شكرا للرئيس أوباما.. لا خامنئي

كاميليا انتخابي فرد

بعد مرور نحو 34 سنة لا يكاد يذكر الإيرانيون أنهم أووا إلى أفرشتهم يوما دون الإحساس بالقلق، الذي بدأ ذلك مع الثورة ثم الحرب مع العراق التي أعقبتها العقوبات وإمكانية اندلاع حرب أخرى. هذه المرة مع الولايات المتحدة، والأزمة الاقتصادية وكل القضايا الرئيسة الأخرى التي جعلت الإيرانيين يعيشون أزمات مستمرة وخوفا لسنوات.

وجد الإيرانيون الذين عانوا من نتائج الثورة، أنفسهم فجأة في خضم أزمة دولية عندما احتلت مجموعة من الطلبة السفارة البريطانية واحتجزوا دبلوماسيين أميركيين لنحو 444 يوما.

واجه المتعبون من هذه الحوادث والمخاوف في العقد الثالث من الثورة احتمالات مواجهة، هذه المرة مع إسرائيل والولايات المتحدة بشأن الملف النووي المثير للجدل.

الجيل الذي قام بالثورة هم الآن في مرحلة متقدمة من العمر أو ربما قضوا نحبهم، والأجيال الثلاثة التي ولدت بعد الثورة لا تحمل أي ذكريات عن زمن الشاه، لكن ما سمعوه عن تلك الفترة يختلف كلية عما يعانونه في الوقت الراهن.

كانت «الطوارئ» و«نقص الإمدادات» و«المظاهر الغربية» و«المقاومة» أكثر الكلمات شيوعا طوال هذه السنوات. وعندما فاز خاتمي بالرئاسة عام 1997 تزايدت الآمال لدى ملايين الإيرانيين الذين كانوا يحلمون بتغيير وإصلاح النظام.

لم تنجح الحكومة الإصلاحية في إحداث تغييرات كبيرة، والآن مع رئاسة روحاني، رجل الدين المعتدل، بات هناك أمل في إمكانية حدوث انفراجة في الأزمة التي بلغت ذروتها أكثر من أي وقت مضى، وعودة إيران إلى سابق عهدها قبل الثورة.

لن تتحسن أحوال الإيرانيين ما لم تستعد إيران علاقتها مع الولايات المتحدة، وليس بالضرورة أن تكون علاقات دبلوماسية كاملة.

إن الأحداث الجارية في المنطقة بسبب الربيع العربي، الذي لم يحقق النجاح المتوقع، وتبدل الوضع الآن في سوريا يجعل صانعي السياسة الأميركيين يدفعون الرئيس الأميركي إلى طلب مشاركة إيران في المسائل الإقليمية.

لقد سنحت الفرصة التاريخية لإيران عندما تولى باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة. وأظهرت الولايات المتحدة رغبة في إجراء محادثات مباشرة مع إيران خلال حملة أوباما الرئاسية الأولى وبعد فوزه بالرئاسة عبر رسائله إلى إيران. ومما يؤسف له ضياع فرصة التقارب بين البلدين خلال رئاسة أحمدي نجاد. فرغم رغبة الرئيس الإيراني وكل الرسائل التي بعث بها إلى رئيس الولايات المتحدة، فإنه لم يجرِ إحراز أي تقدم بين البلدين.

أهدر الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الفرصة بعد وقت قصير من انتخابه عندما نفى المحرقة وقال ينبغي محو إسرائيل من الخريطة.

تعرض الرئيس أوباما لضغوط كبيرة، بل لم يعد من الممكن له أن ينفتح على رئيس ينفي المحرقة في وقت تشكل فيه إسرائيل الحليف الرئيس الولايات المتحدة.

فرضت عقوبات أشد صرامة وتعرضت إيران لعزلة أكبر نتيجة لطموح آية الله خامنئي في امتلاك التكنولوجيا النووية، التي تلقي بالكثير من الضغوط على كاهل الإيرانيين.

هناك مثل قديم يقول: «الصبر مفتاح الفرج». ويبدو الآن أنه بعد كل هذه الصعوبات والصبر قرر آية الله علي خامنئي المسن تبني توجه وسياسة جديدة، تنقذ الثورة قبل تقاعده أو وفاته. وترك إرث جيد. وأعتقد أن إرثه سيكون التكنولوجيا النووية، التي يعتقد أنه حققها وأن ذلك ما كان ليحدث لولا قيادته.

الجدل الحالي بشأن الكمية التي يمكن لإيران تخصيبها من اليورانيوم ليست مسألة حقيقية. أهمية هذا الجدل هو إنجاز إيران لإتقان هذه التكنولوجيا حتى وإن أوقفوا تخصيب اليورانيوم بدرجة عالية أو وقعوا على البروتوكول الإضافي للسماح للمفتشين بإجراء زيارات مفاجئة.

إذا أدرك آية الله خامنئي هدفه، حينئذ لن يجد أي مشكلة لجعل الحكومة الجديدة تتفاوض مع القوى الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة. وفي الوقت الحالي يتمثل الهدف في تحسين صورة إيران أمام المجتمع الدولي وكسب الاحترام ولعب دور في الأحداث الإقليمية. ويشعر آية الله خامنئي حاليا بالثقة في عدم إمكانية إسقاط الثورة في ظل اعتراف الغرب بالنظام. وتتمثل الأولوية الآن في تحقيق تقدم وتطوير اقتصادي.

بقدر ما كانت هذه السنوات مهمة لآية الله خامنئي لتحسين صورته أمام الرئيس أوباما، فإن السنتين الأخيرتين من فترة رئاسته تعني الكثير والكثير، ولكن بطريقة مختلفة. لقد أراد أوباما تركيز جل جهوده على أن يترك منصبه كرئيس صانع للسلام صاحب مبادرات وأهداف نبيلة، ترمي إلى إغلاق الملف النووي الإيراني قبل مغادرة البيت الأبيض.

دعنا ننتظر ونرى ما إذا كان بإمكان الإيرانيين بعد مرور 34 سنة أن يعيشوا أخيرا حياة عادية مثل العديد من الشعوب الأخرى دون وجود كوابيس وبفضل الرئيس أوباما وليس خامنئي بالتأكيد!
منقول عن الشرق الاوسط

 
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.