قبل هذا التاريخ كانت المشاكل بين العرب وإسرائيل تتعلق بالحدود,وكان من فرحة الجانب الأردني أثناء توقيع اتفاقية وادي عربه بينه وبين إسرائيل هو أن الأردنيين عرفوا حدود إسرائيل أين تبدأ وأين تنتهي, هذه المشكلة لم تعد مشكلة ضخمة في هذه الأيام في الأردن وسوريا والعراق وإيران والسعودية, اليوم مشكلة الحدود تعتبر إشكالية بسيطة جدا وغير ملفتة للنظر, ذلك أن الصراع الجديد في منطقة الشرق الأوسط وخصوصا في بلاد الشام:الأردن سوريا لبنان…إلخ,وجزء من إيران والعراق بأكمله , نعم, لم يعد الصراع على الحدود وشكل الخريطة الجديدة التي تريد الولايات المتحدة الأمريكية رسمها في المنطقة لا تعترف بالحدود, وهذه الخريطة الجديدة هي الصراع الجديد في الشرق الأوسط حيث باختصار شديد سيتم رسم الحدود على أُسس طائفية ومذهبية ودينية, فستصبح في العراق دول جديدة,أو دول جديدة, حيث للأكراد دولة, وللشيعة دولة, وللسنة دولة, وأول من رسم هذه الحدود الطائفية قبل الولايات المتحدة الأمريكية هو(نور المالكي) الذي همش محافظات السنة في العراق واضطهدها مما أدى لوجود بيئة مناسبة لنمو القاعدة تحت مسمى جديد هو(داعش) أو الدولة الإسلامية في العراق والشام.
الصراع الجديد في حوض البحر الأبيض المتوسط هو صراع إقليمي على أسس طائفية, ولم يتم من جانب البيت الأبيض الاعتراف بالحدود القديمة, مثل الحدود بين الأردن والعراق وبين الأردن وسوريا وبين سوريا والعراق وبين العراق وسوريا, حيث ستتشكل دولٌ جديدة على أسس طائفية ودينية, سنة وشيعة وأكراد, ويبدو أن السحر سينقلب على الساحر حيث أن هذه الخطة أو الأيديولوجية الجديدة ستمتد حتى تصل السعودية وآل سعود أنفسهم, حيث سيذهب آل سعود في مهب الريح ولن تستطيع السعودية أن تنقذ نفسها إذا ما تأخرت عن إيجاد الحل الناجع وبشكل سريع, لأن داعش تهدد الأردن وسوريا وجزء من العراق والسعودية بأكملها على أسس طائفية.
ومن جانب الولايات المتحدة الأمريكية فإنها على الأغلب مستاءة بداية من تهميش المالكي للسنة العراقيين والسعودية كانت لها عدة تصريحات بأن المالكي شخصية طائفية جدا وبامتياز وغير مرحب به في السعودية وهذا ما يفسر لنا عدم استقبال السعودية للمالكي على أراضيها, من هنا بدأت مشكلة الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد دوما أعطاء الجميع حقوقهم وامتيازاتهم على أساس الخبرة والمهارة والثقافة, ولكن الحكام الدكتاتوريين لا يعترفون بالمهارات ولا بالقدرات ولا بالخبرات وإنما يعترفون بالطائفية, هذا ما أدى بأمريكا لأن تدعم داعش من أجل رسم خريطة جديدة في المنطقة وأهمها تقسيم العراق الذي حصل فعلا, فنحن لا نتوقع تقسيم العراق لأنه قد انقسم وانتهى الموضوع, ومعظم الدكتاتوريين العرب الذين ينتمون إلى التعصب الديني والطائفي والمذهبي سوف يتم غزو دولهم جملة وتفصيلا وتقسيمها على أسس طائفية من أجل إعطاء كل ذي حق حقه, ولن تجد أمريكيا أناسا أو جماعة تقف معها في هذا الموضوع إلا المهمشين جملة وتفصيلا وهؤلاء موجودين في سوريا والعراق, لذلك تنظيم داعش الذي لا يعترف بالحدود فكره وأيديولوجيته بيئة مناسبة للتقسيمات الجديدة ومطابقة للفكر الأمريكي, ولكن المشكلة أن الدولة السنية في العراق ستكون دولة فقيرة لا تملك آبار البترول والمال.
السعودية والأردن طبعا سيرفضان هذه الخطة أو الخريطة الدينية والطائفية الجديدة لأنها ستقسم بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية لمصلحة إسرائيل وإيران فقط لا غير, وسيتم تهميش جلالة ملك الأردن وجلالة ملك السعودية وستقع السعودية والأردن في المرحلة القادمة في مشكلة عالمية بمقابل مواجهة الجماعات الإسلامية المتشددة والمسلحة, فقد كانت هنالك قبل هذا التاريخ مشكلة مع الجماعات الإسلامية المتطرفة ومما زاد الطين بلة أنه تم إضافة كلمة(مسلحة) إلى الجماعات الإسلامية المتشددة والمتطرفة.
بمقابل هذه الخريطة الطائفية الجديدة أنا لا ألوم أمريكيا ولا أضع الحق على داعش,وللحديث بقية.