعة الازهر والتي هدفها هو التطبيل للنظام ولا تساهم باعداد الخبراء الذين يحتاجهم سوق العمل. وهذه هي من الاسباب الحقيقية وراء رفض الانظمة الاستبدادية العربية مثل النظام السوري وغيره من الانظة المهترئة الاقتراض من البنك الدولي.
من شروط البنك الدولي ايضا التأكد من عدم وجود فساد بالجهاز الحكومي للبلد المقترض, وهذه هي بالضبط نقطة ضعف الانظمة العربية الاستبدادية الحاكمة مثل نظام الاسد السوري ونظام مبارك المصري …الخ. فهم يحرصون بان لا يكشفوا فسادهم دوليا , وهذا هو ايضا من الاسباب الحقيقية لرفضهم الاقتراض من صندوق النقد الدولي. وحتما ليس السبب كما يقولون لنا بابواقهم الدعائية بان صندوق النقد هو استعمار لبلداننا.. او تدخل بشؤننا الداخلية .. او الاعتداء على خصوصيتنا.. الخ.. الخ من هذه الكليشات الهرائية التي يرددونها ليل نهار على مسامعنا لغسيل ادمغة العامة؟؟ هم كذابون من دون شك لان جميع الدول التي استفادت من صندوق النقد الدولي تم تحسين اقتصادها.

