صحافة بطيخ

لشد ما يحزن حين تقرأ خبر لقاء مسؤول رفيع المستوى،على المستوى الامني بشكل خاص،مع سفير او مسؤول اجنبي وتجد عبارة”وقد بحثا القضايا ذات الاهتمام المشترك”.

ان هذه العبارة تمثل استخفافا بعقول الناس بكل المقاييس ، وحين يتمتع البعض من القراء بصبر ويتجول في الشبكة العنكبوتية سيقرأ تفاصيل هذا اللقاء في الصحافة الاجنبية.

امس التقى الوكيل الاقدم في وزارة الداخلية عدنان الاسدي مع السفير الايراني في بغداد وذكر الخبر انه “تم مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك”.

أي ضحك على الذقون ياعالم.. الاسدي يملك ملفات امنية في بلد يعيش على فوهة بركان والسفير الايراني يتابع الوضع العراقي عن كثب ولديه تعليمات محددة في كيفية التصرف. كل هذا والخبر يقول “بحث الجانبان القضايا ذات الاهتمام المشترك؟؟”.

في جميع بلدان العالم هناك قضايا تربط الجميع بهموم مشتركة وليس “ذات الاهتمام المشترك”.

اذن ماالداعي لكتابة مثل هذا الخبر اذا كان لايغني ولا يسمن من جوع؟.

وماذا يهم القارىء العراقي المبتلى بالهم الامني اذا نوقشت القضايا ذات الاهتمام المشترك دون ان يعرف التفاصيل؟.

اذا كانت الحجة عدم نشر التفاصيل لدواع امنية فالافضل عدم نشر الخبر وهو خير للجميع.

لقد كانت وكالة الانباء العراقية ايام زمان هي التي وضعت حجر الاساس لهذه المقولة ولأسباب معروفة ولكن زمن هذه الوكالة ولى واستجدت ظروف جديدة تستدعي ان يعرف المواطن تفاصيل مايجري لأن الامر يتعلق بحياته وامنه.

ماعلينا…

كارثة جديدة وقعت على كاهل المواطن العراقي بعد ان ذكر رئيس لجنة النزاهة بهاء الاعرجي امس ان ملف الفساد الذي رافق انعقاد مؤتمر القمة في بغداد مؤخرا لم يحسم بعد. واذا كان ما ذكره صحيحا فان هذا الفساد مع ،افسدة اخرى، زحفت كالسرطان على كل اجزاء الجسم ولاداعي لأنتظار موته.

يقول الاعرجي:ان الكشوفات التي قدمت عبارة عن كارثة لايمكن السكوت عليها حيث ان القوائم بينت صرف 5 ملايين دولار للقرطاسية 5 ملايين دولار للهدايا المقدمة للرؤوساء وانا رأيت بعيني الهدية وهي عبارة عن نخلة عراقية ذهبية اللون قدمت لكل رئيس فهل يعقل ان سعرها 250 الف دولار!!!

كما ان اجور عمال الضيافة 6 مليون دولار وملابس لهم 500 الف دينار وتأهيل مستشفى ب 9 ملايين دور مستغربآ ماعلاقة القمة العربية والمستشفى !!

وقد كشف ايضآ ملف تأهيل دور الضيافة لبعض المسؤولين الكبار حيث كلف دار ضيافة رئيس الوزراء 1.5 مليون دولار ونائبيه المطلك وشاويس 2 مليون دلار لكل منهم”.

ليس هذا هو المهم.. المهم انهم يعرفون كيف يتحركون وكيف يلبون رغبات الضيوف بما لديهم من صلاحيات .. اما اولاد الملحة فامرهم لله الواحد الأحد.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.