في تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال كشفت به عن محاضر سرية لتحقيقات أميركية مع زعيم الجماعة التي تعرف بـ”عصائب أهل الحق في العراق” قيس الخزعلي، حيث كانت إيران تحرك اللعبة في العراق من وراء ستار بعد 2003 بتوفير الدعم المالي والعسكري لقادة الميليشيات.
الخزعلي كان معتقلا لدى القوات الأميركية في 2007 للتحقيق في دوره بمقتل خمسة جنود أميركيين في كربلاء.
يتحدث عن الجهود الإيرانية في تدريب الميليشيا التي كان يقودها، والتي تحولت لاحقا لحزب سياسي، وعن العلاقات بين طهران ورموز سياسية عراقية مثل الرئيس الراحل جلال طالباني ومقتدى الصدر, وكشف الأخير عن تدريبات قدمها الحرس الثوري الإيراني لميليشيات شيعية عراقية في ثلاث قواعد بالقرب من طهران، بينها قاعدة الإمام الخميني التي زارها الخزعلي.
لكن الإيرانيين لم يدربوا الميليشيات الشيعية العراقية بمفردهم، وحسب التحقيقات كان “هناك إيرانيون ولبنانيون من حزب الله يجرون التدريبات في تلك القواعد… الإيرانيون خبراء في الحرب الشاملة بينما اللبنانيون مختصون بحرب الشوارع أو العصابات”, وقد اقترح الإيرانيون أهدافا للهجمات التي نفذتها الميليشيات في العراق وقتئذ، فطلبوا من الميليشيات الشيعية أن تركز بعض هجماتها على القوات البريطانية “لتدفعها للانسحاب” وزيادة الضغط على الولايات المتحدة.
التحقيقات مع الخزعلي مليئة بالتفاصيل حول التعاملات بين الصدر والإيرانيين ورغبة الصدر في التحكم بالمال الإيراني المتدفق إلى الجماعات السياسية في العراق
( نزكي لكم مشاهدة هذه المقابلة مع قيس الخزعلي: الزعيم الشيعي العراقي قيس الخزعلي: تحرير الموصل إنتقام من قتلة الحسين )
وتحدث الخزعلي في التحقيقات عن إمداد الإيرانيين الميليشيات بعبوات ناسفة خارقة للدروع تسببت بمقتل وإصابة مئات من الجنود الأميركيين.
وتقول محاضر التحقيقات إن “المعتقل (الخزعلي) قال إنه يمكن لأي شخص تلقي تدريب على تلك العبوات وإن إيران لا تكترث بمن يحصل عليها… ويرجع هذا إلى رخص ووفرة تلك العبوات”.
الخزعلي اعتقل وحققت معه السلطات الأميركية بعد عملية “مجلس محافظة كربلاء، والتي خططت لها إيران”، حسب ما قال الخزعلي للمحققين.
الهدف من العملية كان تبادل الجنود الأميركيين المفترض اختطافهم بأتباع للصدر احتجزهم التحالف الذي كانت تقوده الولايات المتحدة، غير أن العملية انتهت بمقتل خمسة جنود أميركيين.
تم تسليم الخزعلي للسلطات العراقية في أواخر 2009 بعدما تعهد بأن الميليشيا التي يقودها ستتخلى عن السلاح، وأطلق سراحه بعد ذلك بفترة قصيرة.
انشقت ميليشيا عصائب أهل الحق في 2004 عن جيش المهدي الذي كان يقوده الصدر، لكن العلاقات بين الرجلين شهدت محطات كثيرة قبل أن تتدهور، من تلك المحطات زيارات عدة جمعتهما لإيران.
الخزعلي أفصح للمحققين الأميركيين عن رحلات عديدة لإيران منفردا وصحبة مقتدى الصدر بحثا عن المال والدعم السياسي والسلاح.
وخلال إحدى الزيارات التي قام بها منفردا في 2005، قال الإيرانيون للخزعلي إن على الصدر أن يشارك في الانتخابات العراقية ليضمن “أن يربح (الشعب الشيعي) سيطرة كاملة على البلد والحكومة”.
بعد نحو عقد على التحقيقات الأميركية مع الخزعلي تحول المشهد السياسي العراقي وتبدلت أدوار الرجلين.
الصدر جمد جيش المهدي في أواخر العقد الماضي ويتزعم الآن تيار “سائرون” الذي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في أيار/مايو الماضي.
والخزعلي لا يزال يحتفظ بعلاقات قوية مع إيران حسب الصحيفة الأميركية، وتحولت معه عصائب أهل الحق إلى السياسة لتربح 15 مقعدا في برلمان العراق الجديد.
ويقول الباحث في الشؤون العراقية كيرك سويل لـ “وول ستريت جورنال” إن هذه المقاعد قد تدخل الخزعلي ضمن تحالف أو يستغلها ليصبح صوتا لمعارضة الحكومة المقبلة.
ويوضح أن “كان لديهم مقعد واحد (عصائب أهل الحق) ولعبوا دورا كبيرا لأنه كان لديهم السلاح والآن لديهم 15 مقعدا”.
وتشير الصحيفة إلى أن الصدر كان قد حقق نجاحا بكونه صوتا للمعارضة خلال السنوات القليلة الماضية وقد يكسب الخزعلي نفوذا وشعبية بأسلوب مماثل.