ثانيا: التمويل الوهابي في الدول العربية.
كما اكدنا بمقالات سابقة فأن النظام السعودي يشعر بالخطر على عرشه من انتشار الوعي بين افراد شعبه, لذلك فقد اتخد من الاسلمة كأستراتيجية للحفاظ على أمن نظامه. راجعوا مقالنا: رسالة الى خادم الحرمين الشرفين.
يبدوا ان النظام السعودي وبعد ان استشعر الخطر من الثورات العربية, ارد ان يحسن من اسلحته للسيطرة على الشعوب العربية دينيا, لهذا السبب فقد لجأ مؤخرا الى الاستثمار باقتصاديات الدول التي تحررت من الاستبداد وذلك لكي يزيد من وسائله بأسلمة هذه البلدان عن طريق الاحتكار الاقتصادي والذي هو سلاح فعال جدا عندما يجد من يقوم بتنفيذه مثل جماعة الاخوان المسلمين.
ولكي نقوم بايضاح هذه الفكرة, سنقوم باثبات ان ما يقوم به الوهابيون واذنابهم من جماعة الاخوان المسلمين هي جريمة اقتصادية بكل ما للكلمة من معنى ويجب ان يتم الكشف عن هذه الجريمة ومقاضاة مرتكبيها من اخوان الشر والخيانة والعمالة.
يقول الاعلامي المصري عماد اديب بأن الاخوان المسلمين يبيعون السلع الاستهلاكية بمخازنهم وسوبرماركاتهم بكل انحاء مصر حتى اخر قرية, بنصف السعر؟؟ كيف استطاع الاخوان المسلمون بيع المواد الاستهلاكية بنصف السعر؟؟ الجواب حتما تلقوا اموالا (حتما تمويل وهابي من السعودية) لكي يتمكنوا من البيع بهذه الاسعار وشراء الاصوات الاننتخابية بطريقة غير مباشرة؟ عدا عن ان هذه العلمية تعتبر جريمة سياسية بكل ما للكلمة من معنى, ويجب ان يتم تجريمها بالقضاء, لأن كل دساتير العالم المتحضرة فيها مواد قانونية لتجريم مثل هذه العمليات الفاسدة, فهي ايضا جريمة اقتصادية بحق الاقتصاد المصري والشعب المصري بكل ما للكلمة من معنى, وايضا هناك مواد قانونية لتجريم مثل هذه الجرائم الاقتصادية بكل الدساتير المتحضرة! لماذا هذه جريمة اقتصادية بحق الشعب المصري واقتصاده؟ قد يقول قائل من عامة البسطاء, غير مختص بالاقتصاد وهو يبتسم ابتسامة ماكرة, حسنا ان شعبنا يستفيد من اموال الوهابيين الاغبياء ولا ضير في ذلك فليستفد شعبنا الفقير من اموال الاغبياء؟؟.. كلا يا سادة فلم يعد اي اغبياء بالسعودية, حيث لديهم ارفع المستشارين والذين تخرجوا من ارفع الجامعات العالمية, وعندما يقومون بمثل هذا الاستثمار فهم يعرفون ما يخططون له, ويعرفون بان مردوده سيكون عاليا لصالح استقرار انظمتهم؟ وسنثبت بهذا المقال بان ما تقوم به السعودية بكل من مصر وتونس وغدا بسورية واليمن وبكل مكان تستطيع الوصول اليه ما هو الا شكل من اشكال الاستعمار الوهابي الحديث لبلادنا لكي تجدد الاستعمار المسمى فتحا اسلاميا والذي خضعت له بلداننا قبل 1430 سنة وحتى الآن!
في هذه الفقرة لن اتطرق للجانب السياسي لهذه الجريمة وسأدعها لكتاب اخرين, ولكن سأركز على الجانب الاقتصادي لهذه الجريمة! ولكي اوضح هذا الجانب الاقتصادي للجريمة سأعرج على جريمة اقتصادية عالمية مماثلة تم الكشف عنها ومقاضاتها بالمحكمة الاقتصادية الاوروبية وقامت عندها المحكمة الاوروبية بتغريم شركة مايكروسوفت الاميركية بمئات الملايين من الدولارات.
بدأت هذه الجريمة عندما طرحت شركة مايكروسوفت الاميركية متصفح للانترنت وبرمجيات مساعدة مجانا مع حزمتها البرمجية لنظام التشغيل الخاص بها والمسمى (ويندوز) بالاسواق الاوروبية؟ السؤال هنا لماذا طرحت مايكروسوفت هذه البرمجيات مجانا؟؟ هل تحولت شركة مايكروسوفت لمؤسسة خيرية هكذا فجأة؟؟ طبعا لا! فميكروسوفت تحتكر اهم برمجيات الكومبيوترات والتي لا يستطيع اي كمبيوتر العمل بدونها وهو نظام التشغيل. وسبب احتكارها لنظام التشغيل هو انها سبقت جميع الشركات في هذه البرمجيات ولم تستطيع اي شركة بالعالم اللحاق بها ومنافستها حتى الآن على الاقل! البرمجيات التي تأتي بالمرتبة الثانية اهمية بالنسبة لأي كمبيوتر هو متصفح الانترنت! ومن الشئ الطبيعي لشركة مايكروسوفت ان تخطط لاحتكار برمجيات متصفح الانترنت! وذلك عن طريق طرح متصفح مجاني ؟ كيف؟ عندما تطرح مايكروسوفت متصفح مجاني وهي شركة ضخمة وتستطيع ان تتحمل الخسائر الناجمة عن ذلك, لانها تعرف بانه بالمستقبل عندما تحتكر هذه البرمجيات فستستعيد ما خسرته اضعافا مضاعفة عن طريق فرض السعر الذي يناسبها, سيؤدي الى خروج بقية الشركات التي تعمل بالبرمجيات من السوق بسبب الافلاس, وبالتالي ستفقد كل ما تملكه من خبراء واختصاصيين في هذا المجال, والتي كانت قد استثمرت الاموال الطائلة والسنين الطويلة لاعدادهم وتدريبهم, وبالتالي سيهاجر هؤلاء الخبراء يبحثون عن عمل ربما بشركة مايروسوفت ذاتها. حتما اعادة بناء هذه الشركات من جديد سيحتاج الى سنين طويلة واموال طائلة وستبقى هذه الشركات تلهث متآخرة عن مايكروسوفت التي سيكون لها حصة الاسد من الارباح بلا شك ولاجل غير مسمى.
طبعا تنبه الاقتصاديون الاوروبيون لهذه الجريمة الاحتكارية الاقتصادية والتي تخالف القوانين الاقتصادية الواضحة وكسبوا القضية ضد ميكروسوفت.
من هنا نستنتج ما كنا أكدناه بمقالات سابقة, بان العمل الاساسي للحكومات هو التأكد من عدم تمكن اي شركة من احتكار اي سلعة بالسوق, وثانيا العمل على الوصول بالسوق الى السوق التنافسي المثالي قدر الامكان فقط لا غير! اما بناء الوطن فيقوم به تضافر وتكامل جهود المواطنين الشرفاء وسيعيهم لتحسين اوضاعهم ومستقبلهم باستخدام الفكر الحر الخلاق والمبدع, بعيدا عن التدخل الحكومي الاستبدادي
.
بنفس الطريقة يحاول المال الوهابي ان يحتكر المواد الاستهلاكية للمواطن المصري عن طريق البيع بنصف السعر مما سيؤدي بالنتيجة الى خروج رجال الاعمال المصريون ذوي الكفاءات والخبرة في هذا المجال من السوق عبر الافلاس, مما يؤدي بالنهاية الى احتكار لقمة عيش المواطن المصري وبالتالي التحكم بدماغه وفكره وتلقينه ما تريد الوهابية من نشر لفكرها السئ الصيت.
ان خروج الناس الاكفاء والمدربين على التجارة من السوق هو ضربة موجعة للاقتصاد المصري, ولن يستطيع السوق المصري تعويض هذه الخسارة لعقود قادمةّ!
وللتأكيد على ما قلناه, فان وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف يؤكد بأن المملكة العربية السعودية ستشارك بجانب دول عربية أخرى ومؤسسات دولية مانحة في الدعم المالي المقدم لدول الربيع العربي البالغ قيمته 38 مليار دولار؟؟ وأوضح أن تمويل هذا المبلغ سيكون من خلال مؤسسات مالية دولية وبعض الدول العربية إلى جانب مؤسسات مالية أخرى إقليمية منها صندوق النقد العربي؟؟ والبنك العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي؟؟ وكذلك البنك الاسلامي؟؟؟ جميعها بنوك مشبوهة, راجعوا مقالة الدكتور كامل النجار بعنوان: لعنة آل سعود.

مما سبق نستنتج بان الحكومات الوطنية بالدول النامية تلجأ لصندوق النقد الدولي لكي تنمي اقتصادها لانها حكومات وطنية شفافة, اما حكومات الدول الفاسدة الاستبدادية مثل الحكومة السورية وغيرها من الانظمة العربية فأن الشفافية تصيبها بمقتل وتسقط انظمتها ولذلك تتجنب البنك الدولي وشروطه التعجيزية بالنسبة لها وتنعته بشتى الاوصاف من تدخل.. وخصوصيتنا ., واستعمار..الخ.. من هذه الكليشات المستهلكة, وما اكثرها.
المال الوهابي هو مال احتكاري وهو اسوء واكثر استعمارية من المال الدولي حيث يستخدم هذا المال للتحكم بادمغة العامة من مواطنينا بالادلجية الثيوقراطية, لانه لوكان المال الوهابي يريد الاستثمار حقا بالمشاريع الاقتصادية التي تستفيد منها الشعوب فلاولى به ان يستثمر بالبنية التحتية للملكة السعودية حيث غرقت جدة بالامطار لعدم وجود مجاري صحية؟؟

تحياتي للجميع

About طلال عبدالله الخوري

كاتب سوري مهتم بالحقوق المدنية للاقليات جعل من العلمانية, وحقوق الانسان, وتبني الاقتصاد التنافسي الحر هدف له يريد تحقيقه بوطنه سوريا. مهتم أيضابالاقتصاد والسياسة والتاريخ. دكتوراة :الرياضيات والالغوريثمات للتعرف على المعلومات بالصور الطبية ماستر : بالبرمجيات وقواعد المعطيات باكلريوس : هندسة الكترونية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.